آیه 3، سوره مائده، تفسير مقاتل بن سليمان

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏1، ص 451   

2- قوله- سبحانه-: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ يعنى أكل الميتة وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ‏ يعنى الذي ذبح لأصنام المشركين و لغيرهم هذا حرام البتة إن أدركت ذكاته أو لم تدرك ذكاته فإنه حرام البتة لأنهم جعلوه لغير اللّه- عز و جل-. ثم قال- عز و جل- وَ الْمُنْخَنِقَةُ يعنى و حرم المنخنقة:

الشاة و الإبل و البقر التي تنخنق أو غيره حتى تموت‏ وَ الْمَوْقُوذَةُ يعنى التي تضرب بالخشب حتى تموت‏ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ يعنى التي تردى من الجبل فتقع منه أو تقع فى بئر فتموت‏ وَ النَّطِيحَةُ يعنى الشاة تنطح صاحبتها فتموت‏ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ‏ من الأنعام و الصيد يعنى فريسة السبع ثم استثنى فقال- سبحانه-:
______________________________
(1) أى أن آية السيف هي الناسخة و هذه الآية منسوخة.
(2) سورة التوبة: 5.
(3) ما بين الأقواس «...» ساقط من أ، ل.

تفسير مقاتل بن سليمان، ج‏1، ص: 452

إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ‏ يعنى إلا ما أدركتم ذكاته من المنخنقة و الموقوذة و المتردية و النطيحة و ما أكل السبع فما أدركتم ذكاته من المنخنقة و الموقوذة و المتردية و النطيحة و ما أكل السبع ممّا «1» أدركتم ذكاته يعنى «بطرف أو بعرق يضرب أو بذنب» «2» بتحرك «و يذكى فهو» «3» حلال‏ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ‏ يعنى و حرم ما ذبح على النصب و هي الحجارة التي كانوا ينصبونها فى الجاهلية فيعبدونها فهو حرام البتة و كان‏ «4» خزان الكعبة يذبحون لها و إن شاءوا بدلوا تلك الحجارة بحجارة أخرى و ألقوا الأولى ثم قال- تعالى ذكره-: وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ‏ يعنى و أن تستقسموا الأمور بالأزلام و الأزلام قد حان فى بيت أصنامهم، فإذا أرادوا أن يركبوا أمرا أتوا بيت أصنامهم فضربوا بالقدحين، فما خرج من شي‏ء عملوا به،

و كان كتب على أحدهما أمرنى ربى، و على الآخر نهاني ربى، فإذا أرادوا سفرا أتوا ذلك البيت فغطوا عليه ثوبا ثم يضربون بالقدحين فإن خرج السهم الذي فيه أمرنى ربى خرج فى سفره، و إن خرج السهم الذي فيه نهاني ربى لم يسافر فهذه الأزلام‏ ذلِكُمْ فِسْقٌ‏ يعنى معصية حراما الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ‏ يعنى لا تخشوا الكفار وَ اخْشَوْنِ‏ فى ترك أمرى، ثم قال- سبحانه-: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ يعنى يوم عرفة فلم ينزل بعدها حلال و لا حرام و لا حكم [93 أ] و لا حد و لا فريضة غير آيتين من آخر سورة النساء:

يَسْتَفْتُونَكَ ... «5». الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ يعنى شرائع دينكم: أمر
______________________________
(1) فى أ: فما، ل: مما.
(2) فى أ: يطرق يعرق يضرب بذنب، و المثبت من ل.
(3) فى أ: فتذكى فهو، ل: و يذكى و هو.
(4) فى أ: و كانت.
(5) سورة النساء الآية: 176 و هي آية واحدة فى آخر السورة.

تفسير مقاتل بن سلیمان، ج‏1، ص: 453

الحلال و الحرام و ذلك أن اللّه- جل ذكره- كان فرض على المؤمنين شهادة أن لا إله إلّا اللّه و أنّ محمدا رسول اللّه- صلى اللّه عليه و سلم- و الإيمان بالبعث و الجنة و النار و الصلاة ركعتين غدوة و ركعتين بالعشي شيئا غير مؤقت و الكف عن القتال قبل أن يهاجر «1» النبي- صلى اللّه عليه و سلم- و فرضت الصلوات‏ «2» الخمس ليلة «المعراج» «3» و هو بعد بمكة، و الزكاة المفروضة بالمدينة، و رمضان و الغسل من الجنابة، و حج البيت،

و كل فريضة «4» فلما حج حجة الوداع نزلت هذه الآية يوم عرفة فبركت ناقة النبي- صلى اللّه عليه و سلم- لنزول الوحى بجمع‏ «5» و عاش النبي- صلى اللّه عليه و سلم- بعدها إحدى و ثمانين ليلة ثم مات يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول، و هي آخر آية نزلت فى الحلال و الحرام: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ يعنى شرائع دينكم: أمر حلالكم و حرامكم‏ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‏ يعنى الإسلام إذ «6» حججتم و ليس معكم مشرك‏ وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً يعنى و اخترت لكم الإسلام دينا فليس دين أرضى عند اللّه- عز و جل- من الإسلام قال سبحانه: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ‏ «7» ثم قال:

- عز و جل- فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ يعنى مجاعة و جهد شديد أصابه من الجوع‏ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ‏ غير متعمد لمعصية فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏-
______________________________
(1) فى أ: فلما هاجر.
(2) فى الأصل: الصلاة.
(3) المعراج: ساقطة من أ، و مثبتة فى ل.
(4) المقصود أن الزكاة المفروضة فرضت بالمدينة، كما فرض بالمدينة صوم رمضان، و الغسل من الجنابة، و حج البيت، و كل فريضة: فرضت بالمدينة.
(5) ضبطت فى كتب الفقه و الحديث بجمع. انظر فقه السنة (صلاة الجمعة)
(6) فى أ: إذا، ل: إذ.
(7) سورة آل عمران: 85.

نسخه شناسی

درباره مولف

کتاب شناسی

منابع: 

بلخى مقاتل بن سليمان‏، تفسير مقاتل بن سليمان‏، تحقيق: عبد الله محمود شحاته‏، بيروت‏، دار إحياء التراث‏، 1423 ق، چاپ اول‏، ج1، صص 451 - 453