أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ* ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ * كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
حَدَّثَنِي السَّيِّدُ الْعَالِمُ الْعَابِدُ أَبُو جَعْفَرٍ مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي حَرْبٍ الْحُسَيْنِيُّ الْمَرْعَشِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الشَّيْخِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ السَّعِيدُ الْوَالِدُ أَبُو جَعْفَرٍ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي جَمَاعَةٌ عَن أَبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ السُّورِيُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُ مِنْ وُلْدِ الْأَفْطَسِ وَ كَانَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْهَمْدَانِيُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيُ قَالَ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ عَمِيرَةَ وَ صَالِحُ بْنُ عُقْبَةَ جَمِيعاً عَنْ قَيْسِ بْنِ سِمْعَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَالَ: حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنَ الْمَدِينَةِ وَ قَدْ بَلَّغَ جَمِيعَ الشَّرَائِعِ قَوْمَهُ غَيْرَ الْحَجِّ وَ الْوَلَايَةِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ يُقْرِؤُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ إِنِّي لَمْ أَقْبِضْ نَبِيّاً مِنْ أَنْبِيَائِي وَ لَا رَسُولًا مِنْ رُسُلِي إِلَّا بَعْدَ إِكْمَالِ دِينِي وَ تَأْكِيدِ حُجَّتِي وَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ ذَاكَ فَرِيضَتَانِ مِمَّا تَحْتَاجُ أَنْ تُبَلِّغَهُمَا قَوْمَكَ فَرِيضَةُ الْحَجِّ وَ فَرِيضَةُ الْوَلَايَةِ وَ الْخِلَافَةِ مِنْ بَعْدِكَ فَإِنِّي لَمْ أُخَلِّ أَرْضِي مِنْ حُجَّةٍ وَ لَنْ أُخَلِّيَهَا أَبَداً فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَأْمُرُكَ أَنْ تُبَلِّغَ قَوْمَكَ الْحَجَّ وَ تَحُجَّ وَ يَحُجَّ مَعَكَ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا مِنْ أَهْلِ الْحَضَرِ وَ الْأَطْرَافِ وَ الْأَعْرَابِ وَ تُعَلِّمَهُمْ مِنْ مَعَالِمِ حَجِّهِمْ مِثْلَ مَا عَلَّمْتَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَ زَكَاتِهِمْ وَ صِيَامِهِمْ وَ تُوقِفَهُمْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مِثَالِ الَّذِي أَوْقَفْتَهُمْ عَلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ مَا بَلَّغْتَهُمْ مِنَ الشَّرَائِعِ فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ ص فِي النَّاسِ أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُرِيدُ الْحَجَّ وَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي عَلَّمَكُمْ مِنْ شَرَائِعِ دِينِكُمْ وَ يُوقِفَكُمْ مِنْ ذَاكَ عَلَى مَا أَوْقَفَكُمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ فَخَرَجَ ص وَ خَرَجَ مَعَهُ النَّاسُ وَ أَصْغَوْا إِلَيْهِ لِيَنْظُرُوا مَا يَصْنَعُ فَيَصْنَعُوا مِثْلَهُ فَحَجَّ بِهِمْ وَ بَلَّغَ مَنْ حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَ أَهْلِ الْأَطْرَافِ وَ الْأَعْرَابِ سَبْعِينَ أَلْفَ إِنْسَانٍ أَوْ يَزِيدُونَ عَلَى نَحْوِ عَدَدِ أَصْحَابِ مُوسَى السَّبْعِينَ أَلْفَ الَّذِينَ أَخَذَ عَلَيْهِمْ بَيْعَةَ هَارُونَ فَنَكَثُوا وَ اتَّبَعُوا الْعِجْلَ وَ السَّامِرِيَّ وَ كَذَلِكَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْبَيْعَةَ لِعَلِيٍّ بِالْخِلَافَةِ عَلَى عَدَدِ أَصْحَابِ مُوسَى فَنَكَثُوا الْبَيْعَةَ وَ اتَّبَعُوا الْعِجْلَ وَ السَّامِرِيَّ سُنَّةً بِسُنَّةٍ وَ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَ اتَّصَلَتِ التَّلْبِيَةُ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ فَلَمَّا وَقَفَ بِالْمَوْقِفِ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ ع عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُقْرِؤُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ إِنَّهُ قَدْ دَنَا أَجَلُكَ وَ مُدَّتُكَ وَ أَنَا مُسْتَقْدِمُكَ عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَ لَا عَنْهُ مَحِيصٌ فَاعْهَدْ عَهْدَكَ وَ قَدِّمْ وَصِيَّتَكَ- وَ اعْمِدْ إِلَى مَا عِنْدَكَ مِنَ الْعِلْمِ وَ مِيرَاثِ عُلُومِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ وَ السِّلَاحِ وَ التَّابُوتِ وَ جَمِيعِ مَا عِنْدَكَ مِنْ آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ فَسَلِّمْهُ إِلَى وَصِيِّكَ وَ خَلِيفَتِكَ مِنْ بَعْدِكَ حُجَّتِيَ الْبَالِغَةِ عَلَى خَلْقِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَأَقِمْهُ لِلنَّاسِ عَلَماً وَ جَدِّدْ عَهْدَهُ وَ مِيثَاقَهُ وَ بَيْعَتَهُ وَ ذَكِّرْهُمْ مَا أَخَذْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْعَتِي وَ مِيثَاقِيَ الَّذِي وَاثَقْتُهُمْ وَ عَهْدِيَ الَّذِي عَهِدْتُ إِلَيْهِمْ مِنْ وَلَايَةِ وَلِيِّي وَ مَوْلَاهُمْ وَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَإِنِّي لَمْ أَقْبِضْ نَبِيّاً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِكْمَالِ دِينِي وَ حُجَّتِي وَ إِتْمَامِ نِعْمَتِي بِوَلَايَةِ أَوْلِيَائِي وَ مُعَادَاةِ أَعْدَائِي وَ ذَلِكَ كَمَالُ تَوْحِيدِي وَ دِينِي وَ إِتْمَامُ نِعْمَتِي عَلَى خَلْقِي بِاتِّبَاعِ وَلِيِّي وَ طَاعَتِهِ وَ ذَلِكَ أَنِّي لَا أَتْرُكُ أَرْضِي بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَ لَا قَيِّمٍ لِيَكُونَ حُجَّةً لِي عَلَى خَلْقِي فَ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً بِوَلَايَةِ وَلِيِّي وَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ عَلِيٍّ عَبْدِي وَ وَصِيِّ نَبِيِّي وَ الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ وَ حُجَّتِيَ الْبَالِغَةِ عَلَى خَلْقِي- مَقْرُونٌ طَاعَتُهُ بِطَاعَةِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّي وَ مَقْرُونٌ طَاعَتُهُ مَعَ طَاعَةِ مُحَمَّدٍ بِطَاعَتِي مَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَ مَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَانِي جَعَلْتُهُ عَلَماً بَيْنِي وَ بَيْنَ خَلْقِي مَنْ عَرَفَهُ كَانَ مُؤْمِناً وَ مَنْ أَنْكَرَهُ كَانَ كَافِراً وَ مَنْ أَشْرَكَ بَيْعَتَهُ كَانَ مُشْرِكاً وَ مَنْ لَقِيَنِي بِوَلَايَتِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَ مَنْ لَقِيَنِي بِعَدَاوَتِهِ دَخَلَ النَّارَ فَأَقِمْ يَا مُحَمَّدُ عَلِيّاً عَلَماً وَ خُذْ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ وَ جَدِّدْ عَهْدِي وَ مِيثَاقِي لَهُمُ الَّذِي وَاثَقْتُهُمْ عَلَيْهِ فَإِنِّي قَابِضُكَ إِلَيَّ وَ مُسْتَقْدِمُكَ عَلَيَّ فَخَشِيَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ قَوْمِهِ وَ أَهْلِ النِّفَاقِ وَ الشِّقَاقِ أَنْ يَتَفَرَّقُوا وَ يَرْجِعُوا إِلَى الْجَاهِلِيَّةِ لِمَا عَرَفَ مِنْ عَدَاوَتِهِمْ وَ لِمَا يَنْطَوِي عَلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ لِعَلِيٍّ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَ الْبَغْضَاءِ وَ سَأَلَ جَبْرَئِيلَ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ الْعِصْمَةَ مِنَ النَّاسِ وَ انْتَظَرَ أَنْ يَأْتِيَهُ جَبْرَئِيلُ بِالْعِصْمَةِ مِنَ النَّاسِ عَنِ اللَّهِ جَلَّ اسْمُهُ فَأَخَّرَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ بَلَغَ مَسْجِدَ الْخَيْفِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ ع فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَعْهَدَ عَهْدَهُ وَ يُقِيمَ عَلِيّاً عَلَماً لِلنَّاسِ يَهْتَدُونَ بِهِ وَ لَمْ يَأْتِهِ بِالْعِصْمَةِ مِنَ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ بِالَّذِي أَرَادَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ وَ أَمَرَهُ بِالَّذِي أَتَاهُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ وَ لَمْ يَأْتِهِ بِالْعِصْمَةِ فَقَالَ يَا جَبْرَئِيلُ إِنِّي أَخْشَى قَوْمِي أَنْ يُكَذِّبُونِي وَ لَا يَقْبَلُوا قَوْلِي فِي عَلِيٍّ ع فَرَحَلَ فَلَمَّا بَلَغَ غَدِيرَ خُمٍ قَبْلَ الْجُحْفَةِ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ ع عَلَى خَمْسِ سَاعَاتٍ مَضَتْ مِنَ النَّهَارِ بِالزَّجْرِ وَ الِانْتِهَارِ وَ الْعِصْمَةِ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُقْرِؤُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ- يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فِي عَلِيٍ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وَ كَانَ أَوَائِلُهُمْ قَرِيبٌ مِنَ الْجُحْفَةِ فَأَمَرَ بِأَنْ يُرَدَّ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْهُمْ وَ يُحْبَسَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لِيُقِيمَ عَلِيّاً عَلَماً لِلنَّاسِ وَ يُبَلِّغَهُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي عَلِيٍّ وَ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ عَصَمَهُ مِنَ النَّاسِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ مَا جَاءَتْهُ الْعِصْمَةُ مُنَادِياً يُنَادِي فِي النَّاسِ بِالصَّلَاةَ جَامِعَةً وَ يُرَدُّ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْهُمْ وَ يُحْبَسُ مَنْ تَأَخَّرَ وَ تَنَحَّى عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ إِلَى جَنْبِ مَسْجِدِ الْغَدِيرِ أَمَرَهُ بِذَلِكَ جَبْرَئِيلُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ سَلَمَاتٌ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ يُقَمَّ مَا تَحْتَهُنَ وَ يُنْصَبَ لَهُ حِجَارَةٌ كَهَيْئَةِ الْمِنْبَرِ لِيُشْرِفَ عَلَى النَّاسِ فَتَرَاجَعَ النَّاسُ وَ احْتُبِسَ أَوَاخِرُهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَا يَزَالُونَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَوْقَ تِلْكَ الْأَحْجَارِ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَ أَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَا فِي تَوَحُّدِهِ وَ دَنَا فِي تَفَرُّدِهِ وَ جَلَّ فِي سُلْطَانِهِ وَ عَظُمَ فِي أَرْكَانِهِ وَ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً وَ هُوَ فِي مَكَانِهِ ... مَعَاشِرَ النَّاسِ النُّورُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيَّ مَسْلُوكٌ ثُمَّ فِي عَلِيٍّ- ثُمَّ فِي النَّسْلِ مِنْهُ إِلَى الْقَائِمِ الْمَهْدِيِّ الَّذِي يَأْخُذُ بِحَقِ اللَّهِ وَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَنَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ جَعَلَنَا حُجَّةً عَلَى الْمُقَصِّرِينَ وَ الْمُعَانِدِينَ وَ الْمُخَالِفِينَ وَ الْخَائِنِينَ وَ الْآثِمِينَ وَ الظَّالِمِينَ مِنْ جَمِيعِ الْعَالَمِينَ مَعَاشِرَ النَّاسِ أُنْذِرُكُمْ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِيَ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ مِتُّ أَوْ قُتِلْتُ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ أَلَا وَ إِنَّ عَلِيّاً هُوَ الْمَوْصُوفُ بِالصَّبْرِ وَ الشُّكْرِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ وُلْدِي مِنْ صُلْبِهِ مَعَاشِرَ النَّاسِ لَا تَمُنُّوا عَلَى اللَّهِ إِسْلَامَكُمْ فَيَسْخَطَ عَلَيْكُمْ وَ يُصِيبَكُمْ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ إِنَّهُ لَبِالْمِرْصَادِ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِي أَئِمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ وَ أَنَا بَرِيئَانِ مِنْهُمْ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّهُمْ وَ أَنْصَارُهُمْ وَ أَتْبَاعُهُمْ وَ أَشْيَاعُهُمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ أَلَا إِنَّهُمْ أَصْحَابُ الصَّحِيفَةِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ فِي صَحِيفَتِهِ- قَالَ فَذَهَبَ عَلَى النَّاسِ إِلَّا شِرْذِمَةً مِنْهُمْ أَمْرُ الصَّحِيفَةِ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنِّي أَدَعُهَا إِمَامَةً وَ وِرَاثَةً فِي عَقِبِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ قَدْ بَلَّغْتُ مَا أُمِرْتُ بِتَبْلِيغِهِ حُجَّةً عَلَى كُلِّ حَاضِرٍ وَ غَائِبٍ وَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِمَّنْ شَهِدَ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ وُلِدَ أَوْ لَمْ يُولَدْ فَلْيُبَلِّغِ الْحَاضِرُ الْغَائِبَ وَ الْوَالِدُ الْوَلَدَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ سَيَجْعَلُونَهَا مُلْكاً وَ اغْتِصَاباً أَلَا لَعَنَ اللَّهُ الْغَاصِبِينَ وَ الْمُغْتَصِبِينَ وَ عِنْدَهَا سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ فَ يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَ نُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ- مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يَكُنْ يَذَرُكُمْ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّهُ مَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَ اللَّهُ مُهْلِكُهَا بِتَكْذِيبِهَا وَ كَذَلِكَ يُهْلِكُ الْقُرَى وَ هِيَ ظالِمَةٌ* كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى وَ هَذَا عَلِيٌّ إِمَامُكُمْ وَ وَلِيُّكُمْ وَ هُوَ مَوَاعِيدُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يُصَدِّقُ مَا وَعَدَهُ مَعَاشِرَ النَّاسِ قَدْ ضَلَّ قَبْلَكُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ وَ اللَّهُ لَقَدْ أَهْلَكَ الْأَوَّلِينَ وَ هُوَ مُهْلِكُ الْآخِرِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ. ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ. كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِي وَ نَهَانِي وَ قَدْ أَمَرْتُ عَلِيّاً وَ نَهَيْتُهُ فَعَلِمَ الْأَمْرَ وَ النَّهْيَ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَاسْمَعُوا لِأَمْرِهِ تَسْلَمُوا وَ أَطِيعُوا تَهْتَدُوا وَ انْتَهُوا لِنَهْيِهِ تَرْشُدُوا وَ صَيِّرُوا إِلَى مُرَادِهِ وَ لَا تَتَفَرَّقُ بِكُمُ السُّبُلُ عَنْ سَبِيلِه ... ))
معرفی کتاب:
نام كتاب: الإحتجاج على أهل اللجاج( للطبرسي)
نويسنده: طبرسى، احمد بن على ، تاريخ وفات مؤلف: 588 ق
محقق / مصحح: خرسان، محمد باقر
موضوع: كلام
زبان: عربى
تعداد جلد: 2
ناشر: نشر مرتضى
مكان چاپ: مشهد
سال چاپ: 1403 ق
نوبت چاپ: اول
و رواه الشيخ الفاضل المتكلم الفقيه العالم الزاهد الورع أبو علي محمد بن أحمد بن علي الفتال- المعروف بابن الفارسي- و هو من أجلاء قدماء الإمامية من علمائها و متكلميها، روى في كتابه المعروف ب (روضة الواعظين) عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: «حج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من المدينة، و قد بلغ جميع الشرائع قومه ما خلا الحج و الولاية، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك:
إني لم أقبض نبيا من أنبيائي و رسلي إلا بعد إكمال ديني و تأكيد حجتي، و قد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغهما قومك: فريضة الحج، و فريضة الولاية و الخلافة «4» من بعدك، فإني لم أخل الأرض من حجة، و لن أخليها أبدا، و إن الله يأمرك أن تبلغ قومك الحج، تحج و يحج معك كل من استطاع السبيل من أهل الحضر و أهل الأطراف و الأعراب، و تعلمهم من حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم و زكاتهم و صيامهم، و توقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرائع.
فنادى منادي رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الناس: ألا إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يريد الحج و أن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرائع دينكم، و يوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه. و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)
و خرج معه الناس، و أصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله، فحج بهم فبلغ من حج مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أهل المدينة و أهل الأطراف و الأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون ، على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون (عليه السلام) فنكثوا و اتبعوا العجل و السامري، و كذلك أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) البيعة لعلي (عليه السلام) بالخلافة- على عدد أصحاب موسى- فنكثوا البيعة و اتبعوا العجل و السامري سنة بسنة، و مثلا بمثل، و اتصلت التلبية ما بين مكة و المدينة، فلما توقف بالموقف أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك، إنه قد دنا أجلك و مدتك، و إني أستقدمك على ما لا بد منه و لا محيص عنه، فاعهد عهدك، و قدم وصيتك، و اعمد إلى ما عندك من العلم و ميراث علوم الأنبياء من قبلك، و السلاح و التابوت و جميع ما عندك من آيات الأنبياء من قبلك، فسلمها إلى وصيك و خليفتك من بعدك، حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب، فأقمه للناس و خذ عهده و ميثاقه و بيعته، و ذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي و ميثاقي الذي واثقتهم به، و عهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي، و مولاهم و مولى كل مؤمن و مؤمنة، علي بن أبي طالب. فإني لم أقبض نبيا من أنبيائي إلا بعد إكمال حجتي و ديني، و إتمام نعمتي بولاية أوليائي و معاداة أعدائي، و ذلك كمال توحيدي و ديني، و تمام نعمتي على خلقي باتباع وليي و إطاعته، و ذلك أني لا أترك أرضي بغير قيم ليكون حجة على خلقي، فاليوم أكملت لكم دينكم، و أتممت عليكم نعمتي، و رضيت لكم الإسلام دينا علي وليي و مولى كل مؤمن و مؤمنة، علي عبدي و وصي نبيي و الخليفة من بعده، و حجتي البالغة على خلقي، مقرون طاعته مع طاعة محمد نبيي، و مقرون طاعة محمد بطاعتي، من أطاعه فقد أطاعني، و من عصاه فقد عصاني، جعلته علما بيني و بين خلقي، فمن عرفه كان مؤمنا، و من أنكره كان كافرا، و من أشرك ببيعته كان مشركا، و من لقيني بولايته دخل الجنة، و من لقيني بعداوته دخل النار. فأقم يا محمد عليا علما، و خذ عليهم البيعة، و خذ عهدي و ميثاقي لهم الذي واثقتهم عليه فإني قابضك إلي، و مستقدمك.
فخشي رسول الله (صلى الله عليه و آله) قومه و أهل النفاق و الشقاق أن يتفرقوا و يرجعوا جاهلية لما عرف من عداوتهم، و ما يبطنون عليه أنفسهم لعلي (عليه السلام) من البغضاء، و سأل جبرئيل (عليه السلام) أن يسأل ربه العصمة من الناس و انتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس من الله عز و جل، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) و أمره أن يعهد عهده و يقيم حجته عليا للناس ، و لم يأته بالعصمة من الله عز و جل بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم- بين مكة و المدينة- فأتاه جبرئيل و أمره بالذي امر به من قبل و لم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرئيل، إني لأخشى قومي أن يكذبوني، و لا يقبلوا قولي في علي. فرحل، فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال، أتاه جبرئيل (عليه السلام) على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر و الانتهار و العصمة من الناس، فقال: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فكان أولهم بلغ قرب الجحفة فأمره أن يرد من تقدم منهم، و يحبس من تأخر منهم في ذلك المكان، ليقيم عليا (عليه السلام) للناس، و يبلغهم ما أنزل الله عز و جل في علي (عليه السلام) و أخبره أن الله تعالى قد عصمه من الناس.
فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ما جاءته العصمة مناديا ينادي، فنادى في الناس بالصلاة جامعة، و تنحى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير، أمره بذلك جبرئيل (عليه السلام) عن الله تعالى، و في الموضع سلمات فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقم ما تحتهن، و ينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على الناس، فتراجع الناس و احتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون، و قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) فوق تلك الأحجار، و قال (صلى الله عليه و آله):
الحمد لله الذي علا بتوحيده، و دنا في تفريده، و جل في سلطانه، و عظم في أركانه، و أحاط بكل شيء علما و هو في مكانه ، و قهر جميع الخلق بقدرته و برهانه... معاشر الناس، إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد، فلا تحسدوه، فتحبط أعمالكم و تزل أقدامكم، فإن آدم (عليه السلام) اهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة، و هو صفوة الله تعالى، فكيف أنتم إن زللتم و أنتم عباد الله! ما يبغض عليا إلا شقي، و لا يتولى عليا إلا تقي، و لا يؤمن به إلا مؤمن مخلص، في علي و الله أنزلت سورة العصر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ .
معاشر الناس، قد أشهدت الله و بلغتكم الرسالة، وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ .
معاشر الناس، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .
معاشر الناس، آمنوا بالله و رسوله و النور الذي انزل معه مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها .
معاشر الناس، النور من الله عز و جل في، ثم مسلوك في علي، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله و بحق كل مؤمن، لأن الله عز و جل قد جعلنا حجة على المقصرين و المعاندين و المخالفين و الخائنين و الآثمين و الظالمين من جميع العالمين.
معاشر الناس، إني رسول الله قد خلت من قبلي الرسل أ فإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم و من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي الله الشاكرين الصابرين ألا إن عليا الموصوف بالصبر و الشكر ثم من بعده ولدي من صلبه.
معاشر الناس، لا تمنوا علي بإسلامكم فيسخط الله عليكم، فيصيبكم بعذاب من عنده، إن ربك لبالمرصاد.
معاشر الناس، سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار، و يوم القيامة لا ينصرون. معاشر الناس، إن الله و أنا بريئان منهم.
معاشر الناس، إنهم و أنصارهم و أشياعهم و أتباعهم في الدرك الأسفل من النار، و لبئس مثوى المتكبرين .
معاشر الناس، إني أدعها إمامة و وراثة في عقبي إلى يوم القيامة، و قد بلغت ما بلغت حجة على كل حاضر و غائب، و على كل أحد ممن شهد أو لم يشهد، و ولد أو لم يولد، فليبلغ الحاضر الغائب، و الوالد الولد إلى يوم القيامة، و سيجعلونها ملكا و اغتصابا، ألا لعن الله الغاصبين و المغتصبين، و عندها سنفرغ لكم أيها الثقلان فيرسل
معاشر الناس، إن الله عز و جل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، و ما كان الله ليطلعكم على الغيب.
معاشر الناس، إنه ما من قرية إلا و الله مهلكها بتكذيبها، و كذلك يهلك القرى و هي ظالمة كما ذكر الله عز و جل، و هذا إمامكم و وليكم و هو مواعد الله و الله يصدق وعده.
معاشر الناس، قد ضل قبلكم أكثر الأولين، و الله قد أهلك الأولين و هو مهلك الآخرين، قال الله تعالى: أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ* ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ* كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ* وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ .
معاشر الناس، إن الله قد أمرني و نهاني، و قد أمرت عليا و نهيته، و علم الأمر و النهي من ربه عز و جل، فاسمعوا لأمره و انتهوا لنهيه، و صيروا إلى مراده، و لا تتفرق بكم السبل عن سبيله. أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم باتباعه، ثم علي من بعدي، ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون بالحق و به يعدلون. ... ))
معرفی کتاب:
نام كتاب: البرهان في تفسير القرآن
نويسنده: بحرانى، سيد هاشم بن سليمان ، تاريخ وفات مؤلف: 1107 ق
محقق / مصحح: قسم الدراسات الإسلامية مؤسسة البعثة
موضوع: تفسير
زبان: عربى
تعداد جلد: 5
ناشر: مؤسسه بعثه
مكان چاپ: قم
سال چاپ: 1374 ش
نوبت چاپ: اول
و في كتاب الاحتجاج [للطّبرسيّ- رحمه اللّه- بإسناده إلى محمّد بن عليّ الباقر-] عليه السّلام- أنّه قال: حجّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- من المدينة، و قد بلّغ جميع الشّرائع قومه غير الحجّ و الولاية. فأتاه جبرئيل- عليه السّلام- فقال له: يا محمّد، إنّ اللّه- عزّ و جلّ- يقرئك السّلام و يقول لك: إنّي لم أقبض نبيّا من أنبيائي و لا رسولا من رسلي، إلّا بعد إكمال ديني و تأكيد حجّتي، و قد بقي عليك من ذلك فريضتان ممّا يحتاج أن تبلّغهما قومك: فريضة الحجّ و فريضة الولاية و الخلافة من بعدك. فإنّي لم أخل أرضي من حجّة و لن أخليها أبدا. فإنّ اللّه يأمرك أن تبلّغ قومك الحجّ، تحجّ و يحجّ معك كلّ من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر و الأطراف و الأعراب، و تعلّمهم من معالم حجتهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم و زكاتهم و صيامهم، و توقفهم من ذلك على مثال الّذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلّغتهم من الشّرائع.
فنادى منادي رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- في النّاس: ألا إنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- يريد الحجّ، و أن يعلّمكم من ذلك مثل الّذي علّمكم من شرائع دينكم، و يوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره. فخرج [رسول اللّه] - صلّى اللّه عليه و آله- و خرج معه النّاس، و أصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله، فحجّ بهم. و بلغ من حجّ مع رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- من أهل المدينة و أهل الأطراف و الأعراب، سبعين ألف إنسان أو يزيدون، على نحو عدد أصحاب موسى- عليه السّلام- السّبعين ألف الّذين أخذ عليهم بيعة هارون- عليه السّلام- فنكثوا و اتّبعوا العجل و السّامريّ. و كذلك [أخذ] رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- البيعة لعليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- بالخلافة على عدد أصحاب موسى- عليه السّلام- فنكثوا البيعة و اتّبعوا العجل [السّامريّ] سنّة بسنّة، و مثلا بمثل. و اتّصلت التّلبية ما بين مكّة و المدينة.
فلمّا وقف بالموقف أتاه جبرئيل- عليه السّلام- عن اللّه- تعالى- فقال:
يا محمّد إنّ اللّه- عزّ و جلّ- يقرئك السّلام، و يقول لك: إنّه قد دنا أجلك و مدّتك و أنا مستقدمك على ما لا بدّ منه و لا عنه محيص. فاعهد عهدك، و قدّم وصيّتك، و اعمد إلى ما عندك من العلم و ميراث علوم الأنبياء من قبلك و السّلاح و التّابوت و جميع ما عندك من آيات الأنبياء- عليهم السّلام- فسلّمها «6» إلى وصيّك و خليفتك من بعدك حجّتي البالغة على خلقي عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-. فأقمه للنّاس علما. و جدّد عهده و ميثاقه و بيعته. و ذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي و ميثاقي الّذي واثقتهم به و عهدي الّذي عهدت إليهم من ولاية وليّي و مولاهم و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-. فإنّي لم أقبض نبيّا من الأنبياء، إلّا من بعد إكمال ديني و إتمام نعمتي بولاية أوليائي و معاداة أعدائي. و ذلك كمال توحيدي و ديني و إتمام نعمتي على خلقي، باتّباع وليّي و طاعته. و ذلك أنّي لا أترك أرضي بغير [وليّ و لا] قيّم، ليكون حجّة لي على خلقي. ف الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (الآية) بولاية وليّي و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة. عليّ عبدي، و وصي نّبييّ، و الخليفة من بعده، و حجّتي البالغة على خلقي مقرون طاعته بطاعة محمّد نبيّي و مقرون طاعته مع طاعة محمّد بطاعتي. من أطاعه فقد أطاعني، و من عصاه فقد عصاني. جعلته علما بيني و بين خلقي، من عرفه كان مؤمنا، و من أنكره كان كافرا، و من أشرك ببيعته كان مشركا، و من لقيني بولايته دخل الجنّة، و من لقيني بعداوته دخل النّار. فأقم يا محمّد عليّا علما، و خذ عليهم البيعة، و جدد عليهم عهدي و ميثاقي لهم الّذي واثقتهم عليه. فإنّي قابضك إليّ و مستقدمك عليّ.
فخشي رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- قومه و أهل النّفاق و الشّقاق، أن يتفرّقوا و يرجعوا جاهليّة لما عرف من عداوتهم و لما تنطوي عليه أنفسهم لعليّ- عليه السّلام- من العداوة و البغضاء . و سأل جبرئيل- عليه السّلام- أن يسأل ربّه العصمة من النّاس، و انتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من النّاس عن اللّه- جلّ اسمه- فأخّر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف. فأتاه جبرئيل- عليه السّلام- في مسجد الخيف. فأمره أن يعهد عهده، و يقيم عليّا [علما] للنّاس [يهتدون به.] و لم يأته بالعصمة من اللّه- جلّ جلاله- بالذي أراد، حتّى بلغ كراع الغميم بين مكّة و المدينة. فأتاه جبرئيل- عليه السلام- و أمره بالّذي أتاه به من قبل اللّه ، و لم يأته بالعصمة.
فقال: يا جبرئيل، إنّي أخشى قومي أن يكذّبوني، و لا يقبلوا قولي في علي .
فرحل، فلمّا بلغ غدير خمّ قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبريل- عليه السّلام- على خمس ساعات مضت من النّهار بالزّجر و الانتهار و العصمة من الناس.
فقال: يا محمّد، إنّ اللّه- عزّ و جلّ- يقرئك السّلام، و يقول لك: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في عليّ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.
و كان أوائلهم قريب من الجحفة. فأمر بأن يردّ من تقدّم منهم، و يحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان، ليقيم عليا للنّاس ، و يبلّغهم ما أنزل اللّه- تعالى- في عليّ- عليه السّلام- و أخبره بأنّ اللّه- عزّ و جلّ- قد عصمه من النّاس.
فأمر رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- عند ما جاءته العصمة مناديا ينادي في النّاس بالصّلاة جامعة، و يرد من تقدّم منهم، و يحبس من تأخّر. فتنحّى عن يمين الطّريق إلى جنب مسجد الغدير، أمره بذلك جبرئيل- عليه السّلام- عن اللّه- عزّ و جلّ- و [كان] في الموضع سلمات، فأمر رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- أن يقمّ ما تحتهنّ و ينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على النّاس. فتراجع النّاس، و احتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون.
فقام رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- فوق تلك الأحجار. ثمّ حمد اللّه- تعالى- و أثنى عليه. فقال: الحمد للّه الّذي علا في توحّده، و دنا في تفرّده، و جلّ في سلطانه،... معاشر النّاس، إنّ إبليس أخرج آدم من الجنّة بالحسد، فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم و تزلّ أقدامكم. فإنّ آدم- عليه السّلام- أهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة و هو صفوة اللّه- عزّ و جلّ- فكيف بكم و أنتم أنتم؟ و منكم أعداء اللّه. ألا إنّه لا يبعض عليّا إلّا شقي، و لا يتولّى عليّا إلّا نقيّ، و لا يؤمن به إلّا مؤمن مخلص. و في عليّ- و اللّه- أنزلت سورة العصر: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وَ الْعَصْرِ إلى آخره.
معاشر النّاس، قد استشهدت اللّه و بلّغتكم رسالتي وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ..
معاشر النّاس، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ..
معاشر النّاس، «آمنوا باللّه و رسوله و النّور الّذي أنزل معه ». «من قبل أن نطمس وجوها فنردّها على أدبارها ».
معاشر النّاس، النّور من اللّه- عزّ و جلّ- فيّ، ثمّ مسلوك في عليّ- عليه السّلام- ثمّ في النّسل منه إلى القائم المهديّ، الّذي يأخذ بحقّ اللّه و بكلّ حقّ هو لنا. لأنّ اللّه- عزّ و جلّ- قد جعلنا حجّة على المقصّرين و المعاندين و المخالفين و الخائنين و الآثمين و الظّالمين من جميع العالمين.
معاشر النّاس، إنّي أنذركم «أنّي رسول اللّه إليكم قد خلت من قبلي الرّسل أ فإن متّ أو قتلت انقلبتم على أعقابكم و من ينقلب على عقبيه فلن يضرّ اللّه شيئا و سيجزي اللّه الشّاكرين .» ألا و إنّ عليّا [هو] الموصوف بالصّبر و الشّكر، ثمّ من بعده ولدي من صلبه.
معاشر النّاس، «لا تمنّوا على اللّه تعالى إسلامكم » فيسخط عليكم و يصيبكم بعذاب من عنده «إنّه لبالمرصاد ».
معاشر النّاس، [، إنّه] سيكون من بعدي أئمّة يدعون إلى النّار، و يوم القيامة لا ينصرون.
معاشر النّاس، إنّ اللّه و أنا بريئان منهم.
معاشر النّاس، إنّهم و أشياعهم و أتباعهم و أنصارهم في الدّرك الأسفل من النّار، و لبئس مثوى المتكبّرين. ألا إنّهم أصحاب الصّحيفة، فلينظر أحدكم في صحيفته.
قال: فذهب على النّاس- إلّا شر ذمة منهم- أمر الصّحيفة.
معاشر النّاس، إنّي أدعها إمامة و وراثة في عقبي إلى يوم القيامة. و قد بلّغت ما أمرت بتبليغه حجّة على كلّ حاضر و غائب، و على كلّ أحد، و ممّن شهد أو لم يشهد، ولد أو لم يولد. فليبلّغ الحاضر الغائب، و الوالد الولد إلى يوم القيامة. و سيجعلونها ملكا و اغتصابا. ألا لعن اللّه الغاصبين و المغتصبين. و عندها سنفرغ لكم أيّها الثّقلان فيرسل عليكما شواظ من نار و نحاس فلا تنتصران.
معاشر النّاس، «إنّ اللّه- عزّ و جلّ- لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتّى يميز الخبيث من الطّيّب و ما كان اللّه ليطلعكم على الغيب .».
معاشر النّاس، «إنّه ما من قرية إلّا و اللّه مهلكها بتكذيبها » «و كذلك يهلك القرى و هي ظالمة» كما ذكر اللّه- تعالى- و هذا إمامكم و وليّكم. و هو مواعيد اللّه.
و اللّه يصدق ما وعده.
معاشر النّاس، قد ضلّ قبلكم أكثر الأوّلين. و اللّه لقد أهلك الأوّلين، و هو مهلك الآخرين [. قال اللّه تعالى : أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.] .
معاشر النّاس، إنّ اللّه قد أمرني و نهاني، و قد أمرت عليّا و نهيته فعلم الأمر و النّهي من ربّه- عزّ و جلّ- فاسمعوا لأمره تسلموا، و أطيعوه تهتدوا، و انتهوا لنهيه ترشدوا، و صيروا إلى مراده و لا تتفرّق بكم السّبل عن سبيله. ... ))
معرفی کتاب:
نام كتاب: تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب
نويسنده: قمي مشهدي، محمد بن محمدرضا ، تاريخ وفات مؤلف: 1125
محقق / مصحح: درگاهى، حسين
موضوع: تفسير
زبان: عربى
تعداد جلد: 14
ناشر: وزارت فرهنگ و ارشاد اسلامى، سازمان چاپ و انتشارات
مكان چاپ: تهران
سال چاپ: 1368 ش
نوبت چاپ: اول
الاحتجاج: حدّثني السيّد العالم العابد أبو جعفر مهديّ بن أبي حرب الحسينيّ المرعشي رضي اللّه عنه قال: أخبرنا الشيخ أبو عليّ الحسن بن الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي رضي اللّه عنه، قال:
أخبرني الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر قدس اللّه روحه، قال: أخبرني جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري ، قال: أخبرنا أبو علي محمّد بن همام ، قال: أخبرنا عليّ السوري، قال: أخبرنا أبو محمّد العلوي من ولد الأفطس- و كان من عباد اللّه الصالحين- قال: حدّثنا محمّد بن موسى الهمداني ، قال:
حدّثنا محمّد بن خالد الطيالسي ، قال: حدّثنا سيف بن عميرة ؛ و صالح بن عقبة جميعا، عن قيس بن سمعان، عن علقمة بن محمّد الحضرمي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام، أنّه قال: حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من المدينة و قد بلّغ جميع الشرائع قومه غير الحجّ و الولاية.
فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال له: يا محمّد! إنّ اللّه جلّ اسمه يقرئك السلام و يقول لك: إنّي لم أقبض نبيّا من أنبيائي، و لا رسولا من رسلي إلّا بعد إكمال ديني و تأكيد حجّتي، و قد بقي عليك من ذلك فريضتان ممّا تحتاج أن تبلّغهما قومك:
فريضة الحجّ، و فريضة الولاية و الخلافة من بعدك، فإنّي لم أخل أرضي من حجّة و لن اخليها أبدا. و إنّ اللّه جلّ ثناؤه يأمرك أن تبلّغ قومك الحجّ، و تحجّ و يحجّ معك [كلّ] من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر و الأطراف و الأعراب، و تعلّمهم من معالم حجّهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم، و زكاتهم، و صيامهم، و توقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلّغتهم من الشرائع؛ فنادى منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الناس:
ألا إنّ رسول اللّه يريد الحجّ، و أن يعلّمكم من ذلك مثل الّذي علّمكم من شرائع دينكم، و يوقفكم من ذاك على [مثل] ما أوقفكم عليه من غيره.
فخرج صلّى اللّه عليه و آله و خرج معه الناس، و أصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله، فحجّ بهم، و بلغ من حجّ مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من أهل المدينة و أهل الأطراف و الأعراب سبعين ألف انسان أو يزيدون، على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون، فنكثوا و اتّبعوا العجل و السامري؛ و كذلك أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله البيعة لعليّ بالخلافة على [نحو] عدد أصحاب موسى، فنكثوا البيعة و اتّبعوا العجل و السامريّ سنّة بسنّة، و مثلا بمثل [لم يخرم منه شيء] و اتّصلت التلبية ما بين مكّة و المدينة؛ فلمّا وقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالموقف، أتاه جبرئيل عليه السلام عن اللّه عزّ و جل فقال: يا محمّد! إنّ اللّه عزّ و جلّ يقرئك السلام و يقول لك:
إنّه قد دنا أجلك و مدّتك، و أنا مستقدمك على ما لا بدّ منه و لا عنه محيص، فاعهد عهدك، و قدّم وصيّتك، و اعمد إلى ما عندك من العلم و ميراث علوم الأنبياء من قبلك، و السلاح و التابوت و جميع ما عندك من آيات الأنبياء، فسلّمها إلى وصيّك و خليفتك من بعدك، حجّتي البالغة على خلقي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فأقمه للناس علما، و جدّد عهده و ميثاقه و بيعته، و ذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي و ميثاقي الّذي واثقتهم به، و عهدي الّذي عهدت إليهم من ولاية وليّي و مولاهم و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فإنّي لم أقبض نبيّا من الأنبياء إلّا من بعد إكمال ديني [و حجّتي] و إتمام نعمتي بولاية أوليائي، و معاداة أعدائي؛ و ذلك كمال توحيدي و ديني، و إتمام نعمتي على خلقي باتّباع وليّي و طاعته؛ و ذلك أنّي لا أترك أرضي بغير [وليّ، و لا] قيّم، ليكون حجّة لي على خلقي، ف الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً بولاية وليّي ، و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة «عليّ» عبدي و وصيّ نبيّي، و الخليفة من بعده، و حجّتي البالغة على خلقي، مقرون طاعته بطاعة محمّد نبيّي، و مقرون طاعته مع طاعة محمّد بطاعتي، من أطاعه فقد أطاعني، و من عصاه فقد عصاني؛ جعلته علما بيني و بين خلقي، من عرفه كان مؤمنا، و من أنكره كان كافرا، و من
أشرك بيعته كان مشركا، و من لقيني بولايته دخل الجنّة، و من لقيني بعداوته دخل النار، فأقم يا محمّد عليّا علما و خذ عليهم البيعة، و جدّد عهدي و ميثاقي [لهم] الّذي واثقتهم عليه، فإنّي قابضك إليّ و مستقدمك عليّ.
فخشي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله [من] قومه و أهل النفاق و الشقاق أن يتفرّقوا و يرجعوا إلى جاهلية، لما عرف من عداوتهم، و لما تنطوي عليه أنفسهم لعليّ عليه السلام من العداوة و البغضاء، و سأل جبرئيل أن يسأل ربّه العصمة من الناس، و انتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس عن اللّه جلّ اسمه.
فأخّر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرئيل عليه السلام في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده، و يقيم عليّا علما للناس [يهتدون به]، و لم يأته بالعصمة من اللّه جلّ جلاله بالّذي أراد، حتى بلغ كراع الغميم- بين مكّة و المدينة- فأتاه جبرئيل و أمره بالّذي أتاه فيه من قبل اللّه، و لم يأته بالعصمة.
فقال: يا جبرئيل! إنّي أخشى قومي أن يكذّبوني و لا يقبلوا قولي في عليّ.
[فسأل جبرئيل كما سأل بنزول آية العصمة، فأخّره ذلك] فرحل.
فلمّا بلغ غدير خمّ قبل الجحفة بثلاثة أميال، أتاه جبرئيل عليه السلام على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر و الانتهار و العصمة من الناس.
فقال: يا محمّد! إنّ اللّه عزّ و جلّ يقرئك السلام و يقول لك:
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ- في عليّ- وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.
و كان أوائلهم قريب من الجحفة، فأمر بأن يردّ من تقدّم منهم، و يحبس [من] تأخّر عنهم في ذلك المكان، ليقيم عليّا علما للناس، و يبلّغهم ما أنزل اللّه تعالى في عليّ، و أخبره بأنّ اللّه عزّ و جلّ قد عصمه من الناس؛
فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فوق تلك الأحجار، ثم حمد اللّه تعالى و أثنى عليه فقال: الحمد للّه الذي علا في توحّده، و دنا في تفرّده، و جلّ في سلطانه،... معاشر الناس! إنّ إبليس أخرج آدم من الجنّة بالحسد، فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم و تزلّ أقدامكم، فإنّ آدم اهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة، و هو صفوة اللّه عزّ و جلّ، و كيف بكم و أنتم أنتم و منكم أعداء اللّه، ألا إنّه لا يبغض عليّا إلّا شقيّ، و لا يتوالى عليّا إلّا تقيّ، و لا يؤمن به إلّا مؤمن مخلص.
و في عليّ- و اللّه- نزلت سورة العصر:
بسم اللّه الرحمن الرحيم وَ الْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إلى آخرها.
معاشر الناس! قد استشهدت اللّه و بلّغتكم رسالتي، و ما على الرسول إلّا البلاغ المبين.
معاشر الناس! اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ .
معاشر الناس! آمنوا باللّه و رسوله و النور الذي انزل معه مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها [أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ ؛ ما عنى بهذه الآية إلّا قوما من أصحابي أعرفهم بأسمائهم و أنسابهم و قد امرت بالصفح عنهم، فليعمل كلّ امرئ على ما يجد لعليّ في قلبه من الحبّ و البغض].
معاشر الناس! النور من اللّه عزّ و جلّ فيّ مسلوك، ثمّ في عليّ، ثمّ في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحقّ اللّه و بكلّ حقّ هو لنا، لأنّ اللّه عزّ و جلّ قد جعلنا حجّة على المقصّرين و المعاندين و المخالفين و الخائنين و الآثمين و الظالمين [و الغاصبين] من جميع العالمين.
معاشر الناس! انذركم أنّي رسول اللّه قد خلت من قبلي الرسل، أ فإن متّ أو قتلت انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ .
ألا و إنّ عليّا هو الموصوف بالصبر و الشكر، ثمّ من بعده ولدي من صلبه.
معاشر الناس! لا تمنّوا على اللّه إسلامكم فيسخط عليكم و يصيبكم بعذاب من عنده إنّه لبالمرصاد.
معاشر الناس! [إنّه] سيكون من بعدي أئمّة يدعون إلى النار و يوم القيامة لا ينصرون.
معاشر الناس! إنّ اللّه و أنا بريئان منهم.
معاشر الناس! إنّهم و أنصارهم و أتباعهم و أشياعهم فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ و فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ألا إنّهم أصحاب الصحيفة، فلينظر أحدكم في صحيفته. قال: فذهب على الناس- إلّا شرذمة منهم- أمر الصحيفة.
معاشر الناس! إنّي أدعها إمامة و وراثة في عقبي إلى يوم القيامة، و قد بلّغت ما امرت بتبليغه، حجّة على كلّ حاضر و غائب، و على كلّ أحد ممّن شهد أو لم يشهد، ولد أو لم يولد، فليبلّغ الحاضر الغائب، و الوالد الولد إلى يوم القيامة، و سيجعلونها ملكا و اغتصابا، ألا لعن اللّه الغاصبين و المغتصبين، و عندها سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ و يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَ نُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ .
معاشر الناس! إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يكن يذركم عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ .
[معاشر الناس! إنّه ما من قرية إلّا و اللّه مهلكها بتكذيبها، و كذلك يهلك القرى و هي ظالمة كما ذكر اللّه تعالى، و هذا عليّ إمامكم و وليّكم، و هو مواعيد اللّه ، و اللّه يصدق ما وعده].
معاشر الناس! قد ضلّ قبلكم أكثر الأوّلين، و اللّه لقد أهلك الأوّلين، و هو مهلك الآخرين [قال اللّه تعالى: أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ* ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ* كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ* وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ].
معاشر الناس! إنّ اللّه قد أمرني و نهاني، و قد أمرت عليّا و نهيته؛ فعلم الأمر و النهي من ربّه عزّ و جلّ، فاسمعوا لأمره تسلموا، و أطيعوه تهتدوا، و انتهوا لنهيه ترشدوا، و صيروا إلى مراده، و لا تتفرّق بكم السبل عن سبيله. ... ))
معرفی کتاب:
نام كتاب: عوالم العلوم و المعارف والأحوال- الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام
نويسنده: بحرانى اصفهانى، عبد الله بن نور الله ، تاريخ وفات مؤلف: قرن 12
محقق / مصحح: موحد ابطحى اصفهانى، محمد باقر
موضوع: كلام
زبان: عربى
تعداد جلد: 2
ناشر: مؤسسة الإمام المهدى عجّل الله تعالى فرجه الشريف
مكان چاپ: ايران؛ قم
سال چاپ: 1382 ش
نوبت چاپ: دوم