روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه (ط - القديمة)، ج‏13، ص: 247

و روى أحمد بن محمد الطبري من ثقاتهم المشهور بالخليلي في كتاب المناقب قال: (خطبة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم) أخبرني محمد بن أبي بكر عبد الرحمن:
قال: حدثني الحسن بن علي أبو محمد الدينوري: قال: حدثنا محمد بن الهمداني قال: حدثنا محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثنا سيف بن عميرة، عن عقبة بن قيس بن سمعان، عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: حج رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من المدينة و قد بلغ جميع الشرائع قومه غير الحج و الولاية فأتاه جبرئيل فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام و يقول لك: إني لم أقبض نبيا من أنبيائي و رسولا من رسلي إلا من بعد كمال ديني و تمام حجتي و قد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغ قومك، فريضة الحج، و فريضة الولاية و الخليفة من بعدك، فإني لم أخل أرضي من حجة و لن أخليها أبدا، و إن الله عز و جل يأمرك أن تبلغ قومك الحج و ليحج معك من استطاع السبيل من أهل الحضر و الأطراف و الأعراب فتعلمهم من حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم، و زكاتهم، و صيامهم و توقفهم من ذلك‏ على مثل الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرائع فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يريد الحج و أن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرائع دينكم و يوقفكم من ذلك على مثل ما أوقفكم قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و خرج معه ناس و صفوا له لينظروا ما يصنع؟ و كان جميع من حج مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من أهل المدينة و الأطراف و الأعراب سبعين ألفا أو يزيدون (على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألفا الذين أخذ عليهم ببيعة هارون فنكثوا و اتبعوا السامري و العجل، و كذلك أخذ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم البيعة لعلي عليه السلام بالخلافة على نحو عدد موسى عليه السلام سبعين ألفا فنكثوا البيعة و اتبعوا العجل سنة سيئة مثلا بمثل) لم يخرم (أي لم يقطع) منه شي‏ء و اتصلت التلبية ما بين مكة و المدينة.
فلما وقف رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بالموقف أتاه جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام و يقول لك إنه قد دنا أجلك و مدتك و إني أستقدمك على ما لا بد منه، و لا عنه محيص، أعهد عهدك و تقدم في قضيتك، و أعهد إلى ما عندك من العلم، و ميراث علوم الأنبياء من قبلك، و السلاح، و التابوت و جميع ما عندك من آيات الأنبياء فسلمه إلى وصيك و خليفتك من بعدك حجتي البالغة على خلقي، علي بن أبي طالب فأقمه للناس و جدد عهدك و ميثاقك و بيعته و ذكرهم ما في الذر من بيعتي و ميثاقي الذي و ثقتهم به و عهدي الذي عهدت إليهم من الولاية لمولاهم و مولى كل مؤمن و مؤمنة، علي بن أبي طالب فإني لم أقبض نبيا إلا من بعد إكمال ديني، و تمام نعمتي بولاية أوليائي، و معاداة أعدائي و ذلك تمام كمال توحيدي و تمام نعمتي على خلقي باتباع وليي و طاعته، و ذلك إني لا أترك أرضي بغير قيم ليكون حجة لي على خلقي فاليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا بوليي و مولى كل مؤمن و مؤمنة على عهدي و وصي نبيي. و الخليفة و حجتي البالغة على خلقي، مقرون طاعته بطاعتي كما هو مقرون طاعة محمد صلى الله عليه و آله و سلم بطاعتي، فمن أطاعه أطاعني، و من عصاه عصاني، جعلته علما بيني و بين خلقي، من عرفه كان مؤمنا، و من أنكره كان كافرا، و من أشرك معه كان مشركا من لقيني بولايته دخل الجنة، و من لقيني بعداوته دخل النار.
فأقم يا محمد عليا و خذ عليه البيعة و جدد عهدي و ميثاقي لهم الذي أوثقتهم عليه فإني قابضك إلى و مستقدمك.
قال: فخشي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قومه أهل إنفاق و الشقاق أن يتفرقوا أو يرجعوا جاهلية لما عرف و عهد من عداوتهم و ما ينطوي على ذلك أنفسهم لعلي عليه السلام من البغضاء و سأل صلى الله عليه و آله جبرئيل عليه السلام أن يسأل ربه العصمة من الناس إلى أن بلغ مسجد الخيف فأمره أن يعهد عهده و يقيم عليا للناس و لم يأته بالعصمة من الناس بالذي أراد حتى إذا أتى كراع الغمم بين مكة و المدينة أتاه جبرئيل عليه السلام فأمره بالذي أتاه قبل و لم يأته بالعصمة فقال: يا جبرئيل إني أخشى قومي أن يكذبوني و لا يقبلون قولي في علي عليه السلام فرفع حتى بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرئيل على خمس ساعات من النهار بالزجر، و الانتهار. و العصمة فكان أولهم قرب الجحفة.
فأمر أن يرد من تقدم منهم و يحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان، و أن يقيمه للناس، و يبلغهم ما أنزل إليه في علي عليه السلام و أخبره أن الله قد عصمه من الناس فأمر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم مناديه ينادي في الناس: الصلاة جامعة و تنحى إلى ذلك الموضع و فيه سلمات‏ «1» فأمر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن تقم ما تحتهن و أن ينصب له أحجار كهيئة منبر يشرف على الناس فرجع أوائل الناس و احتبس أواخرهم.
فقام رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فوق تلك الأحجار فقال: الحمد لله الذي علا بتوحيده و دنا بتفريده، و جل في سلطانه، و عظم في برهانه، ... معاشر الناس: النور من الله مسبوك في، ثمَّ في علي بن أبي طالب عليه السلام، ثمَّ في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله و بكل حق هو لنا على المقصرين و المعاندين، و المخالفين، و الخائنين، و الآثمين، و الظالمين، و الغاصبين من جميع العالمين.
معاشر الناس: أنذركم إني رسول الله قد خلت من قبلي الرسل أ فإن مت أو قتلت‏ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى‏ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ‏، ألا إن عليا الموصوف بالصبر و الشكر، ثمَّ من بعده في ولدي من صلبه.
معاشر الناس‏ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ‏، بل لا تمنوا على الله فينا بما لا يعطيكم و يسخط عليكم و يبتليكم بشواظ مِنْ نارٍ وَ نُحاسٌ‏ إن ربكم‏ لَبِالْمِرْصادِ.
معاشر الناس: سيكون من بعدي‏ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ‏- الله و أنا بريئان منهم و من أشياعهم و أنصارهم، و جميعهم‏ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ- فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ‏، ألا أنهم أصحاب الصحيفة فلينظر أحدكم في صحيفته قال: فذهب على الناس إلا شرذمة منهم أمر الصحيفة.
معاشر الناس: إني أدعها إمامة و وراثة و قد بلغت ما أمرت بتبليغه حجة على كل‏ حاضر و غائب، و على من شهد و لم يشهد فليبلغ حاضركم غائبكم إلى يوم القيمة، و سيجعلون الإمامة بعدي ملكا و اغتصابا، إلا لعن الله الغاصبين و المغتصبين عند ما يفرغ لكم أيها الثقلان من يفرغ فينزل عليكم‏ شُواظٌ مِنْ نارٍ وَ نُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ‏.
معاشر الناس: لن يذركم‏ عَلى‏ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ‏.
معاشر الناس: أنه‏ ما من‏ قرية إلا و الله مهلكها بتكذيبها، و كذلك يهلك قريتكم، و هو المواعد كما ذكر الله في كتابه و هو مني، و من صلبي و الله منجز وعده معاشر الناس قد ضل قبلكم أكثر الأولين فأهلكهم الله و هو مهلك الآخرين، (ثمَّ تلا الآية إلى آخرها) ثمَّ قال: إن الله أمرني و نهاني و قد أمرت عليه و نهيته بأمره فعلم الأمر و النهي لديه فاسمعوا الأمر منه تسلموا، و أطيعوه تهتدوا و انتهوا عما ينهاكم عنه ترشدوا، و لا تتفرق بكم السبل عن سبيله. ... ))
 

معرفی کتاب:

نام كتاب: روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه( ط- القديمة)

نويسنده: مجلسى، محمدتقى بن مقصودعلى‏ ، تاريخ وفات مؤلف: 1070 ق‏

محقق / مصحح: موسوى كرمانى، حسين و اشتهاردى على پناه‏

موضوع: كتب اربعه‏

زبان: عربى‏

تعداد جلد: 14

ناشر: مؤسسه فرهنگى اسلامى كوشانبور

مكان چاپ: قم‏

سال چاپ: 1406 ق‏

نوبت چاپ: دوم‏