وَ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ1 قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً [غَيْرَكَ وَ لَا] 2 بَعْدَكَ فَقَالَ عَلِيٌّ ع جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ص وَ سَأَلَهُ عَنْ مِثْلِ مَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ 3
فَقَالَ لَهُ [مِثْلَ مَقَالَتِكَ] 4فَأَخَذَ يُحَدِّثُهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ اقْعُدْ [فَقَالَ لَهُ]5 آمَنْتُ6 ثُمَّ أَقْبَلَ عَلِيٌّ ع عَلَى الرَّجُلِ فَقَالَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَقَالَ لَهُ مَا الْإِسْلَامُ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ وَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَ حِجُّ الْبَيْتِ وَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَقَالَ وَ مَا الْإِيمَانُ قَالَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ بِالْحَيَاةِ7 بَعْدَ الْمَوْتِ وَ بِالْقَدَرِ [كُلِّهِ]8 خَيْرِهِ وَ شَرِّهِ وَ حُلْوِهِ وَ مُرِّهِ
فَلَمَّا قَامَ الرَّجُلُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَذَا جَبْرَئِيلُ جَاءَكُمْ لِيُعَلِّمَكُمْ دِينَكُمْ فَكَانَ كُلَّمَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص شَيْئاً قَالَ لَهُ صَدَقْتَ قَالَ فَمَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قَالَ صَدَقْتَ ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ ع بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ قَوْلِ جَبْرَئِيلَ صَدَقْتَ أَلَا إِنَّ الْإِيمَانَ9 بُنِيَ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ عَلَى الْيَقِينِ وَ الصَّبْرِ وَ الْعَدْلِ وَ الْجِهَادِ فَالْيَقِينُ مِنْهُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى الشَّوْقِ وَ الشَّفَقِ10 وَ الزُّهْدِ وَ التَّرَقُّبِ فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلَا11 عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ مَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ اتَّقَى الْمُحَرَّمَاتِ وَ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ 12
وَ مَنِ ارْتَقَبَ13 الْمَوْتَ سَارَعَ فِي14 الْخَيْرَاتِ وَ الصَّبْرُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ 15 وَ تَأَوُّلِ الْحِكْمَةِ وَ مَعْرِفَةِ الْعِبْرَةِ 16 وَ سُنَّةِ الْأَوَّلِينَ فَمَنْ تَبَصَّرَ17 الْفِطْنَةَ تَبَيَّنَ فِي الْحِكْمَةِ 18 وَ مَنْ تَبَيَّنَ فِي الْحِكْمَةِ عَرَفَ الْعِبْرَةَ وَ مَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ وَ مَنْ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ أَبْصَرَ الْعِبْرَةَ وَ مَنْ أَبْصَرَ الْعِبْرَةَ فَكَأَنَّمَا كَانَ فِي الْأَوَّلِينَ وَ الْعَدْلُ مِنْهُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى غَوَامِضِ الْفَهْمِ وَ غَمْرِ الْعِلْمِ19 وَ زَهْرَةِ الْحُكْمِ وَ رَوْضَةِ الْحِلْمِ فَمَنْ فَهِمَ فَسَّرَ جُمَلَ الْعِلْمِ وَ مَنْ عَلِمَ عَرَضَهُ شَرَائِعُ الْحِكْمَةِ وَ مَنْ حَلُمَ لَمْ يُفَرِّطْ فِي أَمْرِهِ 20
وَ عَاشَ بِهِ فِي النَّاسِ حَمِيداً وَ الْجِهَادُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِنِ وَ الْغَضَبِ لِلَّهِ وَ شَنَئَانِ الْفَاسِقِينَ فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظَهْرَ الْمُؤْمِنِ وَ مَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أَنْفَ الْفَاسِقِ21 وَ مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى الَّذِي عَلَيْهِ22 وَ مَنْ شَنَأَ الْفَاسِقِينَ وَ غَضِبَ لِلَّهِ غَضِبَ اللَّهُ لَهُ وَ ذَلِكَ الْإِيمَانُ وَ دَعَائِمُهُ وَ شُعَبُهُ قَالَ لَهُ23 يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ كَافِراً وَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ ضَالًّا قَالَ قَدْ سَأَلْتَ فَاسْمَعِ الْجَوَابَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ مُؤْمِناً أَنْ يُعَرِّفَهَ اللَّهُ نَفْسَهُ فَيُقِرَّ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ الْوَحْدَانِيَّةِ وَ أَنْ يُعَرِّفَهُ نَبِيَّهُ فَيُقِرَّ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ بِالْبَلَاغَةِ وَ أَنْ يُعَرِّفَهُ حُجَّتَهُ فِي أَرْضِهِ وَ شَاهِدَهُ عَلَى خَلْقِهِ فَيُقِرَّ لَهُ بِالطَّاعَةِ24 قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِنْ جَهِلَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ غَيْرَ مَا وَصَفْتَ قَالَ نَعَمْ إِذَا أُمِرَ أَطَاعَ وَ إِذَا نُهِيَ انْتَهَى وَ أَدْنَى مَا يَكُونُ25 بِهِ كَافِراً أَنْ يَتَدَيَّنَ بِشَيْءٍ 26
فَيَزْعُمَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِهِ مِمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ يَنْصِبَهُ دِيناً فَيَتَبَرَّأَ وَ يَتَوَلَّى وَ يَزْعُمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ27 وَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ ضَالًّا أَنْ لَا يَعْرِفَ حُجَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ شَاهِدَهُ عَلَى خَلْقِهِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ وَ فَرَضَ وَلَايَتَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَمِّهِمْ لِي قَالَ الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ نَبِيِّهِ فَقَالَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ28 قَالَ أَوْضِحْهُمْ لِي
قَالَ الَّذِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا ثُمَّ قُبِضَ مِنْ يَوْمِهِ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَيْتِي29 فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ كَهَاتَيْنِ وَ أَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ الْمُسَبِّحَتَيْنِ وَ لَا أَقُولُ كَهَاتَيْنِ وَ أَشَارَ بِالْمُسَبِّحَةِ وَ الْوُسْطَى لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا قُدَّامَ الْأُخْرَى30
فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَا تَضِلُّوا وَ لَا تُقَدِّمُوهُمْ فَتَهْلِكُوا وَ لَا تَخَلَّفُوا عَنْهُمْ فَتَفَرَّقُوا 31 وَ لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَمِّهِ لِي قَالَ الَّذِي نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بِغَدِيرِ خُمٍّ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [ثُمَّ أَمَرَهُمْ]32 أَنْ يُعَلِّمَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ مِنْهُمْ
فَقُلْتُ أَنْتَ هُوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَنَا أَوَّلُهُمْ وَ أَفْضَلُهُمْ ثُمَّ ابْنِيَ الْحَسَنُ مِنْ بَعْدِي أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ مِنْ بَعْدِهِ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ أَوْصِيَاءُ رَسُولِ اللَّهِ ص حَتَّى يَرِدُوا عَلَيْهِ حَوْضَهُ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ فَقَامَ الرَّجُلُ إِلَى عَلِيٍّ ع فَقَبَّلَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ أَوْضَحْتَ لِي وَ فَرَّجْتَ عَنِّي وَ أَذْهَبْتَ كُلَّ شَيْءٍ 33 فِي قَلْبِي34 .