الحديث الستون [1]

سُلَيْمٌ: قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَنَا أَسْمَعُ1 فَقَالَ أَخْبِرْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَفْضَلِ مَنْقَبَةٍ لَكَ قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيَّ مِنْ كِتَابِهِ.

قَالَ: وَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ قَالَ: قَوْلُهُ: أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ2 أَنَا الشَّاهِدُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. وَ قَوْلُهُ: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ3 إِيَّايَ عَنَى، وَ لَمْ يَدَعْ شَيْئاً مِمَّا ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ إِلَّا ذَكَرَهُ.4 قَالَ: فَأَخْبِرْنِي5 بِأَفْضَلِ مَنْقَبَةٍ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.

قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: نَصْبُهُ إِيَّايَ بِغَدِيرِ خُمٍّ، فَقَامَ لِي بِالْوَلَايَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِأَمْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى. وَ قَوْلُهُ «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى»6. وَ سَافَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ- وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ نِسَاءَهُ بِالْحِجَابِ- وَ أَنَا أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ غَيْرِي. وَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِحَافٌ لَيْسَ لَهُ لِحَافٌ غَيْرُهُ وَ مَعَهُ عَائِشَةُ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَنَامُ بَيْنِي وَ بَيْنَ عَائِشَةَ لَيْسَ عَلَيْنَا ثَلَاثَةٍ 7 لِحَافٌ غَيْرُهُ، وَ إِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‏ يُصَلِّي 8 حَطَّ بِيَدِهِ اللِّحَافَ مِنْ وَسَطِهِ بَيْنِي وَ بَيْنَ عَائِشَةَ لِيَمَسَّ اللِّحَافُ الْفِرَاشَ الَّذِي تَحْتَنَا وَ يَقُومُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَيُصَلِّي، فَأَخَذَتْنِي الْحُمَّى لَيْلَةً فَأَسْهَرَتْنِي، فَسَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِسَهَرِي. فَبَاتَ لَيْلَتَهُ بَيْنِي وَ بَيْنَ مُصَلَّاهُ يُصَلِّي مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ يَأْتِينِي فَيَسْأَلُنِي وَ يَنْظُرُ إِلَيَّ. فَلَمْ يَزَلْ دَأْبُهُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ أَصْبَحَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْغَدَاةَ ثُمَّ قَالَ9:

«اللَّهُمَّ اشْفِ عَلِيّاً وَ عَافِهِ فَإِنَّهُ قَدْ أَسْهَرَنِي اللَّيْلَةَ لِمَا بِهِ مِنَ الْوَجَعِ»، فَكَأَنَّمَا نَشِطْتُ مِنْ عِقَالٍ مَا بِي قَبْلَهُ. 10 قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: أَبْشِرْ يَا أَخِي- قَالَ ذَلِكَ وَ أَصْحَابُهُ يَسْمَعُونَ11 - قُلْتُ: بَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ جَعَلَنِي فِدَاءَكَ.

قَالَ: إِنِّي لَمْ أَسْأَلِ اللَّهَ شَيْئاً12  إِلَّا أَعْطَانِيهِ، وَ لَمْ أَسْأَلْ لِنَفْسِي شَيْئاً إِلَّا سَأَلْتُ لَكَ مِثْلَهُ، وَ إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ «أَنْ يُوَاخِيَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ» فَفَعَلَ، وَ سَأَلْتُهُ «أَنْ يَجْعَلَكَ وَلِيَّ كُلِّ مُؤْمِنٍ13 مِنْ بَعْدِي» فَفَعَلَ.

فَقَالَ رَجُلَانِ- أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ-: وَ مَا أَرَادَ إِلَى مَا سَأَلَ14 فَوَ اللَّهِ لَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ بَالٍ فِي شَنٍّ بَالٍ خَيْرٌ مِمَّا سَأَلَ وَ لَوْ كَانَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكاً يُعِينُهُ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ يُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزاً يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ15 - فَإِنَّ بِهِمْ حَاجَةً- كَانَ خَيْراً 16 مِمَّا سَأَلَ. وَ مَا دَعَا عَلِيّاً قَطُّ إِلَى حَقٍّ وَ لَا إِلَى بَاطِلٍ17 إِلَّا أَجَابَهُ18

  • 1. في الاحتجاج: قال سليم بن قيس: سأل رجل عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال له و أنا أسمع.
  • 2. سورة هود: الآية 17.
  • 3. سورة الرعد: الآية 43، و في الاحتجاج أورد تمام الآية ثمّ قال: إيّاي عنى بمن عنده علم الكتاب.
  • 4. في الاحتجاج هكذا: فلم يدع شيئا أنزل اللّه فيه إلّا ذكره، و مثل قوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ و قوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ و غير ذلك.
  • 5. في الاحتجاج: قال: قلت: فأخبرني.
  • 6. زاد في الاحتجاج: إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.
  • 7. في الاحتجاج: ثلاثتنا.
  • 8. في الاحتجاج: إلى صلاة الليل.
  • 9. في الاحتجاج: فلمّا صلّى بأصحابه الغداة قال.
  • 10. في «ج»: قلق، و الظاهر ما ذكرناه. و قد مرّ ذكر هذه القضيّة في الحديث 36 من هذا الكتاب.
  • 11. في الاحتجاج: ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمسمع من أصحابه: أبشر يا علي ...
  • 12. في الاحتجاج: لم أسأل اللّه الليلة شيئا.
  • 13. في الاحتجاج: كلّ مؤمن و مؤمنة.
  • 14. في الاحتجاج: أ رأيت ما سأل.
  • 15. في الاحتجاج: ينفعه و أصحابه.
  • 16. في الاحتجاج: كان خيرا لهم.
  • 17. قوله: «و ما دعا عليّا ...» من تتمّة كلام أبي بكر و عمر فيما بينهما يريدان أنّ عليّا عليه السلام تسليم لكلّ أوامر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. و في الاحتجاج أورد هذه الفقرة هكذا: «و ما دعا عليّا قطّ إلى خير إلّا استجابه».
  • 18. جاء في النسخ في آخر الحديث هذه العبارة: «و حدّث محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام بهذا الحديث» و الظاهر أنّه من كلام أبان الذي كان من أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام.
منابع: 

كتاب سليم بن قيس الهلالي، ج‏2، ص: 903