[أَبَانٌ عَنْ سُلَيْمٍ وَ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ حَدِيثُهُمَا وَاحِدٌ هَذَا وَ ذَلِكَ قَالا]1 قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجّاً فِي خِلَافَتِهِ الْمَدِينَةَ بَعْدَ مَا قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ صَالَحَ الْحَسَنَ ع 2 فَاسْتَقْبَلَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَنَظَرَ فَإِذَا الَّذِي اسْتَقْبَلَهُ مِنْ قُرَيْشٍ أَكْثَرُ مِنَ الْأَنْصَارِ3 [فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ لَيْسَتْ لَهُمْ دَوَابُ] 4
فَالْتَفَتَ مُعَاوِيَةُ إِلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَا لَكُمْ لَا تَسْتَقْبِلُونِّي مَعَ إِخْوَانِكُمْ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ قَيْسٌ [وَ كَانَ سَيِّدَ الْأَنْصَارِ وَ ابْنَ سَيِّدِهِمْ]5 أَقْعَدَنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَمْ تَكُنْ لَنَا دَوَابُّ6 فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فَأَيْنَ النَّوَاضِحُ7 فَقَالَ قَيْسٌ8 أَفْنَيْنَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ وَ يَوْمَ أُحُدٍ [وَ مَا بَعْدَهُمَا فِي مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ]9
حِينَ ضَرَبْنَاكَ وَ أَبَاكَ عَلَى الْإِسْلَامِ- [حَتَّى ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ أَنْتُمْ كَارِهُونَ] 10 قَالَ مُعَاوِيَةُ اللَّهُمَّ غَفْراً 11قَالَ قَيْسٌ أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ [إِنَّكُمْ]12 سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً [فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فَمَا أَمَرَكُمْ قَالَ أَمَرَنَا أَنْ نَصْبِرَ حَتَّى نَلْقَاهُ فَقَالَ فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْهُ]13
ثُمَّ قَالَ14 قَيْسٌ يَا مُعَاوِيَةُ تُعَيِّرُنَا بِنَوَاضِحِنَا وَ اللَّهِ لَقَدْ لَقِينَاكُمْ عَلَيْهَا يَوْمَ بَدْرٍ وَ أَنْتُمْ جَاهِدُونَ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ الشَّيْطَانِ هِيَ الْعُلْيَا ثُمَّ دَخَلْتَ أَنْتَ وَ أَبُوكَ كَرْهاً فِي الْإِسْلَامِ الَّذِي ضَرَبْنَاكُمْ عَلَيْهِ15 فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ كَأَنَّكَ تَمُنُّ عَلَيْنَا بِنُصْرَتِكَ16 إِيَّانَا وَ اللَّهِ لِقُرَيْشٍ17 بِذَلِكَ الْمَنُّ وَ الطَّوْلُ [أَ لَسْتُمْ تَمُنُّونَ عَلَيْنَا يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ بِنُصْرَتِكُمْ رَسُولَ اللَّهِ وَ هُوَ مِنْ قُرَيْشٍ وَ هُوَ ابْنُ عَمِّنَا وَ مِنَّا فَلَنَا الْمَنُّ وَ الطَّوْلُ]18
إِذْ جَعَلَكُمُ اللَّهُ أَنْصَارَنَا وَ أَتْبَاعَنَا فَهَدَاكُمْ بِنَا فَقَالَ قَيْسٌ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ مُحَمَّداً ص رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فَبَعَثَهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً إِلَى الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ وَ الْأَبْيَضِ وَ اخْتَارَهُ لِنُبُوَّتِهِ وَ اخْتَصَّهُ بِرِسَالَتِهِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ وَ آمَنَ بِهِ ابْنَ عَمِّهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ كَانَ أَبُو طَالِبٍ عَمُّهُ يَذُبُّ عَنْهُ وَ يَمْنَعُ مِنْهُ وَ يَحُولُ بَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَ بَيْنَهُ أَنْ يُرَوِّعُوهُ أَوْ يُؤْذُوهُ وَ يَأْمُرُهُ بِتَبْلِيغِ رِسَالاتِ رَبِّهِ
فَلَمْ يَزَلْ مَمْنُوعاً مِنَ الضَّيْمِ وَ الْأَذَى حَتَّى مَاتَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَ أَمَرَ ابْنَهُ عَلِيّاً بِمُؤَازَرَتِهِ [وَ نُصْرَتِهِ]19 فَوَازَرَهُ عَلِيٌّ وَ نَصَرَهُ وَ جَعَلَ نَفْسَهُ دُونَهُ فِي كُلِّ شَدِيدَةٍ وَ كُلِّ ضَيْقٍ وَ كُلِّ خَوْفٍ وَ اخْتَصَّ اللَّهُ بِذَلِكَ عَلِيّاً ع مِنْ بَيْنِ قُرَيْشٍ وَ أَكْرَمَهُ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ فَجَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ جَمِيعَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ [فِيهِمْ أَبُو طَالِبٍ وَ أَبُو لَهَبٍ]20
وَ هُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ وَ خَادِمُهُ [يَوْمَئِذٍ]21 عَلِيٌّ ع وَ رَسُولُ اللَّهِ [يَوْمَئِذٍ] 22 فِي حَجْرِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَنْتَدِبُ أَنْ يَكُونَ أَخِي وَ وَزِيرِي [وَ وَارِثِي]23 وَ خَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي وَ وَلِيَّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي فَسَكَتَ الْقَوْمُ حَتَّى أَعَادَهَا رَسُولُ اللَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ رَأْسَ عَلِيٍّ فِي حَجْرِهِ وَ تَفَلَ فِي فِيهِ24
وَ قَالَ اللَّهُمَّ امْلَأْ جَوْفَهُ عِلْماً وَ فَهْماً وَ حُكْمَا ثُمَّ قَالَ لِأَبِي طَالِبٍ25 يَا أَبَا طَالِبٍ اسْمَعِ الْآنَ لِابْنِكَ عَلِيٍّ وَ أَطِعْ فَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ مِنْ نَبِيِّهِ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى [وَ آخَى بَيْنَ النَّاسِ]26 وَ آخَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَ بَيْنَ نَفْسِهِ فَلَمْ يَدَعْ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ شَيْئاً مِنْ مَنَاقِبِهِ إِلَّا ذَكَرَهَا وَ احْتَجَّ بِهَا وَ قَالَ مِنْهُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ بِجَنَاحَيْنِ27 اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ وَ مِنْهُمْ حَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ وَ مِنْهُمْ فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ28
فَإِذَا وَضَعْتَ مِنْ قُرَيْشٍ رَسُولَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَيْتِهِ وَ عِتْرَتَهُ الطَّيِّبِينَ29 فَنَحْنُ وَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ وَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِلَى أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْكُمْ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ فَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى وَالِدِي سَعْدٍ ثُمَّ قَالُوا لَا نُبَايِعُ غَيْرَ سَعْدٍ30
فَجَاءَتْ قُرَيْشٌ بِحُجَّةِ عَلِيٍّ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ خَاصَمُونَا بِحَقِّهِ وَ قَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا يَعْدُو قُرَيْشٌ أَنْ يَكُونُوا ظَلَمُوا الْأَنْصَارَ وَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ ع وَ لَعَمْرِي مَا لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ لَا لِقُرَيْشٍ وَ لَا لِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ فِي الْخِلَافَةِ حَقٌّ [وَ لَا نَصِيبٌ]31 مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [وَ وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ]32
فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ يَا ابْنَ سَعْدٍ عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا وَ عَمَّنْ رَوَيْتَهُ وَ عَمَّنْ سَمِعْتَهُ أَبُوكَ أَخْبَرَكَ بِذَلِكَ33 وَ عَنْهُ أَخَذْتَهُ فَقَالَ قَيْسٌ سَمِعْتُهُ وَ أَخَذْتُهُ مِمَّنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي وَ أَعْظَمُ عَلَيَّ حَقّاً مِنْ أَبِي قَالَ وَ مَنْ هُوَ قَالَ [ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ]34 عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَالِمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ [وَ دَيَّانُهَا]35 وَ صِدِّيقُهَا [وَ فَارُوقُهَا]36 الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ [مَا أَنْزَلَ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ]37 قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ38 فَلَمْ يَدَعْ قَيْسٌ آيَةً نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ ع إِلَّا ذَكَرَهَا
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فَإِنَّ صَدِّيقَهَا أَبُو بَكْرٍ وَ فَارُوقَهَا عُمَرُ وَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَالَ قَيْسٌ أَحَقُّ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَ أَوْلَى بِهَا الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ- أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ39 [وَ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ فِيهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ40
وَ اللَّهِ لَقَدْ نَزَلَتْ وَ عَلِيٌّ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ فَأَسْقَطْتُمْ ذَلِكَ]41 وَ الَّذِي نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بِغَدِيرِ خُمٍّ فَقَالَ مَنْ كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِيٌّ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِ42 وَ كَانَ مُعَاوِيَةُ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ نَادَى مُنَادِيهِ وَ كَتَبَ43 بِذَلِكَ نُسْخَةً [إِلَى جَمِيعِ الْبُلْدَانِ]44 إِلَى عُمَّالِهِ أَلَا بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِمَّنْ رَوَى حَدِيثاً فِي مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَوْ فَضَائِلِ أَهْلِ بَيْتِهِ [وَ قَدْ أَحَلَّ بِنَفْسِهِ الْعُقُوبَةَ]45 وَ قَامَتِ الْخُطَبَاءُ فِي كُلِّ كُورَةٍ [وَ مَكَانٍ]46 وَ عَلَى كُلِّ الْمَنَابِرِ بِلَعْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَ الْوَقِيعَةِ فِيهِ وَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ ع وَ اللَّعْنَةِ لَهُمْ [بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ]47
ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ مَرَّ48 بِحَلْقَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا لَهُ 49غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا مَنَعَكَ مِنَ الْقِيَامِ كَمَا قَامَ أَصْحَابُكَ إِلَّا مَوْجِدَةٌ [فِي نَفْسِكَ]50 عَلَيَّ بِقِتَالِي إِيَّاكُمْ51 يَوْمَ صِفِّينَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ ابْنَ عَمِّي [أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ]52 عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً
قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ قُتِلَ مَظْلُوماً أَ فَسَلَّمْتُمُ الْأَمْرَ53 إِلَى وُلْدِهِ [وَ هَذَا ابْنُهُ]54 قَالَ إِنَّ عُمَرَ قَتَلَهُ مُشْرِكٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَمَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ قَالَ [قَتَلَهُ]55 الْمُسْلِمُونَ قَالَ فَذَلِكَ أَدْحَضُ56 لِحُجَّتِكَ وَ أَحَلُّ لِدَمِهِ57 إِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَتَلُوهُ وَ خَذَلُوهُ [فَلَيْسَ إِلَّا بِحَقٍ]58
قَالَ مُعَاوِيَةُ فَإِنَّا قَدْ كَتَبْنَا فِي الْآفَاقِ نَنْهَى عَنْ ذِكْرِ مَنَاقِبِ عَلِيٍّ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَكُفَّ لِسَانَكَ59 يَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَ ارْبَعْ عَلَى نَفْسِكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَ فَتَنْهَانَا عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَالَ لَا قَالَ أَ فَتَنْهَانَا عَنْ تَأْوِيلِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَنَقْرَؤُهُ وَ لَا نَسْأَلُ عَمَّا عَنَى اللَّهُ بِهِ [قَالَ نَعَمْ قَالَ]60 فَأَيُّمَا 61 أَوْجَبُ عَلَيْنَا قِرَاءَتُهُ أَوِ الْعَمَلُ بِهِ قَالَ مُعَاوِيَةُ الْعَمَلُ بِهِ قَالَ فَكَيْفَ نَعْمَلُ بِهِ حَتَّى نَعْلَمَ مَا عَنَى اللَّهُ بِمَا أَنْزَلَ عَلَيْنَا
قَالَ سَلْ عَنْ ذَلِكَ مَنْ يَتَأَوَّلُهُ عَلَى غَيْرِ مَا تَتَأَوَّلُهُ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَيْتِكَ62 قَالَ إِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِي فَأَسْأَلُ عَنْهُ آلَ أَبِي سُفْيَانَ أَوْ أَسْأَلُ عَنْهُ آلَ أَبِي مُعَيْطٍ أَوِ الْيَهُودَ وَ النَّصَارَى وَ الْمَجُوسَ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ فَقَدْ عَدَلْتَنَا بِهِمْ63 [وَ صَيَّرْتَنَا مِنْهُمْ]64
قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ لَعَمْرِي مَا أَعْدِلُكَ بِهِمْ غَيْرَ أَنَّكَ نَهَيْتَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ بِالْقُرْآنِ65 وَ بِمَا فِيهِ مِنْ أَمْرٍ وَ نَهْيٍ أَوْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ نَاسِخٍ أَوْ مَنْسُوخٍ أَوْ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ أَوْ مُحْكَمٍ أَوْ مُتَشَابِهٍ وَ إِنْ لَمْ تَسْأَلِ الْأُمَّةُ عَنْ ذَلِكَ هَلَكُوا وَ اخْتَلَفُوا وَ تَاهُوا66
قَالَ مُعَاوِيَةُ فَاقْرَءُوا الْقُرْآنَ [وَ تَأَوَّلُوهُ]67 وَ لَا تَرْوُوا شَيْئاً مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمْ [مِنْ تَفْسِيرِهِ]68 وَ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ فِيكُمْ وَ ارْوُوا مَا سِوَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ69 يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ 70
قَالَ مُعَاوِيَةُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ اكْفِنِي نَفْسَكَ وَ كُفَّ عَنِّي لِسَانَكَ وَ إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَكُنْ ذَلِكَ سِرّاً وَ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ مِنْكَ عَلَانِيَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ71 ثُمَّ اشْتَدَّ72 الْبَلَاءُ بِالْأَمْصَارِ كُلِّهَا عَلَى شِيعَةِ عَلِيٍّ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ع وَ كَانَ أَشَدُّ النَّاسِ بَلِيَّةً73 أَهْلَ الْكُوفَةِ لِكَثْرَةِ مَنْ بِهَا مِنَ الشِّيعَةِ74 وَ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ زِيَاداً أَخَاهُ وَ ضَمَّ إِلَيْهِ الْبَصْرَةَ وَ الْكُوفَةَ وَ جَمِيعَ الْعِرَاقَيْنِ75 وَ كَانَ يَتَتَبَّعُ الشِّيعَةَ 76 وَ هُوَ بِهِمْ عَالِمٌ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ فَقَدْ عَرَفَهُمْ وَ سَمِعَ كَلَامَهُمْ أَوَّلَ شَيْءٍ فَقَتَلَهُمْ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ [وَ حَجَرٍ وَ مَدَرٍ وَ أَجْلَاهُمْ]77 وَ أَخَافَهُمْ وَ قَطَعَ الْأَيْدِيَ وَ الْأَرْجُلَ مِنْهُمْ وَ صَلَبَهُمْ عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ وَ سَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَ طَرَدَهُمْ وَ شَرَدَهُمْ [حَتَّى انْتَزَعُوا عَنِ الْعِرَاقِ]78
فَلَمْ يَبْقَ بِالْعِرَاقَيْنِ أَحَدٌ مَشْهُورٌ إِلَّا 79 مَقْتُولٌ أَوْ مَصْلُوبٌ أَوْ طَرِيدٌ 80 أَوْ هَارِبٌ وَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى قُضَاتِهِ وَ وُلَاتِهِ فِي جَمِيعِ الْأَرَضِينَ وَ الْأَمْصَارِ 81 أَنْ لَا تُجِيزُوا لِأَحَدٍ مِنْ شِيعَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ لَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ [وَ لَا مِنْ أَهْلِ وَلَايَتِهِ الَّذِينَ يَرَوْنَ فَضْلَهُ وَ يَتَحَدَّثُونَ بِمَنَاقِبِه] 82 شَهَادَةً وَ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ انْظُرُوا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنْ شِيعَةِ عُثْمَانَ وَ مُحِبِّيهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ أَهْلِ وَلَايَتِهِ الَّذِينَ يَرَوْنَ فَضْلَهُ وَ يَتَحَدَّثُونَ بِمَنَاقِبِهِ فَادْنُوا مَجَالِسَهُمْ وَ أَكْرِمُوهُمْ وَ قَرِّبُوهُمْ وَ شَرِّفُوهُمْ وَ اكْتُبُوا إِلَيَّ بِكُلِّ مَا يَرْوِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِيهِ وَ اسْمِ الرَّجُلِ وَ اسْمِ أَبِيهِ وَ مِمَّنْ هُوَ
فَفَعَلُوا ذَلِكَ حَتَّى أَكْثَرُوا83 فِي عُثْمَانَ الْحَدِيثَ وَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ بِالصِّلَاتِ وَ الْكِسَى84 وَ أَكْثَرَ لَهُمُ الْقَطَائِعَ مِنَ الْعَرَبِ وَ الْمَوَالِي فَكَثُرُوا فِي كُلِّ مِصْرٍ وَ تَنَافَسُوا فِي الْمَنَازِلِ وَ الضِّيَاعِ وَ اتَّسَعَتْ عَلَيْهِمُ الدُّنْيَا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَأْتِي عَامِلَ مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ وَ لَا قَرْيَةٍ 85 فَيَرْوِي فِي عُثْمَانَ مَنْقَبَةً أَوْ يَذْكُرُ لَهُ فَضِيلَةً إِلَّا كُتِبَ اسْمُهُ وَ قُرِّبَ وَ شُفِّعَ86
فَلَبِثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ كَتَبَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ كَثُرَ فِي عُثْمَانَ وَ فَشَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ وَ مِصْرٍ وَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِي هَذَا فَادْعُوا النَّاسَ إِلَى الرِّوَايَةِ فِي أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَإِنَّ فَضْلَهُمَا وَ سَوَابِقَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ وَ أَقَرُّ لِعَيْنِي وَ أَدْحَضُ لِحُجَّةِ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ وَ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ مَنَاقِبِ عُثْمَانَ وَ فَضَائِلِهِ فَقَرَأَ كُلُّ قَاضٍ وَ أَمِيرٍ [مِنْ وُلَاتِهِ]87 كِتَابَهُ عَلَى النَّاسِ
وَ أَخَذَ النَّاسُ فِي الرِّوَايَاتِ فِي أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ فِي مَنَاقِبِهِمْ 88 ثُمَّ كَتَبَ نُسْخَةً جَمَعَ فِيهَا جَمِيعَ مَا رُوِيَ فِيهِمْ مِنَ الْمَنَاقِبِ وَ الْفَضَائِلِ وَ أَنْفَذَهَا إِلَى عُمَّالِهِ وَ أَمَرَهُمْ بِقِرَاءَتِهَا عَلَى الْمَنَابِرِ وَ فِي كُلِّ كُورَةٍ وَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يُنْفِذُوا إِلَى مُعَلِّمِي الْكَتَاتِيبِ أَنْ يُعَلِّمُوهَا صِبْيَانَهُمْ حَتَّى يَرْوُوهَا وَ يَتَعَلَّمُوهَا كَمَا يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ89
وَ حَتَّى عَلَّمُوهَا بَنَاتِهِمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ خَدَمَهُمْ وَ حَشَمَهُمْ فَلَبِثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ90 ثُمَّ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُمَّالِهِ نُسْخَةً وَاحِدَةً إِلَى جَمِيعِ الْبُلْدَانِ انْظُرُوا مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ يُحِبُّ عَلِيّاً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ فَامْحُوهُ مِنَ الدِّيوَانِ وَ لَا تُجِيزُوا لَهُ شَهَادَةً ثُمَّ كَتَبَ كِتَاباً آخَرَ مَنِ اتَّهَمْتُمُوهُ وَ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ [أَنَّهُ مِنْهُمْ]91
فَاقْتُلُوهُ فَقَتَلُوهُمْ عَلَى التُّهَمِ وَ الظَّنِّ وَ الشُّبَهِ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ92 حَتَّى لَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَغْلَطُ93 بِكَلِمَةٍ فَيُضْرَبُ94 عُنُقُهُ وَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْبَلَاءُ فِي بَلَدٍ أَكْبَرَ وَ لَا أَشَدَّ مِنْهُ بِالْعِرَاقِ وَ لَا سِيَّمَا بِالْكُوفَةِ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ ع وَ مِمَّنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالْمَدِينَةِ95 وَ غَيْرِهَا لَيَأْتِيهِ مَنْ يَثِقُ بِهِ96
فَيَدْخُلُ بَيْتَهُ ثُمَّ يُلْقِي إِلَيْهِ سِرَّهُ فَيَخَافُ مِنْ خَادِمِهِ وَ مَمْلُوكِهِ فَلَا يُحَدِّثُهُ حَتَّى يَأْخُذَ عَلَيْهِ الْأَيْمَانَ الْمُغَلَّظَةَ لِيَكْتُمَهُ عَلَيْهِ97 وَ جَعَلَ الْأَمْرُ 98 لَا يَزْدَادُ إِلَّا شِدَّةً وَ كَثُرَ عِنْدَهُمْ عَدُوُّهُمْ99 وَ أَظْهَرُوا أَحَادِيثَهُمُ الْكَاذِبَةَ فِي أَصْحَابِهِمْ مِنَ الزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ فَنَشَأَ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ100
وَ لَمْ يَتَعَلَّمُوا إِلَّا مِنْهُمْ وَ مَضَى عَلَى ذَلِكَ قُضَاتُهُمْ وَ وُلَاتُهُمْ وَ فُقَهَاؤُهُمْ وَ كَانَ أَعْظَمَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ بَلَاءً101 وَ فِتْنَةً الْقُرَّاءُ الْمُرَاءُونَ الْمُتَصَنِّعُونَ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ [لَهُمُ الْحُزْنَ] 102 وَ الْخُشُوعَ وَ النُّسُكَ وَ يَكْذِبُونَ وَ يَفْتَعِلُونَ [يُعَلِّمُونَ] 103 الْأَحَادِيثَ لِيَحْظَوْا بِذَلِكَ [عِنْدَ وُلَاتِهِمْ]104 وَ يَدْنُوا بِذَلِكَ مَجَالِسَهُمْ وَ يُصِيبُوا بِذَلِكَ الْأَمْوَالَ وَ الْقَطَائِعَ وَ الْمَنَازِلَ حَتَّى صَارَتْ أَحَادِيثُهُمْ تِلْكَ وَ رِوَايَاتُهُمْ فِي أَيْدِي مَنْ يَحْسَبُ أَنَّهَا حَقٌّ وَ أَنَّهَا صِدْقٌ105 فَرَوَوْهَا وَ قَبِلُوهَا وَ تَعَلَّمُوهَا وَ عَلَّمُوهَا وَ أَحَبُّوا عَلَيْهَا وَ أَبْغَضُوا [حَتَّى جُمِعَتْ عَلَى ذَلِكَ مَجَالِسُهُمْ] 106
وَ صَارَتْ فِي أَيْدِي النَّاسِ الْمُتَدَيِّنِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَحِلُّونَ الْكَذِبَ وَ يُبْغِضُونَ عَلَيْهِ أَهْلَهُ فَقَبِلُوهَا وَ هُمْ يَرَوْنَ أَنَّهَا حَقٌّ وَ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهَا بَاطِلٌ لَمْ يَرْوُوهَا وَ لَمْ يَتَدَيَّنُوا بِهَا [وَ لَا يَنْقُصُوا مَنْ خَالَفَهُمْ] 107 فَصَارَ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بَاطِلًا وَ الْبَاطِلُ حَقّاً وَ الصِّدْقُ كَذِباً وَ الْكَذِبُ صِدْقاً وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِص لَتَشْمَلَنَّكُمْ فِتْنَةٌ يَرْبُو فِيهَا الْوَلِيدُ وَ يَنْشَأُ فِيهَا الْكَبِيرُ يَجْرِي النَّاسُ عَلَيْهَا وَ يَتَّخِذُونَهَا سُنَّةً فَإِذَا غُيِّرَ مِنْهَا شَيْءٌ قَالُوا أَتَى النَّاسُ مُنْكَراً غُيِّرَتِ السَّنَّةُ 108
فَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع لَمْ يَزَلِ الْفِتْنَةُ وَ الْبَلَاءُ يَعْظُمَانِ وَ يَشْتَدَّانِ فَلَمْ يَبْقَ وَلِيٌّ لِلَّهِ إِلَّا خَائِفاً عَلَى دَمِهِ أَوْ مَقْتُولٌ أَوْ طَرِيدٌ أَوْ شَرِيدٌ وَ لَمْ يَبْقَ عَدُوٌّ لِلَّهِ إِلَّا مُظْهِراً حُجَّتَهُ غَيْرَ مُسْتَتِرٍ بِبِدْعَتِهِ وَ ضَلَالَتِهِ109 فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بِسَنَةٍ110 حَجَّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ [مَعَهُ] 111
فَجَمَعَ الْحُسَيْنُ ع بَنِي هَاشِمٍ رِجَالَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ مَوَالِيَهُمْ وَ شِيعَتَهُمْ مَنْ حَجَّ مِنْهُمْ وَ مِنَ الْأَنْصَارِ112 مِمَّنْ يَعْرِفُهُ الْحُسَيْنُ ع وَ أَهْلُ بَيْتِهِ ثُمَّ أَرْسَلَ رُسُلًا لَا تَدَعُو أَحَداً مِمَّنْ حَجَّ الْعَامَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِص الْمَعْرُوفِينَ بِالصَّلَاحِ وَ النُّسُكِ إِلَّا أَجْمِعُوهُمْ لِي113
فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ بِمِنًى أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ وَ هُمْ114 فِي سُرَادِقِهِ عَامَّتُهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ [وَ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ص] 115 وَ [غَيْرِهِمْ] 116 فَقَامَ فِيهِمُ الْحُسَيْنُ ع خَطِيباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ هَذَا الطَّاغِيَةَ قَدْ فَعَلَ 117 بِنَا وَ بِشِيعَتِنَا مَا قَدْ رَأَيْتُمْ وَ عَلِمْتُمْ وَ شَهِدْتُمْ وَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَإِنْ صَدَقْتُ فَصَدِّقُونِي وَ إِنْ كَذَبْتُ فَكَذِّبُونِي أَسْأَلُكُمْ بِحَقِّ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ حَقِّ رَسُولِ اللَّهِ وَ حَقِّ قَرَابَتِي مِنْ نَبِيِّكُمْ لَمَّا سيرتم [سَتَرْتُمْ] مَقَامِي هَذَا وَ وَصَفْتُمْ مَقَالَتِي وَ دَعَوْتُمْ أَجْمَعِينَ فِي أَنْصَارِكُمْ مِنْ قَبَائِلِكُمْ مَنْ أَمِنْتُمْ مِنَ النَّاسِ118 وَ وَثِقْتُمْ بِهِ فَادْعُوهُمْ119 إِلَى مَا تَعْلَمُونَ مِنْ حَقِّنَا
فَإِنِّي أَتَخَوَّفُ120 أَنْ يَدْرُسَ هَذَا الْأَمْرُ وَ يَذْهَبَ الْحَقُّ وَ يُغْلَبَ121 - وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ وَ مَا تَرَكَ شَيْئاً مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا تَلَاهُ وَ فَسَّرَهُ وَ لَا شَيْئاً مِمَّا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي أَبِيهِ122 وَ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ فِي نَفْسِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا رَوَاهُ وَ كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ الصَّحَابَةُ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَا وَ شَهِدْنَا وَ يَقُولُ التَّابِعِيُّ اللَّهُمَّ قَدْ حَدَّثَنِي بِهِ مَنْ أُصَدِّقُهُ وَ أَئْتَمِنُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ123
فَقَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ إِلَّا حَدَّثْتُمْ بِهِ مَنْ تَثِقُونَ بِهِ وَ بِدِينِهِ124 قَالَ سُلَيْمٌ فَكَانَ فِيمَا نَاشَدَهُمُ الْحُسَيْنُ ع وَ ذَكَّرَهُمْ أَنْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبِ كَانَ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ ص حِينَ آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَآخَى بَيْنَهُ وَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَ قَالَ أَنْتَ أَخِي وَ أَنَا أَخُوكَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص اشْتَرَى مَوْضِعَ مَسْجِدِهِ وَ مَنَازِلِهِ فَابْتَنَاهُ ثُمَّ ابْتَنَى فِيهِ عَشَرَةَ مَنَازِلَ تِسْعَةً لَهُ وَ جَعَلَ عَاشِرَهَا فِي وَسَطِهَا لِأَبِي125
ثُمَّ سَدَّ كُلَّ بَابٍ شَارِعٍ إِلَى الْمَسْجِدِ غَيْرَ بَابِهِ فَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَنْ تَكَلَّمَ فَقَالَ ص مَا أَنَا سَدَدْتُ أَبْوَابَكُمْ وَ فَتَحْتُ بَابَهُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِسَدِّ أَبْوَابِكُمْ وَ فَتْحِ بَابِهِ ثُمَّ نَهَى النَّاسَ أَنْ يَنَامُوا فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَهُ وَ كَانَ يُجْنِبُ فِي الْمَسْجِدِ وَ مَنْزِلُهُ فِي مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَوُلِدَ126 لِرَسُولِ اللَّهِص وَ لَهُ فِيهِ أَوْلَادٌ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ فَتَعْلَمُونَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَرَصَ عَلَى كُوَّةٍ قَدْرَ عَيْنِهِ يَدَعُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَبَى عَلَيْهِ ثُمَّ خَطَبَ ص فَقَالَ [إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِداً طَاهِراً لَا يَسْكُنُهُ غَيْرُهُ وَ غَيْرُ هَارُونَ وَ ابْنَيْهِ وَ]127 إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ مَسْجِداً طَاهِراً لَا يَسْكُنُهُ غَيْرِي وَ غَيْرُ أَخِي وَ ابْنَيْهِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ
قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص نَصَبَهُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ128 فَنَادَى لَهُ بِالْوَلَايَةِ وَ قَالَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ لَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى وَ أَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص حِينَ دَعَا النَّصَارَى مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ لَمْ يَأْتِ إِلَّا بِهِ وَ بِصَاحِبَتِهِ وَ ابْنَيْهِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ دَفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ يَوْمَ خَيْبَرَ
ثُمَّ قَالَ لَأَدْفَعُهُ 129 إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ كَرَّارٌ غَيْرُ فَرَّارٍ يَفْتَحُهَا اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص بَعَثَهُ بِبَرَاءَةَ وَ قَالَ لَا يُبَلِّغْ عَنِّي إِلَّا أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنِّي قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمْ تَنْزِلْ بِهِ شِدَّةٌ 130 قَطُّ إِلَّا قَدَّمَهُ لَهَا ثِقَةً بِهِ وَ أَنَّهُ لَمْ يَدْعُهُ 131 بِاسْمِهِ قَطُّ إِلَّا أَنْ يَقُولَ يَا أَخِي وَ ادْعُوا لِي أَخِي
قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَضَى بَيْنَهُ وَ بَيْنَ جَعْفَرٍ وَ زَيْدٍ فَقَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ أَنْتَ مِنِّي وَ أَنَا مِنْكَ وَ أَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ [وَ مُؤْمِنَةٍ]132 بَعْدِي قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص كُلَّ يَوْمٍ خَلْوَةٌ وَ كُلَّ لَيْلَةٍ دَخْلَةٌ إِذَا سَأَلَهُ أَعْطَاهُ وَ إِذَا سَكَتَ أَبْدَاهُ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص فَضَّلَهُ عَلَى جَعْفَرٍ وَ حَمْزَةَ حِينَ قَالَ لِفَاطِمَةَ ع زَوَّجْتُكِ خَيْرَ أَهْلِ بَيْتِي133 أَقْدَمَهُمْ سِلْماً وَ أَعْظَمَهُمْ حِلْماً وَ أَكْثَرَهُمْ عِلْماً قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ أَنَا سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ134 وَ أَخِي عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَرَبِ وَ فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ ابْنَايَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَمَرَهُ بِغُسْلِهِ وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَبْرَئِيلَ يُعِينُهُ عَلَيْهِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا [أَيُّهَا النَّاسُ] 135
إِنِّي تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَيْتِي فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ فَلَمْ يَدَعْ136 شَيْئاً أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع خَاصَّةً وَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَ لَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ص إِلَّا نَاشَدَهُمْ فِيهِ فَيَقُولُ الصَّحَابَةُ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَا وَ يَقُولُ التَّابِعِيُّ اللَّهُمَّ قَدْ حَدَّثَنِيهِ مَنْ أَثِقُ بِهِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ
[ثُمَّ نَاشَدَهُمْ]137 أَنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوهُ ص يَقُولُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَ يُبْغِضُ عَلِيّاً 138 فَقَدْ كَذَبَ لَيْسَ يُحِبُّنِي وَ هُوَ يُبْغِضُ عَلِيّاً فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّهُ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ [مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي] 139 وَ مَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ [وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي]140 وَ مَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ فَقَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَا وَ تَفَرَّقُوا عَلَى ذَلِكَ141