آیه 3، سوره مائده، تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب،  ج‏4، ص 31

الْيَوْمَ‏، أي: الآن. و لم يرد به يوما معيّنا، و إنّما أراد الحاضر و ما يتّصل به من الأزمنة الآتية.
و قيل‏ «7»: أراد يوم نزولها. و قد نزلت بعد عصر يوم الجمعة، عرفة حجّة الوداع.
______________________________
(1) هكذا في الفقيه: و في أ: «نقدوا».
و في سائر النسخ و التهذيب: وفروا.
(2) من كلا المصدرين.
(3) مرّ آنفا عن الفقيه و التهذيب.
(4) كذا في النسخ و الظاهر أنّه: و المنيح.
(5) أنوار التنزيل 1/ 262.
(6) أنظر مجمع البيان 2/ 158.
(7) أنوار التنزيل 1/ 262.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏4، ص: 32

يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ‏: انقطع طمعهم من دينكم، أن تتركوه و ترجعوا منه إلى الشّرك.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم‏ «1» قال: ذلك لمّا نزلت: ولاية أمير المؤمنين- عليه السّلام-.

و في تفسير العيّاشي‏ «2»: عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قال أبو جعفر- عليه السّلام- في هذه الآية: يوم يقوم القائم- عليه السّلام- ييأس بنو اميّة. فهم الّذين كفروا يئسوا من آل محمّد- عليهم السّلام-.

فَلا تَخْشَوْهُمْ‏: أن يظهروا على دين الإسلام، و يردّوكم عن دينكم.

وَ اخْشَوْنِ‏: إنْ خالفتم أمري، أن تحلّ بكم عقوبتي.

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً:

في مجمع البيان‏ «3»، عنهما- عليهما السّلام-: إنّما نزل بعد أن نصّب النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- عليّا- عليه السّلام- علما للأنام يوم غدير خمّ عند منصرفه عن حجّة الوداع. قالا: و هي آخر فريضة أنزلها اللّه- تعالى- ثمّ لم ينزل بعدها فريضة.

و في أصول الكافي‏ «4»: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة و الفضيل بن يسار و بكير بن أعين و محمّد بن مسلم و بريد بن معاوية قالوا جميعا: قال أبو جعفر- عليه السّلام-: فكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى، و كانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل اللّه- عزّ و جلّ-: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‏ قال أبو جعفر- عليه السّلام-: يقول اللّه- عزّ و جلّ-: لا انزل عليكم بعد هذه الفريضة، قد أكملت لكم الفرائض.

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد «5» و محمّد بن الحسين جميعا، عن محمّد بن‏
______________________________
(1) تفسير القمي 1/ 162.
(2) تفسير العياشي 1/ 292، ح 19.
(3) مجمع البيان 2/ 159.
(4) الكافي 1/ 289، ح 4.
(5) نفس المصدر 1/ 290، ح 6.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏4، ص: 33

إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر- عليه السّلام- يقول‏: فرض اللّه- عزّ و جلّ- إلى قوله: ثمّ نزلت الآية، و إنّما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة، أنزل اللّه- عزّ و جلّ-: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي.

و كان كمال الدّين بولاية عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-.

فقال عند ذلك رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: أمّتي حديثو عهد بالجاهليّة.

و متى أخبرتهم بهذا في ابن عمّي يقول قائل و يقول قائل؟ فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني. فأتتني عزيمة من اللّه- عزّ و جلّ- بتلة أوعدني إن لم أبلّغ أن يعذّبني.

فنزلت: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ‏ فأخذ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- بيد عليّ- عليه السّلام- فقال: يا أيّها النّاس، إنّه لم يكن نبيّ من الأنبياء ممّن كان قبلي إلّا و قد عمّره اللّه ثمّ دعاه فأجابه، فأوشك أن أدعى فأجيب. و أنا مسؤول و أنتم مسؤولون، فما ذا أنتم قائلون؟ فقالوا: نشهد أنّك قد بلّغت و نصحت و أدّيت ما عليك.
فجزاك اللّه أفضل جزاء المرسلين.

فقال: اللّهمّ اشهد- ثلاث مرّات- ثمّ قال: يا معشر المسلمين، هذا وليّكم من بعدي. فليبلّغ الشّاهد منكم الغائب.
و في روضة الكافي‏ «1»، خطبة لأمير المؤمنين- عليه السّلام- و هي خطبة الوسيلة، يقول فيها- عليه السّلام- بعد أن ذكر النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- و قوله- صلّى اللّه عليه و آله- حين تكلّمت طائفة، فقالوا: نحن موالي رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- فخرج رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- إلى حجّة الوداع، ثمّ صار إلى غدير خمّ فأمر. فأصلح له شبه المنبر. ثمّ علاه و أخذ بعضدي حتّى رئي‏ «2» بياض إبطيه، رافعا صوته قائلا في محفله:

من كنت مولاه فعليّ مولاه. اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه. و كانت على ولايتي ولاية اللّه و على عداوتي عداوة اللّه. و أنزل اللّه- عزّ و جلّ- في ذلك اليوم‏ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً. فكانت ولايتي كمال‏
______________________________
(1) نفس المصدر 8/ 27، ح 4.
(2) هكذا في المصدر. و في النسخ: رأى.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏4، ص: 34

الدّين و رضا الرّب- جلّ ذكره-.

و في كتاب علل الشّرائع‏ «1»، بإسناده إلى إسحاق بن إسماعيل النّيسابوري‏: أنّ العالم كتب إليه، يعني: الحسن بن عليّ- عليهما السّلام-: إنّ اللّه- عزّ و جلّ- بمنّه و رحمته لمّا فرض عليكم الفرائض، لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه، بل رحمة منه إليكم لا إله إلّا هو، ليميز الخبيث من الطّيّب، و ليبتلي ما في صدوركم، و ليمحص ما في قلوبكم، و لتتسابقوا «2» إلى رحمته، و لتتفاضل‏ «3» منازلكم في جنّته. ففرض عليكم الحجّ و العمرة و إقام الصّلاة و إيتاء الزّكاة و الصّوم و الولاية، و جعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض و مفتاحا إلى سبيله. و لو لا محمّد- صلّى اللّه عليه و آله- و الأوصياء من ولده كنتم‏ «4» حيارى كالبهائم، لا تعرفون فرضا من الفرائض. و هل تدخل قرية إلّا من بابها؟

فلمّا منّ اللّه عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيّكم- صلّى اللّه عليه و آله- قال اللّه- عزّ و جلّ-:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً.
و الحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة.

[و في تفسير عليّ بن إبراهيم‏ «5»: حدّثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال‏: آخر فريضة أنزلها «6» اللّه- تعالى- الولاية، ثمّ لم ينزل بعدها فريضة، ثمّ أنزل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ بكراع الغميم‏ «7». فأقامها رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- بالجحفة «8». فلم ينزل بعدها فريضة.

و في أمالي الصّدوق- رحمه اللّه- «9» بإسناده إلى الصّادق جعفر بن محمّد- عليهما السّلام-، عن أبيه، عن آبائه- عليهم السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-:
يوم غدير خمّ أفضل أعياد أمّتي، و هو اليوم الّذي أمرني اللّه- تعالى ذكره- فيه بنصب‏
______________________________
(1) علل الشرائع 1/ 249، ح 6.
(2) ر: لتسابقوا.
(3) روأ: لتفاضل.
(4) من المصدر و أ.
(5) تفسير القمي 1/ 162.
(6) هكذا في المصدر. و في النسخ: أنزل.
(7) المصدر: «الغنم» و أشار إلى أنّه في خ. ل.
: الغميم.
(8) هكذا في المصدر. و في النسخ: بالحجة.
(9) أمالي الصدوق/ 109، صدر حديث 8.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج‏4، ص: 35

أخي عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- علما لأمّتي يهتدون به من بعدي، و هو اليوم الّذي أكمل اللّه فيه الدّين و أتمّ على أمّتي فيه النّعمة و رضي لهم الإسلام دينا.
و الحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة.

و بإسناده إلى الحسن بن عليّ- عليهما السّلام‏ «1»-، عن النّبي- صلّى اللّه عليه و آله- حديث طويل، يقول فيه- عليه السّلام-: و حب أهل بيتي و ذرّيّتي استكمال الدّين، و تلا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- هذه الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً إلى آخر الآية.

و في تهذيب الأحكام‏ «2»، في الدّعاء بعد صلاة الغدير المسند إلى الصّادق: شهادة الإخلاص‏ «3» لك بالوحدانيّة بأنّك أنت اللّه الّذي لا إله إلّا أنت، و أنّ محمّدا عبدك و رسولك، و عليّا أمير المؤمنين، و أنّ الإقرار بولايته تمام توحيدك و الإخلاص بوحدانيتك و كمال دينك و تمام نعمتك و فضلك على جميع خلقك و بريّتك. فإنّك قلت و قولك الحقّ:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً. اللّهمّ فلك الحمد على ما مننت به علينا من الإخلاص لك بوحدانيّتك، إذ هديتنا لموالاة وليّك الهادي من بعد نبيّك النّبيّ المنذر، و رضيت لنا الإسلام دينا بموالاته.

و في عيون الاخبار «4»، بإسناده إلى الرّضا- عليه السّلام- حديث طويل، و فيه يقول- عليه السّلام-: و أنزل في حجّة الوداع و هي في آخر عمره- صلّى اللّه عليه و آله- الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً و أمر «5» الإمامة من تمام الدّين.
و في كتاب الخصال‏ «6»: عن يزداد بن إبراهيم، عمّن حدّثه من أصحابنا، عن أبي‏
______________________________
(1) تهذيب الأحكام 3/ 145، ضمن حديث 317.
(2) نفس المصدر/ 161، ضمن حديث.
(3) المصدر: بالإخلاص.
(4) عيون أخبار الرضا- عليه السّلام- 1/ 216، ضمن حديث 1.
(5) هكذا في المصدر. و في النسخ: فأمر.
(6) الخصال/ 415، ذيل حديث 4، و أوّله في ص 414.

تفسير كنزالدقائق و بحر الغرائب، ج‏4، ص: 36

عبد اللّه- عليه السّلام- عن عليّ- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه في آخره: و إنّ بولايتي أكمل‏ «1» لهذه الأمة دينهم و أتمّ عليهم النّعمة «2» و رضي إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمّد- صلّى اللّه عليه و آله-: أخبرهم يا محمّد «3»، أكملت لهم اليوم دينهم و أتممت عليهم نعمتي و رضيت لهم الإسلام دينا «4». كلّ ذلك من منّ اللّه به‏ «5» عليّ، فله الحمد.

و في تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي‏ «6» قال: حدّثني الحسين بن سعيد معنعنا، عن جعفر- عليه السّلام-: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‏ قال: بعليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-.

و في شرح الآيات الباهرة «7»: و روى أبو نعيم: عن رجاله، عن أبي سعيد الخدريّ‏ أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- دعا النّاس إلى عليّ يوم غدير خمّ، و أمر بقلع ما تحت الشّجر من الشّوك، و قام فدعا [عليّا-] «8» عليه السّلام- فأخذ بضبعيه حتّى نظر [النّاس‏] «9» إلى إبطيه و قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله. ثمّ لم يفترقا حتّى أنزل اللّه- عزّ و جلّ-: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (فقام) النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- فقال: اللّه أكبر على إكمال الدّين و إتمام النّعمة، و رضا الرّبّ برسالتي و بولاية عليّ من بعدي.] «10».

__________________________________________________
(1) المصدر: أكمل اللّه.
(2) المصدر: النعم.
(3) المصدر: «يا محمّد أخبرهم أنّي» بدل «أخبرهم يا محمّد».
(4) المصدر: «رضيت لهم الإسلام دينا و أتممت عليهم نعمتي» بدل أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً.
(5) ليس في المصدر.
(6) تفسير فرات/ 37.
(7) تأويل الآيات الباهرة، مخطوط، ص 53.
8 و 9- من المصدر.
(10) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

نسخه شناسی

درباره مولف

کتاب شناسی

منابع: 

قمى مشهدى محمد بن محمدرضا، تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب‏، تحقيق: حسين درگاهى‏، تهران‏، سازمان چاپ وانتشارات وزارت ارشاد اسلامى‏، 1368 ش‏، چاپ اول‏، ج4، صص 31 - 36