و فسّر الخلق العظيم أيضا ب (القرآن الكريم) أو (مبدأ الإسلام) و من الممكن أن تكون الموارد السابقة من مصاديق المفهوم الواسع للآية أعلاه.
و على كلّ حال فإنّ تأصّل هذا (الخلق العظيم) في شخصية الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هو دليل واضح على رجاحة العقل و غزارة العلم له و نفي جميع التّهم التي تنسب من قبل الأعداء إليه.
ثمّ يضيف سبحانه بقوله: فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ.
بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ أي من منكم هو المجنون.
«مفتون»: اسم مفعول من (الفتنة) بمعنى الابتلاء، و ورد هنا بقصد الابتلاء بالجنون.
نعم، إنّهم ينسبون هذه النسب القبيحة إليك ليبعدوا الناس عنك، إلّا أنّ للناس عقلا و إدراكا، يقيّمون به التعاليم التي يتلقّونها منك، ثمّ يؤمنون بها و يتعلّمونها تدريجيّا، و عندئذ تتّضح الحقائق أمامهم، و هي أنّ هذه التعاليم العظيمة مصدرها البارئ عزّ و جلّ، أنزلها على قلبك الطاهر بالإضافة إلى ما منحك من نصيب عظيم في العقل و العلم.
كما أنّ مواقفك و تحرّكاتك المستقبلية المقرونة بالتقدّم السريع لانتشار الإسلام، ستؤكّد بصورة أعمق أنّك منبع العلم و العقل الكبيرين، و أنّ هؤلاء الأقزام
الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج18، ص: 520
الخفافيش هم المجانين، لأنّهم تصدّوا لمحاربة نور هذه الشمس العظيمة المتمثّلة بالحقّ الإلهي و الرسالة المحمّدية.
و من الطبيعي فإنّ هذه الحقائق ستتوضّح أمامهم يوم القيامة بصورة دامغة، و يخسر هنالك المبطلون، حيث تتبيّن الأمور و تظهر الحقيقة.
و للتأكيد على المفهوم المتقدّم يقول سبحانه مرّة اخرى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.
و بلحاظ معرفة البارئ عزّ و جلّ بسبيل الحقّ و بمن سلكه و من جانبه و تخلّف أو انحرف عنه، فإنّه يطمئن رسوله الكريم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأنّه و المؤمنون في طريق الهداية و الرشد، أمّا أعداؤه فهم في متاه الضلالة و الغواية.
و جاء في حديث مسند أنّ قريشا حينما رأت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقدم الإمام علي عليه السّلام على الآخرين و يجلّه و يعظّمه، غمزه هؤلاء و قدحوا به صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قالوا: (لقد فتن محمّد به) هنا أنزل اللّه تعالى قرآنا و ذلك قوله: ن وَ الْقَلَمِ و أقسم بذلك، و إنّك يا محمّد غير مفتون و مجنون حتّى قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ حيث اللّه هو العالم بالأشخاص الذين ضلّوا و انحرفوا عن سواء السبيل، و هي إشارة إلى قريش التي كانت تطلق هذه الاتّهامات، كما أنّه تعالى أعرف بمن اهتدى، و هي إشارة إلى الإمام علي عليه السّلام.
نسخه شناسی [1]
درباره مولف [2]
کتاب شناسی [3]
Links:
[1] http://ghadir.ahlolbait.com/content/%D9%86%D8%B3%D8%AE%D9%87-%D8%B4%D9%86%D8%A7%D8%B3%DB%8C-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%AB%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84%E2%80%8F
[2] http://ghadir.ahlolbait.com/content/%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D9%85%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%85-%D8%B4%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%B2%D9%89%E2%80%8F-1
[3] http://ghadir.ahlolbait.com/content/%DA%A9%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%B4%D9%86%D8%A7%D8%B3%DB%8C-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%AB%D9%84-%D9%81%D9%89-%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84%E2%80%8F