الحديث الثامن [1]

وَ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ1 قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً [غَيْرَكَ وَ لَا] 2 بَعْدَكَ فَقَالَ عَلِيٌّ ع جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ص وَ سَأَلَهُ عَنْ مِثْلِ مَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ 3 

فَقَالَ لَهُ [مِثْلَ مَقَالَتِكَ‏] 4فَأَخَذَ يُحَدِّثُهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ اقْعُدْ [فَقَالَ لَهُ‏]5 آمَنْتُ6  ثُمَّ أَقْبَلَ عَلِيٌّ ع عَلَى الرَّجُلِ فَقَالَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَقَالَ لَهُ مَا الْإِسْلَامُ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ وَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَ حِجُّ الْبَيْتِ وَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَقَالَ وَ مَا الْإِيمَانُ قَالَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ بِالْحَيَاةِ7 بَعْدَ الْمَوْتِ وَ بِالْقَدَرِ [كُلِّهِ‏]8 خَيْرِهِ وَ شَرِّهِ وَ حُلْوِهِ وَ مُرِّهِ‏ 

فَلَمَّا قَامَ الرَّجُلُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَذَا جَبْرَئِيلُ جَاءَكُمْ لِيُعَلِّمَكُمْ دِينَكُمْ فَكَانَ كُلَّمَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص شَيْئاً قَالَ لَهُ صَدَقْتَ قَالَ فَمَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قَالَ صَدَقْتَ ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ ع بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ قَوْلِ جَبْرَئِيلَ صَدَقْتَ أَلَا إِنَّ الْإِيمَانَ9 بُنِيَ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ عَلَى الْيَقِينِ وَ الصَّبْرِ وَ الْعَدْلِ وَ الْجِهَادِ فَالْيَقِينُ مِنْهُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى الشَّوْقِ وَ الشَّفَقِ10 وَ الزُّهْدِ وَ التَّرَقُّبِ فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلَا11 عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ مَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ اتَّقَى الْمُحَرَّمَاتِ وَ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ 12 

وَ مَنِ ارْتَقَبَ13 الْمَوْتَ سَارَعَ فِي14 الْخَيْرَاتِ وَ الصَّبْرُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ 15 وَ تَأَوُّلِ الْحِكْمَةِ وَ مَعْرِفَةِ الْعِبْرَةِ 16 وَ سُنَّةِ الْأَوَّلِينَ فَمَنْ تَبَصَّرَ17 الْفِطْنَةَ تَبَيَّنَ فِي الْحِكْمَةِ 18 وَ مَنْ تَبَيَّنَ فِي الْحِكْمَةِ عَرَفَ الْعِبْرَةَ وَ مَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ وَ مَنْ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ أَبْصَرَ الْعِبْرَةَ وَ مَنْ أَبْصَرَ الْعِبْرَةَ فَكَأَنَّمَا كَانَ فِي الْأَوَّلِينَ وَ الْعَدْلُ مِنْهُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى غَوَامِضِ الْفَهْمِ وَ غَمْرِ الْعِلْمِ19 وَ زَهْرَةِ الْحُكْمِ وَ رَوْضَةِ الْحِلْمِ فَمَنْ فَهِمَ فَسَّرَ جُمَلَ الْعِلْمِ وَ مَنْ عَلِمَ عَرَضَهُ شَرَائِعُ الْحِكْمَةِ وَ مَنْ حَلُمَ لَمْ يُفَرِّطْ فِي أَمْرِهِ 20

 وَ عَاشَ بِهِ فِي النَّاسِ حَمِيداً وَ الْجِهَادُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِنِ وَ الْغَضَبِ لِلَّهِ وَ شَنَئَانِ الْفَاسِقِينَ فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظَهْرَ الْمُؤْمِنِ وَ مَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أَنْفَ الْفَاسِقِ21  وَ مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى الَّذِي عَلَيْهِ22 وَ مَنْ شَنَأَ الْفَاسِقِينَ وَ غَضِبَ لِلَّهِ غَضِبَ اللَّهُ لَهُ وَ ذَلِكَ الْإِيمَانُ وَ دَعَائِمُهُ وَ شُعَبُهُ قَالَ لَهُ23 يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ كَافِراً وَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ ضَالًّا قَالَ قَدْ سَأَلْتَ فَاسْمَعِ الْجَوَابَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ مُؤْمِناً أَنْ يُعَرِّفَهَ اللَّهُ نَفْسَهُ فَيُقِرَّ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ الْوَحْدَانِيَّةِ وَ أَنْ يُعَرِّفَهُ نَبِيَّهُ فَيُقِرَّ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ بِالْبَلَاغَةِ وَ أَنْ يُعَرِّفَهُ حُجَّتَهُ فِي أَرْضِهِ وَ شَاهِدَهُ عَلَى خَلْقِهِ فَيُقِرَّ لَهُ بِالطَّاعَةِ24 قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِنْ جَهِلَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ غَيْرَ مَا وَصَفْتَ قَالَ نَعَمْ إِذَا أُمِرَ أَطَاعَ وَ إِذَا نُهِيَ انْتَهَى وَ أَدْنَى مَا يَكُونُ25 بِهِ كَافِراً أَنْ يَتَدَيَّنَ بِشَيْ‏ءٍ 26 

فَيَزْعُمَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِهِ مِمَّا نَهَى‏ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ يَنْصِبَهُ دِيناً فَيَتَبَرَّأَ وَ يَتَوَلَّى وَ يَزْعُمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ27 وَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ ضَالًّا أَنْ لَا يَعْرِفَ حُجَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ شَاهِدَهُ عَلَى خَلْقِهِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ وَ فَرَضَ وَلَايَتَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَمِّهِمْ لِي قَالَ الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ نَبِيِّهِ فَقَالَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ28 قَالَ أَوْضِحْهُمْ لِي

قَالَ الَّذِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا ثُمَّ قُبِضَ مِنْ يَوْمِهِ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَيْتِي29  فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ كَهَاتَيْنِ وَ أَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ الْمُسَبِّحَتَيْنِ وَ لَا أَقُولُ كَهَاتَيْنِ وَ أَشَارَ بِالْمُسَبِّحَةِ وَ الْوُسْطَى لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا قُدَّامَ الْأُخْرَى30 

فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَا تَضِلُّوا وَ لَا تُقَدِّمُوهُمْ فَتَهْلِكُوا وَ لَا تَخَلَّفُوا عَنْهُمْ فَتَفَرَّقُوا 31 وَ لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَمِّهِ لِي قَالَ الَّذِي نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بِغَدِيرِ خُمٍّ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [ثُمَّ أَمَرَهُمْ‏]32 أَنْ يُعَلِّمَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ مِنْهُمْ

فَقُلْتُ أَنْتَ هُوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَنَا أَوَّلُهُمْ وَ أَفْضَلُهُمْ ثُمَّ ابْنِيَ الْحَسَنُ مِنْ بَعْدِي أَوْلى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ مِنْ بَعْدِهِ أَوْلى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ أَوْصِيَاءُ رَسُولِ اللَّهِ ص حَتَّى يَرِدُوا عَلَيْهِ حَوْضَهُ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ فَقَامَ الرَّجُلُ إِلَى عَلِيٍّ ع فَقَبَّلَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ أَوْضَحْتَ لِي وَ فَرَّجْتَ عَنِّي وَ أَذْهَبْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ 33 فِي قَلْبِي34 .

  • 1. الزيادة من «الف»، و في «ب»: قال سليم: و سمعت ...
  • 2. الزيادة من «ب».
  • 3. «ب»: عن الذي تسألني عنه.
  • 4. الزيادة من «الف».
  • 5. الزيادة من «ب».
  • 6. «الف» خ ل: فقال له: أفعل آمنت.
  • 7. «ب»: بالبعث.
  • 8. الزيادة من «الف».
  • 9. «ب» هكذا: ثمّ قال- بعد ما فرغ جبرئيل-: صدقت، إنّ الإيمان ... الخ. فيكون إلى آخر الحديث من كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
  • 10. «ب» خ ل: التشفّق. ثمّ إنّ في «د» ذكر شعب الصبر لليقين و شعب اليقين للصبر.
  • 11. أي طابت نفسه عنه و ذهل عن ذكره و هجره.
  • 12. «ب»: تهاون بالمصيبات.
  • 13. «ب»: ترقّب.
  • 14. «الف» خ ل: إلى.
  • 15. «ب»: على النظر بالحجّة، و في «الف» خ ل: على البصر بالحجّة.
  • 16. «ب» و «الف» خ ل و «د»: موعظة العبرة.
  • 17. «الف»: تبصّره. «د»: فمن تبصّر في الفطنة.
  • 18. «الف» خ ل: أبصر الحجّة.
  • 19. «د»: على عائص الفهم و اثرة العلم.
  • 20. «ب»: و من علمه عرف شرايع الحكم، و من عرف شرايع الحكم عمل و لم يفرط و عاش ...
  • 21. «ب»: فمن أمر بالمعروف شدّ ظهر المؤمنين و من نهى عن المنكر أرغم أنوف المنافقين.
  • 22. «ب»: قضى اللّه عليه. و في «د» بعده هكذا: و من شنأ الفاسقين غضب للّه و من غضب للّه غضب اللّه له.
  • 23. في الكافي و معاني الأخبار: «قلت»، فيكون السؤال من سليم لا من الرجل.
  • 24. هذه الفقرة في الكافي هكذا: ... أن يعرّفه اللّه تبارك و تعالى نفسه فيقرّ له بالطاعة و يعرّفه نبيّه فيقرّ له بالطاعة، و يعرّفه إمامه و حجّته في أرضه و شاهده على خلقه فيقرّ له بالطاعة.
  • 25. هذه الفقرة في الكافي هكذا: و أدنى ما يكون به العبد كافرا من زعم أنّ شيئا نهى اللّه عنه إنّ اللّه أمر به و نصبه دينا يتولّى عليه و يزعم أنّه يعبد اللّه الّذي أمره به و إنّما يعبد الشيطان.
  • 26. «ب»: و أدنى ما يصير به كافرا أن يدين بشي‏ء.
  • 27. «ب»: و يزعم انّ اللّه أمر به. «د»: و يزعم أنّه يعبد اللّه بالذي أمره به.
  • 28. سورة النساء: الآية 59. و في «د»: الذين قرن اللّه طاعتهم بطاعته و طاعة نبيّه.
  • 29. «ب»: عترتي. و في الكافي: عترتي أهل بيتي.
  • 30. «ب» هكذا: لأنّ إحداهما أطول من الأخرى، و أشار بالمسبحة و الوسطى. و في الكافي هكذا: «... كهاتين- و جمع بين مسبّحتيه- و لا أقول كهاتين- و جمع بين المسبّحة و الوسطى- فتسبق إحداهما الأخرى».
  • 31. «ب»: فتمرقوا.
  • 32. الزيادة من «ب».
  • 33. «د»: كلّ شكّ.
  • 34. في البحار بيان مفصل في توضيح عبارات الحديث و غوامضه: راجع: ج 68 ص 365.
منابع: 

كتاب سليم بن قيس الهلالي، ج‏2، صص: 613-617