آیات 51 - 52 سوره قلم : تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ‏ «إن» هي المخفّفة و «اللّام» دليلها، و المعنى: أنّهم لشدّة عداوتهم ينظرون إليك شزرا بحيث يكادون يزلّون قدمك أو يرمونك، من قولهم: نظر إليّ نظرا يكاد يصرعني، أي: لو أمكنه بنظره الصّرع لفعله. أو أنّهم يكادون‏  يصيبونك بالعين، إذ
______________________________
(6) كذا في أنوار التنزيل 2/ 498. و في النسخ:
يكاد.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏13، ص: 396

روي‏  أنّه كان في بني أسد عيّانون، فأراد بعضهم على أن يعين رسول اللّه فنزلت.
و قرأ  نافع: «ليزلقونك» [من زلقته‏]  فزلق، كخزنته.
و قرئ‏ : «ليزهقونك»، أي: ليهلكونك.
لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ، أي: القرآن، أي: ينبعث عند سماعه بغضهم و حسدهم.
وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ‏ (51): حيرة في أمره، و تنفيرا عنه.
وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ‏ (52): جنّنوه‏  لأجل القرآن، بيّن أنّه ذكر عام، لا يدركه و لا يتعاطاه إلّا من كان أكمل النّاس عقلا و أمثلهم رأيا.
و
في الكافي‏ : محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن‏ ، عن الحجّال، عن عبد الصّمد بن بشير، عن حسّان الجمّال قال: حملت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- من المدينة إلى مكّة، فلمّا انتهينا إلى مسجد الغدير نظر إلى ميسرة المسجد،

فقال:
ذاك موضع قدم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- حيث قال: من كنت مولاه، فعليّ‏  مولاه.
ثمّ نظر إلى الجانب الاخر، فقال:
ذاك موضع‏  فسطاط أبي فلان، و فلان، و سالم، مولى أبي حذيفة، و أبي عبيدة بن الجرّاح، فلمّا أن رأوه رافعا يده قال بعضهم لبعض: انظروا إلى عينيه تدوران‏  كأنّهما عينا مجنون. فنزل جبرئيل بهذه الاية: وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ [وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ‏.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم‏ : و قوله: وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ]  قال: لمّا أخبرهم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- بفضل.
______________________________
1 و 2- نفس المصدر و الموضع.
(3) ليس في ق.
(4) نفس المصدر و الموضع.
(5) كذا في نفس المصدر و الموضع. و في النسخ:
خبوه.
(6) الكافي 4/ 566- 567، ح 2.
(7) المصدر: الحسين.
(8) ق، ش، م: فهذا عليّ.
(9) يوجد في ي، المصدر.
(10) كذا في نور الثقلين 5/ 399، ح 62. و في النسخ و المصدر: تدور.
(11) تفسير القمّي 2/ 383.
(12) يوجد في ن، ي، ر.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏13، ص: 397

أمير المؤمنين‏ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ‏  فقال اللّه- سبحانه-: وَ ما هُوَ، يعني: أمير المؤمنين‏ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ‏.
و في روضة الكافي‏ : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن سليمان، عن عبد اللّه بن محمّد اليمانيّ، عن مسمع بن الحجّاج، عن صباح الحذّاء، عن صباح المزنيّ، عن جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: لمّا أخذ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- بيد عليّ- عليه السّلام- يوم الغدير صرخ إبليس في جنوده صرخة، فلم يبق منهم [أحد]  في بر و لا بحر إلّا أتاه.

فقالوا: يا سيّدهم و مولاهم‏ ، ما ذا دهاك؟ فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه.
فقال لهم: قد فعل هذا النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- فعلا إن تمّ لم يعص اللّه أبدا.
فقالوا: يا سيّدهم، أنت كنت لآدم.
فلمّا قال المنافقون: إنّه ينطق عن الهوى، و قال أحد هما لصاحبه: أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنّه مجنون، يعنون. رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- صرخ إبليس صرخة بطرب‏ ، فجمع أولياءه، فقال: أما علمتم أنّي كنت لآدم من قبل؟
قالوا: نعم.
قال: آدم نقض العهد و لم يكفر بالرّبّ، و هؤلاء نقضوا العهد و كفروا بالرّسول.
(الحديث)

و في مجمع البيان‏ : لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ‏، أي: ليزلقونك، أي: ليقتلونك و يهلكونك. عن ابن عبّاس، و كان يقرأها كذلك.
______________________________
(1) في المصدر بدلها: قالوا هو مجنون.
(2) الكافي 8/ 344، ح 542.
(3) من المصدر.
(4) أي: قالوا: يا سيّدنا و مولانا. و إنّما غيره لئلا يوهم انصرافه إليه- عليه السّلام-. و هذا شائع في كلام البلغاء في نقل أمر لا يرضى القائل لنفسه.
... و قوله: «ما ذا دهاك». يقال: دهاه: إذا أصابته داهية. هامش تفسير نور الثقلين 5/ 147 نقلا عن المجلسي- رحمه اللّه- في مراة العقول)
(5) كذا في المصدر. و في النسخ: بطرت.
(6) المجمع 5/ 341.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏13، ص: 398

و قيل‏ : ليصرعونك [عن الكلبي.
و قيل‏ : يصيبونك‏]  بأعينهم عن السّدي.
و الكلّ يرجع في المعنى إلى الإصابة بالعين، و المفسّرون كلّهم على أنّه المراد في الاية.
و أنكر الجبائي‏  ذلك و قال: إنّ إصابة العين لا تصحّ. و قال عليّ بن العبّاس‏  الرّمّانيّ‏ . و هذا الّذي ذكره غير صحيح، لأنّه غير ممتنع أن يكون اللّه أجرى العادة بصحّة ذلك لضرب‏  من المصلحة، و عليه إجماع المفسّرين، و جوّزه‏  العقلاء فلا مانع منه.

و جاء في الخبر : أنّ أسماء بنت عميس قالت: يا رسول اللّه، إنّ بني جعفر تصيبهم العين فأسترقي‏  لهم؟
قال: نعم، فلو كان‏  شي‏ء يسبق القدر لسبقه العين.
و في أصول الكافي‏ : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن القدّاح، عن أبيه عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: رقى‏  النبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- حسنا و حسينا فقال:
أعيذ كما بكلمات اللّه التّامّة و أسمائه الحسنى‏  كلّها عامّة، من شرّ السّامّة و الهامّة، و من شر كلّ عين لامّة، و من شرّ حاد إذا حسد.
ثمّ التفت النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- إلينا فقال: هكذا كان يعوّذ إبراهيم إسماعيل و إسحاق.

و في شرح الآيات الباهرة : [قال محمّد بن العبّاس: حدّثنا]  الحسن بن أحمد
______________________________
1 و 2- نفس المصدر و الموضع.
(3) من المصدر.
(4) نفس المصدر و الموضع.
(5) المصدر: عيسى.
(6) ن: الدمائي.
(7) كذا في المصدر. و في النسخ: الضرب.
(8) كذا في المصدر. و في النسخ: وجوه.
(9) نفس المصدر و الموضع.
(10) الرقية: العوذة. و هي الّتي تكتب و تعلّق على الإنسان من العين و الفزع و الجنون.
(11) في المصدر زيادة: كلّ.
(12) الكافي 2/ 569، ح 3.
(13) كذا في المصدر. و في النسخ: قال.
(14) ليس في ن.
(15) تأويل الآيات الباهرة 2/ 713، ح 6.
(16) ليس في ق، ش، م.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏13، ص: 399

المالكيّ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد اللّه بن سنان، عن الحسين‏  الجمال قال: حملت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- من المدينة إلى مكّة، فلمّا بلغ غدير خمّ نظر إلى و قال.
هذا موضع قدم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- حين أخذ بيد عليّ و قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه. و كان عن يمين الفسطاط أربعة نفر من قريش- سمّاهم لي- فلمّا نظروا إليه و قد رفع يده حتّى بان بياض إبطيه قالوا:
انظروا إلى عينيه قد انقلبتا، كأنّهما عينا مجنون! فأتاه جبرئيل فقال: اقرأ وَ إِنْ يَكادُ (الآية) و الذّكر: عليّ- عليه السّلام-.
فقلت: الحمد للّه الّذي أسمعني هذا منك.
فقال: لو لا أنّك جمّالي لما حدّثتك بهذا، لأنّك لا تصدق إذا رويت عنّي.
______________________________
(1) المصدر: الحسّان.

نسخه شناسی

درباره مولف

کتاب شناسی