سُلَيْمٌ: قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَنَا أَسْمَعُ1 فَقَالَ أَخْبِرْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَفْضَلِ مَنْقَبَةٍ لَكَ قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيَّ مِنْ كِتَابِهِ.
قَالَ: وَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ قَالَ: قَوْلُهُ: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ2 أَنَا الشَّاهِدُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. وَ قَوْلُهُ: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ3 إِيَّايَ عَنَى، وَ لَمْ يَدَعْ شَيْئاً مِمَّا ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ إِلَّا ذَكَرَهُ.4 قَالَ: فَأَخْبِرْنِي5 بِأَفْضَلِ مَنْقَبَةٍ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: نَصْبُهُ إِيَّايَ بِغَدِيرِ خُمٍّ، فَقَامَ لِي بِالْوَلَايَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِأَمْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى. وَ قَوْلُهُ «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى»6. وَ سَافَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ- وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ نِسَاءَهُ بِالْحِجَابِ- وَ أَنَا أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ غَيْرِي. وَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِحَافٌ لَيْسَ لَهُ لِحَافٌ غَيْرُهُ وَ مَعَهُ عَائِشَةُ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَنَامُ بَيْنِي وَ بَيْنَ عَائِشَةَ لَيْسَ عَلَيْنَا ثَلَاثَةٍ 7 لِحَافٌ غَيْرُهُ، وَ إِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يُصَلِّي 8 حَطَّ بِيَدِهِ اللِّحَافَ مِنْ وَسَطِهِ بَيْنِي وَ بَيْنَ عَائِشَةَ لِيَمَسَّ اللِّحَافُ الْفِرَاشَ الَّذِي تَحْتَنَا وَ يَقُومُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَيُصَلِّي، فَأَخَذَتْنِي الْحُمَّى لَيْلَةً فَأَسْهَرَتْنِي، فَسَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِسَهَرِي. فَبَاتَ لَيْلَتَهُ بَيْنِي وَ بَيْنَ مُصَلَّاهُ يُصَلِّي مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ يَأْتِينِي فَيَسْأَلُنِي وَ يَنْظُرُ إِلَيَّ. فَلَمْ يَزَلْ دَأْبُهُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ أَصْبَحَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْغَدَاةَ ثُمَّ قَالَ9:
«اللَّهُمَّ اشْفِ عَلِيّاً وَ عَافِهِ فَإِنَّهُ قَدْ أَسْهَرَنِي اللَّيْلَةَ لِمَا بِهِ مِنَ الْوَجَعِ»، فَكَأَنَّمَا نَشِطْتُ مِنْ عِقَالٍ مَا بِي قَبْلَهُ. 10 قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: أَبْشِرْ يَا أَخِي- قَالَ ذَلِكَ وَ أَصْحَابُهُ يَسْمَعُونَ11 - قُلْتُ: بَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ جَعَلَنِي فِدَاءَكَ.
قَالَ: إِنِّي لَمْ أَسْأَلِ اللَّهَ شَيْئاً12 إِلَّا أَعْطَانِيهِ، وَ لَمْ أَسْأَلْ لِنَفْسِي شَيْئاً إِلَّا سَأَلْتُ لَكَ مِثْلَهُ، وَ إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ «أَنْ يُوَاخِيَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ» فَفَعَلَ، وَ سَأَلْتُهُ «أَنْ يَجْعَلَكَ وَلِيَّ كُلِّ مُؤْمِنٍ13 مِنْ بَعْدِي» فَفَعَلَ.
فَقَالَ رَجُلَانِ- أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ-: وَ مَا أَرَادَ إِلَى مَا سَأَلَ14 فَوَ اللَّهِ لَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بَالٍ فِي شَنٍّ بَالٍ خَيْرٌ مِمَّا سَأَلَ وَ لَوْ كَانَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكاً يُعِينُهُ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ يُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزاً يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ15 - فَإِنَّ بِهِمْ حَاجَةً- كَانَ خَيْراً 16 مِمَّا سَأَلَ. وَ مَا دَعَا عَلِيّاً قَطُّ إِلَى حَقٍّ وَ لَا إِلَى بَاطِلٍ17 إِلَّا أَجَابَهُ18