آیه 20 سوره سبأ: نفحات الرحمن فى تفسير القرآن

[سورة سبإ (34): الآيات 20 الى 21]

وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَ رَبُّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ حَفِيظٌ (21)

ثمّ أنّه تعالى بعد بيان كفران أولاد سبأ و طغيانهم، و تعذيبهم بسلب النّعم، بيّن أنّها بتسويل الشيطان بقوله: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ‏ و حقّق و أظهر إِبْلِيسُ‏ مطابقة ما ظَنَّهُ‏ و زعمه في حقّ‏

نفحات الرحمن فى تفسير القرآن، ج‏5، ص: 217

أولاد آدم من كونهم يغوون بإغوائه للواقع حيث دعاهم إلى الشرك و العصيان فأجابوه، و أمرهم بها فَاتَّبَعُوهُ‏ و أطاعوه‏ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ‏ فرق‏ الْمُؤْمِنِينَ‏ و هم المخلصون منهم.

و قيل: إنّ (من) بيانية  و المراد إلّا فرقة المؤمنين.

و قيل: ظنّه أنه ناري و آدم طيني، و النار تأكل الطين‏ . أو ظنّه أنّ بني آدم مفسدون في الأرض‏ .

و قيل: إنّه ظنّ أنه يقدر على إغواء بني آدم فلمّا زيّن له الكفر و المعاصي، و قبلوا منه و اتّبعوه، وجدهم كما ظنّ فيهم‏ .

ثمّ بيّن سبحانه أن إبليس ما قهرهم على العصيان بقوله: وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ‏ شي‏ء مِنْ سُلْطانٍ‏ و قهر بحيث يسلب عنهم الاختيار، و إنّما كان سلطنته عليهم بالوسوسة و الإغواء، و لم نجعل له هذه السلطنة إِلَّا لِنَعْلَمَ‏ و نميّز مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ و يخاف عقابنا مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍ‏ و لا يؤمن بها و لا يخاف من حسابها.

قيل: إنّ المراد بحصول العلم وجود متعلّقه‏  وَ رَبُّكَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ من خصوصيات خلقه و أحوالهم و بواطنهم و ظواهرهم‏ حَفِيظٌ و مطّلع لا تخفى عليه خافية حتى يحتاج إلى الاستعلام.

عن الباقر عليه السّلام، قال: «كان تأويل هذه الآية أنّه لمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و الظن من إبليس حين قالوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّه ينطق عن الهوى، فظّن بهم إبليس ظنّا، فصدّقوا ظنّه» .
و عن الصادق عليه السّلام: «لمّا أمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله أن ينصّب أمير المؤمنين عليه السّلام للناس في قوله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ‏  في عليّ بغدير خمّ، فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر و حثوا التّراب على رؤوسهم، فقال لهم إبليس: ما لكم؟ قالوا: إنّ هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلّها شي‏ء إلى يوم القيامة. فقال لهم إبليس: كلا، إنّ الذين حوله قد و عدوني فيه عدة لن يخلفوني، فأنزل اللّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ» .

نسخه شناسی

 درباره مولف

کتاب شناسی