آیه 3، سوره مائده : زبدة التفاسير
زبدة التفاسير، ج2 ، ص 216
الْيَوْمَ لم يرد به يوما بعينه، و إنّما أراد الزمان الحاضر و ما يتّصل به من الأزمنة الآتية، كقولك: كنت بالأمس شابّا و أنت اليوم أشيب. فلا يريد بالأمس اليوم الّذي قبل يومك، و لا باليوم يومك. و قيل: أراد يوم نزولها، و قد نزلت بعد عصر يوم الجمعة عرفة حجّة الوداع. و المعنى: الآن إلى آخر الدهر.
يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ أي: من إبطاله و رجوعكم عنه بتحليل هذه الخبائث و غيرها. أو يئسوا من أن يغلبوا على دينكم، لأنّ اللّه تعالى و في بوعده من
زبدة التفاسير، ج2، ص 217
إظهاره على الدين كلّه فَلا تَخْشَوْهُمْ أن يظهروا عليكم بعد إظهار الدين و زوال الخوف منكم، إذا انقلبوا مغلوبين بعد أن كانوا غالبين وَ اخْشَوْنِ و أخلصوا الخشية لي.
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بالنصر و الإظهار على الأديان كلّها، أو بالتنصيص على قواعد العقائد، و التوقيف على أصول الشرائع و جميع ما تحتاجون إليه في تكليفكم، من الحلال و الحرام و الفرائض و الأحكام، على وجه لا زيادة في ذلك و لا نقصان منه بالنسخ بعد هذا اليوم.
وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي بالهداية و التوفيق، و أعطيتكم من العلم و الحكمة ما لم يعط قبلكم نبيّ و لا أمّة. أو بإكمال الدين، أو بفتح مكّة و هدم منار الجاهليّة.
و قال في الجامع: «معناه: و أتممت عليكم نعمتي بولاية عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. ثم
قال: روي عن الباقر و الصادق عليهما السّلام: أنّه إنّما نزلت بعد أن نصب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا عليهم السّلام علما للأنام يوم غدير خمّ منصرفا من حجّة الوداع، و هي آخر فريضة أنزلها اللّه، لم ينزل بعدها فريضة» «1».
وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ اخترته لكم دِيناً من بين الأديان، و هو الدين عند اللّه لا غير.
و قال في المجمع: «و قد حدّثنا السيّد العالم أبو الحمد بن نزار الحسيني، قال: حدّثنا أبو القاسم عبيد اللّه بن عبد اللّه الحسكاني «2»، قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الشيرازي، قال: أخبرنا أبو بكر الجرجاني، قال: حدّثنا أبو أحمد البصري، قال:
حدّثنا أحمد بن عمّار بن خالد، قال: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال:
حدّثنا قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري: أنّ رسول
______________________________
(1) جوامع الجامع 1: 359.
(2) شواهد التنزيل: 1: 201 ح 211.
زبدة التفاسير، ج2، ص 218
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا نزلت هذه الآية قال: اللّه أكبر على إكمال الدين، و إتمام النعمة، و رضا الربّ برسالتي، و ولاية عليّ بن أبي طالب من بعدي. و قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله» «1».
__________________________________________________
(1) مجمع البيان 3: 159.
كاشانى ملا فتح الله، زبدة التفاسير، تحقيق: بنياد معارف اسلامى، قم، بنياد معارف اسلامى، 1423 ق، چاپ اول، ج 2، صص 216 - 218