آیه 67، سوره مائده : التفسير لكتاب الله المنير

التفسير لكتاب الله المنير، ج‏3، ص 70

[سورة المائدة (5): آية 67]
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (67)

المنظور باية الإبلاغ‏
الأمر (في هذه الآية المتأخرة نزولا عن زمن البعثة بكثير) لنبىّ الإسلام بالتبليغ يثير في النفس غرابة من ناحيتين (الناحية الأولى) ان الرسول منذ اوّل البعثة قام بهذه المسئولية على ابعد حدودها و أوسع مجالاتها فلا معنى لأن يخاطب بما هو حاصل متحقق (الناحية الثانية) يستبين منها إذا قورنت بالأولى ان ما أمر النبىّ بتبليغه فعلا امر مهمّ ثقل عليه ان يبيّنه للناس لدواعى حسّاسة لها مفعول قوىّ في نفسه لكن ما هو ذلك الأمر الذي ثقل عليه.

هذا و بعد فحص مورد نزولها في حديث العامّة و الخاصّة (و قد دوّنا الكثير من ذلك الحديث في كتابنا نتائج الفكر في شرح الباب الحادي عشر) نجد أنّها نزلت في قضية غدير خم و إذا تميّزنا ذلك وجدنا ان الثقل الذي استولى على عاطفة النبىّ هو تخوّفه ان يقول الناس في حقّه أنّه حابى ابن عمّه و أراد له ما ليس للّه فيه امر فرفعت هذه الآية عنه وحشة الإبلاغ و القيام بما أراد اللّه في آخر ازمنة النبوّة من تعيين خليفة يشغل مكان النبىّ إذا نزل به قدره.

و مبحث الأمامة مبحث عريض و القول فيه مديد و قد دوّنت فيه سلاسل كتب من جملتها ما حققناه نحن في سلسلة كتابنا الحياة الروحية و نتائج الفكر و غيرهما و قد كتب الخاصة في هذا الموضوع مئات الكتب و في جملتها ما هو آية في بابه.

و تفيد الآية ان نبىّ الإسلام إذا تباطئ عن إبلاغ ذلك فكأنه لم‏

التفسير لكتاب الله المنير، ج‏3، ص 71

يقم بأصل الرسالة و داعيه قد يكون ان الأمامة امداد للنبوّة من عدّة جهات (1) تقويتها بالأوصياء فكأنها تنشر في كل حين (2) تفصيل مجملها و توضيح مبهمها من طريق الأئمة الموصى إليهم و في ذلك نوع من الإبقاء عليها و تعزيزها بين الناس (3) عدم تمنّى الأغيار مسخها و التلاعب بها بما يوجب سقوطها في الأنظار و ذلك بأشراف الائمة عليها فكأن نبىّ الرسالة حي لم يمت، و قوله‏ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ‏ بمعنى يصونك منهم فلا تحذر عتاتهم و شياطينهم في نصب من امرناك بنصبه خليفة من بعدك، و عدم هداية اللّه للقوم الكافرين معناه انهم لأعراضهم عنه يعرض عنهم و اعراضه عن المخلوق إهلاك له لأنّ المعلول إذا لم يستمدّ ذاته من علّته فانه لا كيان له.

نسخه شناسی

درباره مولف

کتاب شناسی

منابع: 

كرمى حويزى محمد، التفسير لكتاب الله المنير، قم‏، چاپخانه علميه‏، 1402 ق‏، چاپ اول‏، ج‏3، صص 70 - 71