آیات 51 - 52 سوره قلم : عقود المرجان في تفسير القرآن

عقود المرجان في تفسير القرآن، ج‏5، ص: 198

[سورة القلم (68): آية 51]
وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)
«وَ إِنْ يَكادُ». إن هي المخفّفة من المثقّلة. أي: إنّه يكاد و يقارب‏ «الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ» و يهلكونك. و قيل: يصيبونك. و الإصابة بالعين هو المراد في الآية. و أنكره الجبّائيّ و قال:

إنّ إصابة العين لا تصحّ. و أبطله الرمّانيّ بأنّه غير ممتنع أن يكون اللّه أجرى العادة بصحّة ذلك لضرب من المصلحة. و عليه إجماع المفسّرين. و في الخبر أنّ أسماء بنت عميس قالت لرسول اللّه: إنّ بني جعفر تصيبهم العين. فأسترقي لهم؟ قال: نعم. و لو كان شي‏ء يسبق القدر، لسبقته العين. «بِأَبْصارِهِمْ». قيل: إنّ الرجل منهم كان إذا أراد أن يصيب صاحبه بالعين، تجوع ثلاثة أيّام ثمّ كان يصفه و يصرعه بذلك كأن يقول: ما أرى إبلا مثل هذه الإبل. فقالوا للنبيّ مثل ما كانوا يقولون لمّا أرادوا أن يصيبوه بالعين. و قيل: معناه: انّهم ينظرون إليك عند تلاوة القرآن و الدعاء إلى التوحيد نظر عداوة و بغض و إنكار لما يسمعونه فيكادون يصرعونك بحدّة نظرهم و يزيلونك عن موضعك. و هذا مستعمل في الكلام؛ يقولون: نظر فلان إليّ نظرا يكاد يأكلني فيه. «الذِّكْرَ». يعني القرآن. أهل المدينة بفتح الياء:
«لَيُزْلِقُونَكَ».
______________________________
(1)- الكشّاف 4/ 596.
(2)- مجمع البيان 10/ 512.
(3)- مجمع البيان 10/ 512- 513 و 511.

عقود المرجان في تفسير القرآن، ج‏5، ص: 199

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه لمّا انتهى إلى مسجد الغدير، نظر إلى ميسرة المسجد فقال: ذاك موضع عير رسول اللّه حيث قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه. ثمّ نظر إلى الجانب الآخر فقال:
ذاك موضع فسطاط فلان و فلان و سالم مولى [أبي‏] حذيفة و أبي عبيدة بن الجرّاح. فلمّا رأوه، قال بعضهم لبعض: انظروا إلى عينيه تدوران كأنّهما عينا مجنون. فنزل جبريل بقوله:

«وَ إِنْ يَكادُ»- الآية.
و عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا أخذ رسول اللّه بيد عليّ عليه السّلام يوم الغدير، صرخ إبليس في جنوده. فأتوه فقالوا: ما دهاك؟ فقال: فعل هذا النبيّ فعلا إن تمّ لم يعص اللّه أبدا. فقالوا: يا سيّدهم، أنت كنت لآدم. فلمّا قال المنافقون: إنّه ينطق عن الهوى، و قال أحدهما لصاحبه:
أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنّه مجنون- يعنون رسول اللّه- صرخ إبليس صرخة بطرب فجمع أولياءه فقال: أما علمتم أنّي كنت لآدم من قبل؟ قالوا: نعم. قال: إنّ آدم نقض العهد و لم يكفر بالرحمن. و هؤلاء نقضوا العهد و كفروا بالرسول صلّى اللّه عليه و آله.
«لَمَجْنُونٌ»؛ أي: مغلوب على عقله، مع علمهم بوقاره و نور عقله معاندة له.

نسخه شناسی

درباره مولف

کتاب شناسی