آیات 1 -6 سوره قلم: تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة

تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، ص: 685

سورة ن و ما فيها من الآيات في الأئمة الهداة
منها

قوله تعالى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.

تأويله أن الله سبحانه و تعالى أقسم بنون و القلم و نون اسم للنبي و القلم اسم لعلي ص‏
لِمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ رِجَالِهِ بِإِسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ فَالنُّونُ اسْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ وَ الْقَلَمُ اسْمٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَ عَلَى ذُرِّيَتِهِمَا.

و هذا موافق لما جاء من أسمائه في القرآن مثل طه و يس و ص و ق و غير ذلك و سمي أمير المؤمنين ع بالقلم لما في القلم من المنافع للخلق إذ هو أحد لسان الإنسان يؤدي عنه ما في جنانه «1» و يبلغ البعيد عنه ما يبلغ القريب‏
__________________________________________________
(1) الجنان- بالفتح-: القلب.

                       تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، ص: 686

بلسانه و به تحفظ أحكام الدين و تستقيم أمور العالمين و كذلك أمير المؤمنين ع و قيل إن قوام الدنيا و الدين بشيئين القلم و السيف و السيف يخدم القلم و قد نظمه بعض الشعراء فأحسن فيما قال‏
         إن يخدم القلم السيف الذي خضعت             له الرقاب و دانت حذرة الأمم‏

         فالموت و الموت لا شي‏ء يغالبه             ما زال يتبع ما يجري به القلم «1».

و إن شئت جعلت تسميته به مجازا أي صاحب القلم و صاحب السيف الذين بهما قوام الدين و الدنيا كما تقدم و كان أمير المؤمنين ع كذلك.

تأويل آخر
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ تُرْكِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ دَلْهَمِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ: لَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ تَقْدِيمَ النَّبِيِّ ص عَلِيّاً ع وَ إِعْظَامَهُ لَهُ نَالُوا مِنْ عَلِيٍّ ع فَقَالُوا قَدِ افْتَتَنَ بِهِ مُحَمَّدٌ ص فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ وَ سَبِيلُهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع.
وَ رَوَى أَيْضاً عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ حَسَنِ [حُسَيْنِ‏] بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ حِبَّانٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: لَمَّا أَخَذَ النَّبِيُّ ص بِيَدِ عَلِيٍّ ع فَرَفَعَهَا وَ قَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ قَالَ أُنَاسٌ إِنَّمَا افْتَتَنَ بِابْنِ عَمِّهِ وَ نَزَلَتِ الْآيَةُ فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ.
فعلى هذا التأويل تكون الآيات الآتية عقيب هذه الآيات المتقدمة نزلت‏
__________________________________________________
(1) مجمع البيان: ج 9 ص 332. و فيه «و الموت شي‏ء لا يغالبه».

                        تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، ص: 687

فيمن قال قد افتتن بابن عمه‏
و هي قوله تعالى فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ.

و جاء في تفسير أهل البيت ع أن أعداءهم المعنيون بذلك‏
وَ هُوَ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُخْتَارٍ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ الثَّانِي هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ قَالَ الْعُتُلُّ الْكَافِرُ الْعَظِيمُ الْكُفْرِ وَ الزَّنِيمُ وَلَدُ الزِّنَاءِ.

وَ رَوَى مُحَمَّدٌ الْبَرْقِيُّ عَنِ الْأَحْمَسِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ فِيهِ وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص يَقُولُ «1» فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ فَلَقِيَهُ الثَّانِي فَقَالَ لَهُ أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَ كَذَا تَعْرِضُ بِي وَ بِصَاحِبَيَّ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ لَمْ يَعْتَذِرْ إِلَيْهِ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِمَا نُزِّلَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ نُزِّلَ فِيهِمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ «2» قَالَ فَكَذَّبَهُ وَ قَالَ لَهُ هُمْ «3» خَيْرٌ مِنْكَ وَ أَوْصَلُ لِلرَّحِمِ.
كذب عليه من الله ما يستحق جزاء مستمرا سرمدا بكرة و مساء.
و قوله تعالى وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ‏
__________________________________________________
(1) في م: «يقرأ».
(2) محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: 22.
(3) الزيادة من البرهان.

                        تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، ص: 688

لَمَجْنُونٌ وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ.

تأويله‏
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَالِكِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْحُسَيْنِ الْجَمَّالِ «1» قَالَ: حَمَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَلَمَّا بَلَغَ غَدِيرَ خُمٍّ نَظَرَ إِلَيَّ وَ قَالَ هَذَا مَوْضِعُ قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ ص حِينَ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ وَ قَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ وَ كَانَ عَنْ يَمِينٍ الْفُسْطَاطِ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمْ لِي فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ وَ قَدْ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى بَانَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ قَالُوا انْظُرُوا إِلَى عَيْنَيْهِ قَدِ انْقَلَبَتَا كَأَنَّهُمَا عَيْنَا مَجْنُونٍ فَأَتَاهُ جَبْرَائِيلُ فَقَالَ اقْرَأْ وَ إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ وَ الذِّكْرُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَسْمَعَنِي هَذَا مِنْكَ فَقَالَ لَوْ لَا أَنَّكَ جَمَّالٌ «2» لَمَا حَدَّثْتُكَ بِهَذَا لِأَنَّكَ لَا تُصَدَّقُ إِذَا رَوَيْتَ عَنِّي.
__________________________________________________
(1) هو حسين بن الجمّال كما في جامع الرواة.
(2) في م و البرهان: «جمّالي».

نسخه شناسی

درباره مولف

کتاب شناسی