آیه 3، سوره مائده : التفسير لكتاب الله المنير

التفسير لكتاب الله المنير، ج‏3، ص 8

ذلكم اشارة الى كلّ ما سبق فسق و انحراف عن دين اللّه الذي اراده لعباده، الْيَوْمَ‏ ليس المراد به يوما خاصا بل المراد به انكم بعد ما فتحتم مكة و استوليتم على قريش و دانت لكم القبائل كرها و طوعا و حكمتموهم و مشى حكمكم عليهم‏ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا اى استمرّوا كافرين من قبائل العرب و غيرهم أولئك الذين لم تنلهم أيديكم بعد لبعدهم عنكم من سقوط دينكم و بطلانه و مغلوبيته فلا تخافوا هؤلاء بعد اشتداد شوكتكم و خافون بإطاعة او امرى و اعتناق ما اخترته لكم من دين قويم.

الْيَوْمَ‏ يعنى في هذا الزمن الذي مكّنتكم فيه من البلاد و عرّفتكم بالأحكام و واترت بنزولها عليكم بين الفترة و الفترة مراعاة للمصالح الداعية أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‏ و هي نعمة الإسلام و الأيمان و مقرراتها وَ رَضِيتُ‏ اليوم‏ لَكُمُ الْإِسْلامَ‏ كما رضيته لكم بادئا و الفرق بين بادئه و خاتمته انه في الأوّل كان بمنزلة طرح يراد تحقيقه فلما أخذ جريانه و انتصر على الحوادث شيئا فشيئا و وصل الى هذه الغاية فقد طبّق تطبيقا عمليّا، و انتصب دينا على انّه تمييز للإسلام.

و قوله‏ فَمَنِ اضْطُرَّ بمنزلة استثناء من قوله‏ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ و توابعها اى ان ذلك حرام للمختار امّا المضطرّ الذي يخاف على نفسه التلف جوعا لعدم مطعوم محلّل يتناوله فأنه يجوز له ان يتناول من هذه المحرّمات ما يسدّ به رمقه امّا التجاوز عن سدّ الرمق فهو ميل لأكل‏

التفسیر لكتاب الله المنير، ج‏3، ص: 9

الميتة فيحرم و اطلاق المغفرة على ما يتناوله الإنسان مع الاضطرار مشعر بانه ذنب غير مكتوب للضرورة اليه رحيم بعباده لا يعنت بهم و لا يشقّ عليهم بإلحاق حالة الضرورة بحاله الاختيار.

و قد وردت عدّة آثار من طرق الخاصة و العامة بنزول آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ بمناسبة غدير خم و قد استقصينا الكلام على ذلك في المجلدين 3 و 4 من نتائج الفكر فليراجع على ان قضية غدير خم لا ترتبط موضوعيا بالآية المذكورة فان واقعة غدير خم ممّا ثبتت بتواتر عند العامة فضلا عن الخاصة و من طرق رواياتها ما جاء في سبب نزول‏ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ فقد قال الشوكانى و غيره عند تفسيره لهذه الآية من كتابه فتح القدير مكث رسول اللّه بعد نزول هذه الآية أحدا و ثمانين يوما ثم قبضه اللّه اليه و فاصلة الزمان ما بين حجة الوداع و وفاته (ص) بهذه المقربة التي ذكرها.

نسخه شناسی 

درباره مولف

کتاب شناسی

منابع: 

كرمى حويزى محمد ، التفسير لكتاب الله المنير، قم‏، چاپخانه علميه‏، 1402 ق‏، چاپ اول‏، ج3، ص8-9