عوالم العلوم و المعارف والأحوال-الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام، حديث‏الغدير، ص: 174

الاحتجاج: حدّثني السيّد العالم العابد أبو جعفر مهديّ بن أبي حرب الحسينيّ المرعشي‏  رضي اللّه عنه قال: أخبرنا الشيخ أبو عليّ الحسن بن الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي‏  رضي اللّه عنه، قال:
أخبرني الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر قدس اللّه روحه، قال: أخبرني جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري‏ ، قال: أخبرنا أبو علي محمّد بن همام‏ ، قال: أخبرنا عليّ السوري، قال: أخبرنا أبو محمّد العلوي‏  من ولد الأفطس- و كان من عباد اللّه الصالحين- قال: حدّثنا محمّد بن موسى الهمداني‏ ، قال:
حدّثنا محمّد بن خالد الطيالسي‏ ، قال: حدّثنا سيف بن عميرة ؛ و صالح بن عقبة  جميعا، عن قيس بن سمعان، عن علقمة بن محمّد الحضرمي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام، أنّه قال: حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من المدينة و قد بلّغ جميع الشرائع قومه غير الحجّ و الولاية.
فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال له: يا محمّد! إنّ اللّه جلّ اسمه يقرئك السلام و يقول لك: إنّي لم أقبض نبيّا من أنبيائي، و لا رسولا من رسلي إلّا بعد إكمال ديني و تأكيد حجّتي، و قد بقي عليك من ذلك فريضتان ممّا تحتاج أن تبلّغهما  قومك:
فريضة الحجّ، و فريضة الولاية و الخلافة من بعدك، فإنّي لم أخل أرضي من حجّة و لن اخليها أبدا. و إنّ اللّه جلّ ثناؤه يأمرك أن تبلّغ قومك الحجّ، و تحجّ و يحجّ معك [كلّ‏] من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر و الأطراف و الأعراب، و تعلّمهم من معالم حجّهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم، و زكاتهم، و صيامهم، و توقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلّغتهم من الشرائع؛ فنادى منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الناس:
ألا إنّ رسول اللّه يريد الحجّ، و أن يعلّمكم من ذلك مثل الّذي علّمكم من شرائع دينكم، و يوقفكم من ذاك على [مثل‏] ما أوقفكم عليه من غيره.
فخرج صلّى اللّه عليه و آله و خرج معه الناس، و أصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله، فحجّ بهم، و بلغ من حجّ مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من أهل المدينة و أهل‏ الأطراف و الأعراب سبعين ألف انسان أو يزيدون، على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون، فنكثوا و اتّبعوا العجل و السامري؛ و كذلك أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله البيعة لعليّ بالخلافة على [نحو] عدد أصحاب موسى، فنكثوا البيعة و اتّبعوا  العجل و السامريّ سنّة بسنّة، و مثلا بمثل [لم يخرم منه شي‏ء] و اتّصلت التلبية ما بين مكّة و المدينة؛ فلمّا وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالموقف، أتاه جبرئيل عليه السلام عن اللّه عزّ و جل فقال: يا محمّد! إنّ اللّه عزّ و جلّ يقرئك السلام و يقول لك:
إنّه قد دنا أجلك و مدّتك، و أنا مستقدمك على ما لا بدّ منه و لا عنه محيص، فاعهد عهدك، و قدّم وصيّتك، و اعمد إلى ما عندك من العلم و ميراث علوم الأنبياء من قبلك، و السلاح و التابوت و جميع ما عندك من آيات‏  الأنبياء، فسلّمها إلى وصيّك و خليفتك من بعدك، حجّتي البالغة على خلقي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فأقمه للناس علما، و جدّد عهده و ميثاقه و بيعته، و ذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي و ميثاقي الّذي واثقتهم به، و عهدي الّذي عهدت إليهم من ولاية وليّي و مولاهم و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فإنّي لم أقبض نبيّا من الأنبياء إلّا من بعد إكمال ديني [و حجّتي‏] و إتمام نعمتي بولاية أوليائي، و معاداة أعدائي؛ و ذلك كمال توحيدي و ديني، و إتمام نعمتي على خلقي باتّباع وليّي و طاعته؛ و ذلك أنّي لا أترك أرضي بغير [وليّ، و لا] قيّم، ليكون حجّة لي على خلقي، ف الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً بولاية وليّي‏ ، و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة «عليّ» عبدي و وصيّ نبيّي، و الخليفة من بعده، و حجّتي البالغة على خلقي، مقرون طاعته بطاعة محمّد نبيّي، و مقرون طاعته مع طاعة محمّد بطاعتي، من أطاعه فقد أطاعني، و من عصاه فقد عصاني؛ جعلته علما بيني و بين خلقي، من عرفه كان مؤمنا، و من أنكره كان كافرا، و من‏ أشرك بيعته كان مشركا، و من لقيني بولايته دخل الجنّة، و من لقيني بعداوته دخل النار، فأقم يا محمّد عليّا علما و خذ عليهم البيعة، و جدّد عهدي و ميثاقي [لهم‏] الّذي واثقتهم عليه، فإنّي قابضك إليّ و مستقدمك عليّ.
فخشي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله [من‏] قومه و أهل النفاق و الشقاق أن يتفرّقوا و يرجعوا إلى جاهلية، لما عرف من عداوتهم، و لما تنطوي عليه أنفسهم لعليّ عليه السلام من العداوة و البغضاء، و سأل جبرئيل أن يسأل ربّه العصمة من الناس، و انتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس عن اللّه جلّ اسمه.
فأخّر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف‏ ، فأتاه جبرئيل عليه السلام في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده، و يقيم عليّا علما للناس [يهتدون به‏]، و لم يأته بالعصمة من اللّه جلّ جلاله بالّذي أراد، حتى بلغ كراع الغميم- بين مكّة و المدينة- فأتاه جبرئيل و أمره بالّذي أتاه فيه من قبل اللّه، و لم يأته بالعصمة.
فقال: يا جبرئيل! إنّي أخشى قومي أن يكذّبوني و لا يقبلوا قولي في عليّ.
[فسأل جبرئيل كما سأل بنزول آية العصمة، فأخّره ذلك‏] فرحل.
فلمّا بلغ غدير خمّ قبل الجحفة بثلاثة أميال، أتاه جبرئيل عليه السلام على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر و الانتهار و العصمة من الناس.
فقال: يا محمّد! إنّ اللّه عزّ و جلّ يقرئك السلام و يقول لك:
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ‏- في عليّ- وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ‏.
و كان أوائلهم قريب من الجحفة، فأمر بأن يردّ من تقدّم منهم، و يحبس [من‏] تأخّر عنهم في ذلك المكان، ليقيم عليّا علما للناس، و يبلّغهم ما أنزل اللّه تعالى في عليّ، و أخبره بأنّ اللّه عزّ و جلّ قد عصمه من الناس؛ فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله- عند ما جاءته العصمة- مناديا ينادي في الناس بالصلاة جامعة، و يردّ من تقدّم منهم، و يحبس من تأخّر، و تنحّى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير، أمره بذلك جبرئيل عن اللّه عزّ و جلّ، و كان في الموضع سلمات‏ ، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يقمّ ما تحتهنّ، و ينصب له أحجار  كهيئة المنبر ليشرف على الناس، فتراجع الناس و احتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون؛ فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوق تلك الأحجار، ثم حمد اللّه تعالى و أثنى عليه فقال: الحمد للّه الذي علا في توحّده، و دنا في تفرّده، و جلّ في سلطانه، و عظم في أركانه‏ ،... و اقرّ له على نفسي بالعبوديّة، و أشهد له بالربوبيّة، و اؤدّي ما أوحى [به‏] إليّ حذرا من أن لا أفعل فتحلّ بي منه قارعة  لا يدفعها عنّي أحد و إن عظمت حيلته؛ لا إله إلّا هو، لأنّه قد أعلمني أنّي إن لم ابلّغ ما أنزل إليّ فما بلّغت رسالته، و قد ضمن لي تبارك و تعالى العصمة، و هو اللّه الكافي الكريم، فأوحى إليّ:
بسم اللّه الرحمن الرحيم‏ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ‏- في عليّ يعني في الخلافة لعليّ بن أبي طالب عليه السلام- وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ‏.
معاشر الناس‏ ! ما قصّرت في تبليغ ما أنزل [اللّه تعالى‏] إليّ؛ و أنا مبيّن لكم سبب [نزول‏] هذه الآية:
إنّ جبرئيل عليه السلام هبط إليّ مرارا- ثلاثا- يأمرني عن السلام ربّي و هو السلام‏ ، أن أقوم في هذا المشهد فاعلم كلّ أبيض و أسود: أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام أخي، و وصيّي، و خليفتي، و الإمام من بعدي، الّذي محلّه منّي محلّ هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي، و هو وليّكم [من‏] بعد اللّه و رسوله، و قد أنزل اللّه تبارك و تعالى عليّ بذلك آية من كتابه‏ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏  و عليّ بن أبي طالب عليه السلام [الّذي‏] أقام الصلاة، و آتى الزكاة و هو راكع يريد اللّه عزّ و جلّ في كلّ حال.
و سألت جبرئيل أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم أيّها النّاس، لعلمي بقلّة المتّقين و كثرة المنافقين، و أدغال‏  الآثمين، و ختل‏  المستهزئين بالإسلام، الّذين وصفهم اللّه في كتابه بأنّهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، و يحسبونه هيّنا و هو عند اللّه عظيم، و كثرة أذاهم لي في غير مرّة حتّى سمّوني اذنا ، و زعموا أنّي كذلك لكثرة ملازمته إيّاي و إقبالي عليه، حتّى أنزل اللّه عزّ و جلّ في ذلك [قرآنا]: وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ‏- على الّذين يزعمون‏  أنّه اذن- خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ‏ الآية .
و لو شئت أن اسمّي [القائلين بذلك‏] بأسمائهم لسمّيت، و أن أومئ إليهم بأعيانهم لأومأت، و أن أدلّ عليهم لدللت، و لكنّي- و اللّه- في امورهم قد تكرّمت، و كلّ ذلك لا يرضي اللّه منّي إلّا أن ابلّغ ما أنزل إليّ، ثم تلا صلّى اللّه عليه و آله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ‏- في عليّ- وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ‏.
فاعلموا معاشر الناس أنّ اللّه قد نصبه لكم وليّا و إماما، مفترضة طاعته على المهاجرين و الأنصار و على التابعين لهم بإحسان، و على البادي و الحاضر، و على الأعجميّ و العربيّ، و الحرّ و المملوك، و الصغير و الكبير، و على الأبيض و الأسود، و على كلّ موحّد، ماض حكمه، جائز قوله، نافذ أمره، ملعون من خالفه، مرحوم من تبعه (مؤمن من)  صدّقه، فقد غفر اللّه له و لمن سمع منه و أطاع له.
معاشر الناس! إنّه آخر مقام أقومه في هذا المشهد ، فاسمعوا و أطيعوا و انقادوا لأمر ربّكم، فإنّ اللّه عزّ و جلّ هو مولاكم‏  و إلهكم، ثمّ من دونه [رسولكم‏] محمّد صلّى اللّه عليه و آله وليّكم القائم المخاطب لكم، ثمّ من بعدي عليّ وليّكم و إمامكم بأمر [اللّه‏] ربّكم، ثمّ الإمامة في ذريّتي من ولده إلى يوم تلقون اللّه و رسوله.
لا حلال إلّا ما أحلّه اللّه [و رسوله و هم‏] و لا حرام إلّا ما حرّمه اللّه [و رسوله و هم‏] عرّفني الحلال و الحرام، و أنا أفضيت بما علّمني ربّي من كتابه و حلاله و حرامه إليه.
معاشر الناس! ما من علم إلّا و قد أحصاه اللّه فيّ، و كلّ علم علمت فقد أحصيته في إمام المتّقين، و ما من علم إلّا و قد علّمته عليّا، و هو الإمام المبين.
معاشر الناس! لا تضلّوا عنه، و لا تنفروا منه، و لا تستنكفوا  من ولايته فهو الّذي يهدي إلى الحقّ و يعمل به، و يزهق الباطل و ينهى عنه، و لا تأخذه في اللّه لومة لائم.
ثم إنّه أوّل من آمن باللّه و رسوله، و هو الّذي فدى رسوله‏  بنفسه، و هو الّذي كان مع رسول اللّه و لا أحد يعبد اللّه مع رسوله من الرجال غيره.
معاشر الناس! فضّلوه فقد فضّله اللّه، و اقبلوه فقد نصبه اللّه. معاشر الناس! إنّه إمام من اللّه و لن يتوب اللّه على أحد أنكر ولايته و لن يغفر له حتما على اللّه أن يفعل ذلك بمن خالف أمره [فيه‏]، و أن يعذّبه عذابا [شديدا] نكرا أبد الآباد و دهر الدهور، فاحذروا أن تخالفوه فتصلوا نارا وقودها الناس و الحجارة اعدّت للكافرين.
أيّها الناس! بي- و اللّه- بشّر الأوّلون من النبيّين و المرسلين، و أنا خاتم الأنبياء و المرسلين، و الحجّة على جميع المخلوقين، من أهل السماوات و الأرضين؛ فمن شكّ في ذلك فهو كافر كفر الجاهلية الاولى، و من شكّ في شي‏ء من قولي هذا فقد شكّ في الكلّ منه، و الشاكّ في ذلك فله النار.
معاشر الناس! حباني اللّه بهذه الفضيلة منّا منه عليّ، و إحسانا منه إليّ، و لا إله إلّا هو، له الحمد منّي أبد الآبدين و دهر الداهرين على كلّ حال.
معاشر الناس! فضّلوا عليّا فإنّه أفضل الناس بعدي من ذكر و انثى، بنا أنزل اللّه الرزق و بقي الخلق. ملعون ملعون، مغضوب مغضوب من ردّ عليّ قولي هذا و لم يوافقه، ألا إنّ جبرئيل خبّرني عن اللّه تعالى بذلك و يقول:
«من عادى عليّا و لم يتولّه فعليه لعنتي و غضبي».
وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَ اتَّقُوا اللَّهَ‏- أن تخالفوه فتزلّ قدم بعد ثبوتها- إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ‏ .
معاشر الناس! إنّه جنب اللّه الّذي ذكر في كتابه، فقال تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ‏ .
معاشر الناس! تدبّروا القرآن، و افهموا آياته، و انظروا إلى محكماته، و لا تتّبعوا متشابهه، فو اللّه لن يبيّن لكم زواجره، و لا يوضّح لكم تفسيره إلّا الّذي أنا آخذ بيده و مصعّده إليّ و شائل بعضده، و معلمكم: أنّ من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه و هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام أخي و وصيّي، و موالاته من اللّه عزّ و جلّ أنزلها عليّ.
بن أبي طالب عليه السلام أخي و وصيّي، و موالاته من اللّه عزّ و جلّ أنزلها عليّ.
معاشر الناس! إنّ عليّا و الطيّبين من ولدي [و ولده‏] هم الثقل الأصغر، و القرآن الثقل الأكبر، فكلّ واحد منبئ عن صاحبه، و موافق له لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، هم‏  امناء اللّه في خلقه، و حكماؤه في أرضه؛ ألا و قد أدّيت، ألا و قد بلّغت [ألا و قد أسمعت‏] ألا و قد أوضحت، ألا و إنّ اللّه عزّ و جلّ قال و أنا قلت عن اللّه عزّ و جلّ، ألا إنّه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا، و لا تحلّ إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره.
ثمّ ضرب بيده إلى عضده فرفعه، و كان منذ أوّل ما صعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله‏  شال‏  عليّا حتى صارت رجله مع ركبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، ثم قال:
معاشر الناس! هذا عليّ أخي، و وصيّي، و واعي علمي، و خليفتي على أمّتي، و على تفسير كتاب اللّه عزّ و جلّ، و الداعي إليه، و العامل بما يرضاه، و المحارب لأعدائه، و الموالي على طاعته، و الناهي عن معصيته، خليفة رسول اللّه، و أمير المؤمنين، و الإمام الهادي، و قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين بأمر اللّه.
أقول: ما يبدّل القول لديّ بأمر ربّي.
أقول: اللّهمّ وال من والاه، و عاد من عاداه، و العن من أنكره، و اغضب على من جحد حقّه.
اللّهمّ إنّك أنزلت عليّ أنّ الإمامة [بعدي‏] لعليّ وليّك عند تبياني ذلك‏  و نصبي‏ إيّاه بما أكملت لعبادك من دينهم، و أتممت عليهم بنعمتك‏ ، و رضيت لهم الإسلام دينا، فقلت: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ‏  اللّهمّ إنّي اشهدك [و كفى بك شهيدا] أنّي قد بلّغت.
معاشر الناس: إنّما اكمل اللّه عزّ و جلّ دينكم بإمامته؛ فمن لم يأتمّ به و بمن يقوم مقامه من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة و العرض على اللّه عزّ و جلّ، فاولئك [الذين‏] حبطت أعمالهم و في النار هم فيها خالدون، لا يخفّف عنهم العذاب و لا هم ينظرون.
معاشر الناس! هذا عليّ أنصركم لي، و أحقّكم بي، و أقربكم إليّ، و أعزّكم عليّ، و اللّه عزّ و جلّ و أنا عنه راضيان.
و ما نزلت آية رضا إلّا فيه، و ما خاطب اللّه الّذين آمنوا إلّا بدأ به. و لا نزلت آية مدح في القرآن إلّا فيه.
و لا شهد [اللّه‏] بالجنّة في‏ هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ‏  إلّا له، و لا أنزلها في سواه، و لا مدح بها غيره.
معاشر الناس! هو ناصر دين اللّه، و المجادل عن رسول اللّه، و هو التقيّ النقيّ الهادي المهدي، نبيّكم خير نبيّ، و وصيّكم خير وصيّ، و بنوه خير الأوصياء.
معاشر الناس! ذريّة كلّ نبيّ من صلبه، و ذريّتي من صلب عليّ عليه السلام.
معاشر الناس! إنّ إبليس أخرج آدم من الجنّة بالحسد، فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم و تزلّ أقدامكم، فإنّ آدم اهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة، و هو صفوة اللّه عزّ و جلّ، و كيف بكم و أنتم أنتم و منكم أعداء اللّه، ألا إنّه لا يبغض عليّا إلّا شقيّ، و لا يتوالى عليّا إلّا تقيّ، و لا يؤمن به إلّا مؤمن مخلص.
و في عليّ- و اللّه- نزلت سورة العصر: بسم اللّه الرحمن الرحيم‏ وَ الْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ  إلى آخرها.
معاشر الناس! قد استشهدت اللّه و بلّغتكم رسالتي، و ما على الرسول إلّا البلاغ المبين.
معاشر الناس! اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ‏ .
معاشر الناس! آمنوا باللّه و رسوله و النور الذي انزل معه‏ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى‏ أَدْبارِها [أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ‏ ؛ ما عنى بهذه الآية إلّا قوما من أصحابي أعرفهم بأسمائهم و أنسابهم و قد امرت بالصفح عنهم، فليعمل كلّ امرئ على ما يجد لعليّ في قلبه من الحبّ و البغض‏].
معاشر الناس! النور من اللّه عزّ و جلّ فيّ مسلوك، ثمّ في عليّ، ثمّ في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحقّ اللّه و بكلّ حقّ هو لنا، لأنّ اللّه عزّ و جلّ قد جعلنا حجّة على المقصّرين و المعاندين و المخالفين و الخائنين‏  و الآثمين و الظالمين [و الغاصبين‏] من جميع العالمين.
معاشر الناس! انذركم أنّي رسول اللّه قد خلت من قبلي الرسل، أ فإن متّ أو قتلت‏ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى‏ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ‏ .
ألا و إنّ عليّا هو الموصوف بالصبر و الشكر، ثمّ من بعده ولدي من صلبه.
معاشر الناس! لا تمنّوا على اللّه إسلامكم فيسخط عليكم و يصيبكم بعذاب من عنده إنّه لبالمرصاد.
معاشر الناس! [إنّه‏] سيكون من بعدي أئمّة يدعون‏ إلى‏ النار و يوم‏ القيامة لا ينصرون‏.
معاشر الناس! إنّ اللّه و أنا بريئان منهم. ... ))
 

معرفی کتاب:

نام كتاب: عوالم العلوم و المعارف والأحوال- الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام

نويسنده: بحرانى اصفهانى، عبد الله بن نور الله‏ ، تاريخ وفات مؤلف: قرن 12

محقق / مصحح: موحد ابطحى اصفهانى، محمد باقر

موضوع: كلام‏

زبان: عربى‏

تعداد جلد: 2

ناشر: مؤسسة الإمام المهدى عجّل الله تعالى فرجه الشريف‏

مكان چاپ: ايران؛ قم‏

سال چاپ: 1382 ش‏

نوبت چاپ: دوم‏