آیه 20 سوره سبأ: تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20): إلّا فريقا هم المؤمنون لم يتّبعوه.
و تقليلهم بالإضافة إلى الكفّار، أو إِلَّا فَرِيقاً من فرق المؤمنين لم يتّبعوه في العصيان و هم المخلصون.
و في روضة الكافي «3»: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن سليمان، عن عبد اللَّه بن محمّد

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏10، ص: 497

اليمانيّ، عن [عبد اللَّه بن‏]  مسمع بن الحجّاج، عن صباح الحذّاء، عن صباح المزنيّ، عن جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: لمّا أخذ رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلم- بيد علي- عليه السّلام- يوم الغدير، صرخ إبليس في جنوده صرخة فلم يبق منهم في برّ و لا بحر إلّا أتاه.

فقالوا: يا سيّدهم و مولاهم‏ ، ما ذا دهاك، فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟
فقال لهم: فعل هذا النّبيّ- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم- فعلا إن ثم لم يعص اللَّه أبدا.
فقالوا: يا سيّدهم، أنت كنت لآدم.

فلمّا قال المنافقون: إنّه ينطق عن الهوى. و قال أحدهما لصاحبه: أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنّه مجنون، يعنون: رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم- صرخ إبليس صرخة بطرب فجمع أولياء (5)، فقال: أما علمتم أنّي كنت لآدم من قبل؟
قالوا: نعم.

قال: آدم نقض العهد و لم يكفر بالرّبّ، و هؤلاء نقضوا العهد و كفروا بالرسول- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم-.
[و فلمّا قبض رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم-]  و أقام النّاس غير عليّ، لبس إبليس تاج الملك و نصب منبرا و قعد في الوثبة  و جمع خليله‏  و رجله ثمّ قال لهم: اطربوا

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏10، ص: 498

لا يطاع اللَّه حتّى يقوم الإمام.
و تلا أبو جعفر- عليه السّلام-: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏.
قال أبو جعفر- عليه السّلام-: كان تأويل هذه الآية لمّا قبض رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم-. و الظّنّ من إبليس حين قالوا الرسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلم-: إنّه ينطق عن الهوى. فظنّ بهم إبليس ظنّا فصدّقوا ظنّه.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم‏ : حدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: لمّا أمر اللَّه نبيّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم- أن ينصب أمير المؤمنين- عليه السّلام- للنّاس في قوله‏ : يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ‏ في عليّ بغدير خمّ، فقال: من كنت مولاه، فعليّ مولاه.
فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر ، و حثّوا التّراب على رؤوسهم.
فقال لهم إبليس: ما لكم؟

قالوا: إنّ هذا الرّجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلّها شي‏ء إلى يوم القيامة.
فقال لهم إبليس: كلّا، إنّ الّذين حوله قد وعدوني فيه عدة  لن يخلفوني. فأنزل اللَّه- عزّ و جلّ- على رسول اللَّه: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ‏ (الآية).
و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللَّه-: حدّثنا الحسين بن أحمد المالكيّ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن أبي فضّال‏ ، عن عبد الصّمد بن بشير، عن عطيّة العوفيّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم- لمّا أخذ بيد عليّ- عليه السّلام- بغدير خمّ فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، كان إبليس حاضرا بعفاريته.

فقالت له- حيث قال: من كنت مولاه، فعليّ مولاه-: و اللَّه، ما هكذا قلت لنا، لقد أخبرتنا إنّ هذا إذا مضى افترق‏  أصحابه، و هذا أمر مستقرّ كلّما أراد أن يذهب واحد

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏10، ص: 499

بدر آخر.
فقال: افترقوا، فإن أصحابه قد وعدوني أن لا يقرّوا له بشي‏ء ممّا قال. و هو قوله- عزّ و جلّ-: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏.
وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ‏: تسلّط و استيلاء بوسوسة و استغواء إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍ‏: إلّا يتعلّق علمنا بذلك تعلّقا يترتّب عليه الجزاء، أو ليتميّز المؤمن من الشّاكّ. و المراد من حصول العلم، حصول متعلّقه مبالغة.

نسخه شناسی

درباره مولف

کتاب شناسی