البرهان في تفسير القرآن، ج2، ص: 227
و رواه الشيخ الفاضل المتكلم الفقيه العالم الزاهد الورع أبو علي محمد بن أحمد بن علي الفتال- المعروف بابن الفارسي- و هو من أجلاء قدماء الإمامية من علمائها و متكلميها، روى في كتابه المعروف ب (روضة الواعظين) عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: «حج رسول الله (صلى الله عليه و آله) من المدينة، و قد بلغ جميع الشرائع قومه ما خلا الحج و الولاية، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك:
إني لم أقبض نبيا من أنبيائي و رسلي إلا بعد إكمال ديني و تأكيد حجتي، و قد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغهما قومك: فريضة الحج، و فريضة الولاية و الخلافة من بعدك، فإني لم أخل الأرض من حجة، و لن أخليها أبدا، و إن الله يأمرك أن تبلغ قومك الحج، تحج و يحج معك كل من استطاع السبيل من أهل الحضر و أهل الأطراف و الأعراب، و تعلمهم من حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم و زكاتهم و صيامهم، و توقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرائع.
فنادى منادي رسول الله (صلى الله عليه و آله) في الناس: ألا إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يريد الحج و أن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرائع دينكم، و يوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه. و خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله)
و خرج معه الناس، و أصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله، فحج بهم فبلغ من حج مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من أهل المدينة و أهل الأطراف و الأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون ، على نحو عدد أصحاب موسى السبعين ألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون (عليه السلام) فنكثوا و اتبعوا العجل و السامري، و كذلك أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) البيعة لعلي (عليه السلام) بالخلافة- على عدد أصحاب موسى- فنكثوا البيعة و اتبعوا العجل و السامري سنة بسنة، و مثلا بمثل، و اتصلت التلبية ما بين مكة و المدينة، فلما توقف بالموقف أتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك، إنه قد دنا أجلك و مدتك، و إني أستقدمك على ما لا بد منه و لا محيص عنه، فاعهد عهدك، و قدم وصيتك، و اعمد إلى ما عندك من العلم و ميراث علوم الأنبياء من قبلك، و السلاح و التابوت و جميع ما عندك من آيات الأنبياء من قبلك، فسلمها إلى وصيك و خليفتك من بعدك، حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب، فأقمه للناس و خذ عهده و ميثاقه و بيعته، و ذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي و ميثاقي الذي واثقتهم به، و عهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي، و مولاهم و مولى كل مؤمن و مؤمنة، علي بن أبي طالب. فإني لم أقبض نبيا من أنبيائي إلا بعد إكمال حجتي و ديني، و إتمام نعمتي بولاية أوليائي و معاداة أعدائي، و ذلك كمال توحيدي و ديني، و تمام نعمتي على خلقي باتباع وليي و إطاعته، و ذلك أني لا أترك أرضي بغير قيم ليكون حجة على خلقي، فاليوم أكملت لكم دينكم، و أتممت عليكم نعمتي، و رضيت لكم الإسلام دينا علي وليي و مولى كل مؤمن و مؤمنة، علي عبدي و وصي نبيي و الخليفة من بعده، و حجتي البالغة على خلقي، مقرون طاعته مع طاعة محمد نبيي، و مقرون طاعة محمد بطاعتي، من أطاعه فقد أطاعني، و من عصاه فقد عصاني، جعلته علما بيني و بين خلقي، فمن عرفه كان مؤمنا، و من أنكره كان كافرا، و من أشرك ببيعته كان مشركا، و من لقيني بولايته دخل الجنة، و من لقيني بعداوته دخل النار. فأقم يا محمد عليا علما، و خذ عليهم البيعة، و خذ عهدي و ميثاقي لهم الذي واثقتهم عليه فإني قابضك إلي، و مستقدمك.
فخشي رسول الله (صلى الله عليه و آله) قومه و أهل النفاق و الشقاق أن يتفرقوا و يرجعوا جاهلية لما عرف من عداوتهم، و ما يبطنون عليه أنفسهم لعلي (عليه السلام) من البغضاء، و سأل جبرئيل (عليه السلام) أن يسأل ربه العصمة من الناس و انتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس من الله عز و جل، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) و أمره أن يعهد عهده و يقيم حجته عليا للناس ، و لم يأته بالعصمة من الله عز و جل بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم- بين مكة و المدينة- فأتاه جبرئيل و أمره بالذي امر به من قبل و لم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرئيل، إني لأخشى قومي أن يكذبوني، و لا يقبلوا قولي في علي. فرحل، فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال، أتاه جبرئيل (عليه السلام) على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر و الانتهار و العصمة من الناس، فقال: يا محمد، إن الله عز و جل يقرئك السلام، و يقول لك: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فكان أولهم بلغ قرب الجحفة فأمره أن يرد من تقدم منهم، و يحبس من تأخر منهم في ذلك المكان، ليقيم عليا (عليه السلام) للناس، و يبلغهم ما أنزل الله عز و جل في علي (عليه السلام) و أخبره أن الله تعالى قد عصمه من الناس.
فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) عند ما جاءته العصمة مناديا ينادي، فنادى في الناس بالصلاة جامعة، و تنحى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير، أمره بذلك جبرئيل (عليه السلام) عن الله تعالى، و في الموضع سلمات فأمر رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يقم ما تحتهن، و ينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على الناس، فتراجع الناس و احتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون، و قام رسول الله (صلى الله عليه و آله) فوق تلك الأحجار، و قال (صلى الله عليه و آله): الحمد لله الذي علا بتوحيده، و دنا في تفريده، و جل في سلطانه، و عظم في أركانه، و أحاط بكل شيء علما و هو في مكانه ، ... أقر له على نفسي بالعبودية، و أشهد له بالربوبية، و أؤدي ما أوحى إلي به خوفا و حذرا من أن تحل بي قارعة لا يدفعها عني أحد، و إن عظمت منته، و صفت خلته، لأنه لا إله إلا هو قد أعلمني إن لم أبلغ ما أنزل إلي فما بلغت رسالته، و قد ضمن لي العصمة، و هو الله الكافي الكريم، و أوحى إلي: بسم الله الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.
معاشر الناس، ما قصرت عن تبليغ ما أنزله تعالى، و أنا مبين لكم سبب نزول هذه الآية: إن جبرئيل (عليه السلام) هبط إلي مرارا ثلاثا، يأمرني عن السلام ربي، و هو السلام، أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض و أحمر و أسود أن علي بن أبي طالب أخي و وصيي و خليفتي، و هو الإمام من بعدي الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، و هو وليكم بعد الله و رسوله، و قد أنزل الله تبارك و تعالى علي بذلك آية من كتابه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ و علي بن أبي طالب الذي أقام الصلاة و آتى الزكاة و هو راكع يريد الله عز و جل في كل حال.
و سألت جبرئيل (عليه السلام) أن يستعفي لي من تبليغ ذلك إليكم- أيها الناس- لعلمي بقلة المتقين، و كثرة المنافقين، و إدغال الآثمين، و ختل المستهزئين، الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ و يحسبونه هينا، و هو عند الله عظيم، لكثرة أذاهم لي غير مرة حتى سموني أذنا و زعموا أنه كذلك، لكثرة ملازمتي إياه و إقبالي عليه حتى أنزل الله في ذلك الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ فقال قُلْ أُذُنُ على الذين يزعمون أنه أذن خَيْرٍ لَكُمْ إلى آخر الآية، و لو شئت أن أسمي القائلين بأسمائهم لسميت و أومأت إليهم بأعيانهم، و لو شئت أن أدل عليهم لدللت، و لكني في أمرهم قد تكرمت، و كل ذلك لا يرضى الله عني إلا أن ابلغ ما أنزل إلي، فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ الآية.
فاعلموا- معاشر الناس- و افهموه، و اعلموا أن الله قد نصبه لكم وليا و إماما، مفترضة طاعته على المهاجرين و الأنصار، و على التابعين لهم بإحسان، و على البادي و الحاضر، و الأعجمي و العربي، و الحر و المملوك، و الصغير و الكبير، و على الأبيض و الأسود، و على كل موحد، ماض حكمه، جائز قوله، نافذ أمره، ملعون من خالفه، مرحوم من تبعه، مؤمن من صدقه، قد غفر الله لمن سمع و أطاع له.
معاشر الناس، إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد، فاسمعوا و أطيعوا و انقادوا لأمر ربكم، فإن الله عز و جل هو مولاكم و إلهكم، ثم من دونه رسوله محمد وليكم القائم المخاطب لكم ، ثم من بعدي علي وليكم و إمامكم بأمر من الله ربكم، ثم الإمامة في الذين من صلبه إلى يوم يلقون الله و رسوله، لا حلال إلا ما أحله الله، و لا حرام إلا ما حرمه الله، عرفني الحلال و الحرام، و أنا قضيت مما علمني ربي من كتابه و حلاله و حرامه إليه.
معاشر الناس، ما من علم إلا و قد أحصاه الله في، و كل علم علمت فقد أحصيته في إمام المتقين ، ما من علم إلا علمته عليا و هو الإمام المبين.
معاشر الناس، لا تضلوا عنه، و لا تنفروا منه، و لا تستنكفوا من ولايته، فهو الذي يهدي إلى الحق و يعمل به، و يزهق الباطل و ينهى عنه، و لا تأخذه في الله لومة لائم، ثم إنه أول من آمن بالله و رسوله و الذي فدى رسول الله بنفسه، و الذي كان مع رسول الله و لا أحد يعبد الله مع رسوله من الرجال غيره. معاشر الناس، فضلوه فقد فضله الله، و اقبلوه فقد نصبه الله.
معاشر الناس، إنه إمام من الله، و لن يتوب الله على أحد أنكر ولايته، و لن يغفر الله له، حقا على الله أن يفعل ذلك بمن خالف أمره فيه، و أن يعذبه عذابا نكرا أبدا الآبدين و دهر الداهرين، فاحذروا أن تخالفوني فتصلوا نارا وقودها الناس و الحجارة أعدت للكافرين.
أيها الناس، بي- و الله- بشر الأولون من النبيين و المرسلين، و أنا خاتم النبيين و المرسلين، و الحجة على جميع المخلوقين من أهل السماوات و الأرضين، فمن شك في ذلك فهو كافر، كفر الجاهلية الاولى، و من شك في قولي هذا فقد شك في الكل منه، و الشك في ذلك فهو في النار.
معاشر الناس، حباني الله بهذه الفضيلة منا منه علي، و إحسانا منه إلي، و لا إله إلا هو، له الحمد مني أبد الآبدين و دهر الداهرين على كل حال. معاشر الناس، فضلوا عليا فإنه أفضل الناس بعدي من ذكر و أنثى، بنا أنزل الله الرزق و بقي الخلق. ملعون ملعون، مغضوب مغضوب على من رد علي قولي هذا. ألا إن جبرئيل خبرني عن الله بذلك، و يقول: من عادى عليا و لم يتوله فعليه لعنتي و غضبي فلتنظر نفس ما قدمت لغد و اتقوا الله أن تخالفوا فتزل قدم بعد ثبوتها، إن الله خبير ما تعملون.
معاشر الناس، تدبروا القرآن، و افهموا آياته و محكماته، و لا تتبعوا متشابهه، فو الله لن يبين لكم زواجره و لا يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده، و مصعده إلي و شائل بعضده، و معلمكم أن من كنت مولاه فهذا علي مولاه، و هو علي بن أبي طالب أخي و وصيي، و موالاته من الله تعالى، أنزلها علي.
معاشر الناس، إنه جنب الله الذي ذكر في كتابه يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ . معاشر الناس، إن عليا و الطيبين من ولدي هم الثقل الأصغر، و القرآن هو الثقل الأكبر، و كل واحد منهما منبئ عن صاحبه، موافق له، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، أمناء لله في خلقه، و حكماؤه في أرضه، ألا و إن الله عز و جل قال، و أنا قلته عن الله عز و جل، ألا و قد أديت، ألا و قد بلغت، ألا و قد أسمعت، ألا و قد أوضحت، ألا و إنه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا، و لا تحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره. ثم ضرب بيده على عضد علي فرفعه، و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) منذ أول ما صعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد شال عليا (عليه السلام) حتى صارت رجلاه مع ركبة رسول الله (صلوات الله عليهما) ثم قال:
معاشر الناس، هذا علي أخي و وصيي، و واعي علمي ، و خليفتي على امتي، و على تفسير كتاب الله عز و جل، و الداعي إليه، و العامل بما يرضاه، و المحارب لأعدائه و الموالي على طاعته، و الناهي عن معصيته، خليفة رسول الله، و أمير المؤمنين و الإمام الهادي بأمر الله، و قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين بأمر الله.
أقول: مما يبدل القول لدي بأمر ربي، أقول: اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و العن من أنكره و جحد حقه، و اغضب على من جحده.
اللهم إنك أنت أنزلت الإمامة لعلي وليك عند تبيين ذلك بتفضيلك إياه بما أكملت لعبادك من دينهم، و أتممت عليهم نعمتك و رضيت لهم الإسلام دينا، فقلت: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ اللهم إني أشهدك أني قد بلغت.
معاشر الناس، إنما أكمل الله عز و جل دينكم بإمامته، فمن لم يأتم به و بمن كان من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة و العرض على الله تعالى، فأولئك حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَ فِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ .
معاشر الناس، هذا علي، أنصركم لي، و أحق الناس بي، و أقربكم إلي، و أعزكم علي، و الله عز و جل و أنا عنه راضيان، و ما أنزلت آية رضا إلا فيه، و ما خاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به، و لا نزلت آية مدح في القرآن إلا فيه، و لا شهد الله بالجنة في هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ إلا له، و لا أنزلها في سواه، و لا مدح بها غيره. معاشر الناس، هو ناصر دين الله، و المجادل عن الله ، و هو التقي النقي الهادي المهدي، نبيكم خير نبي، و وصيكم خير وصي، و بنوه خير الأوصياء.
معاشر الناس، ذرية كل نبي من صلبه، و ذريتي من صلب علي. معاشر الناس، إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد، فلا تحسدوه، فتحبط أعمالكم و تزل أقدامكم، فإن آدم (عليه السلام) اهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة، و هو صفوة الله تعالى، فكيف أنتم إن زللتم و أنتم عباد الله! ما يبغض عليا إلا شقي، و لا يتولى عليا إلا تقي، و لا يؤمن به إلا مؤمن مخلص، في علي و الله أنزلت سورة العصر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَ الْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ .
معاشر الناس، قد أشهدت الله و بلغتكم الرسالة، وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ . معاشر الناس، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . معاشر الناس، آمنوا بالله و رسوله و النور الذي انزل معه مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها .
معاشر الناس، النور من الله عز و جل في، ثم مسلوك في علي، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله و بحق كل مؤمن، لأن الله عز و جل قد جعلنا حجة على المقصرين و المعاندين و المخالفين و الخائنين و الآثمين و الظالمين من جميع العالمين.
معاشر الناس، إني رسول الله قد خلت من قبلي الرسل أ فإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم و من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي الله الشاكرين الصابرين ألا إن عليا الموصوف بالصبر و الشكر ثم من بعده ولدي من صلبه.
معاشر الناس، لا تمنوا علي بإسلامكم فيسخط الله عليكم، فيصيبكم بعذاب من عنده، إن ربك لبالمرصاد.
معاشر الناس، سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار، و يوم القيامة لا ينصرون. معاشر الناس، إن الله و أنا بريئان منهم.
معاشر الناس، إنهم و أنصارهم و أشياعهم و أتباعهم في الدرك الأسفل من النار، و لبئس مثوى المتكبرين .
معاشر الناس، إني أدعها إمامة و وراثة في عقبي إلى يوم القيامة، و قد بلغت ما بلغت حجة على كل حاضر و غائب، و على كل أحد ممن شهد أو لم يشهد، و ولد أو لم يولد، فليبلغ الحاضر الغائب، و الوالد الولد إلى يوم القيامة، و سيجعلونها ملكا و اغتصابا، ألا لعن الله الغاصبين و المغتصبين، و عندها سنفرغ لكم أيها الثقلان فيرسل عليكما شواظ من نار و نحاس فلا تنتصران .
معاشر الناس، إن الله عز و جل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، و ما كان الله ليطلعكم على الغيب. معاشر الناس، إنه ما من قرية إلا و الله مهلكها بتكذيبها، و كذلك يهلك القرى و هي ظالمة كما ذكر الله عز و جل، و هذا إمامكم و وليكم و هو مواعد الله و الله يصدق وعده. ... ))
معرفی کتاب:
نام كتاب: البرهان في تفسير القرآن
نويسنده: بحرانى، سيد هاشم بن سليمان ، تاريخ وفات مؤلف: 1107 ق
محقق / مصحح: قسم الدراسات الإسلامية مؤسسة البعثة
موضوع: تفسير
زبان: عربى
تعداد جلد: 5
ناشر: مؤسسه بعثه
مكان چاپ: قم
سال چاپ: 1374 ش
نوبت چاپ: اول