آیه 67، سوره مائده : الجديد فى تفسير القرآن المجيد
الجديد فى تفسير القرآن المجيد، ج2 ، ص 497
*** [سورة المائدة (5): آية 67]
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (67)
67- يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ .. خطاب للرسول الكريم صلّى اللّه عليه و آله بأن يبلّغ: أي يخبر الناس ما أنزل إليه منه.
و روي عن ابن عباس و جابر بن عبد اللّه و غيرهما أن اللّه تعالى أمر نبيّه أن ينصّب علياّ للناس و يخبرهم بولايته، فخاف (ص) أن يحمله الناس على محاباة ابن عمه، و خشي أن يصعب ذلك على جماعة من أصحابه. لكن إنذار ربّه عزّ اسمه خوّفه أكثر إذ قال له: وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ إذ وازن سبحانه بين هذا البلاغ و بين الرسالة برمّتها، فقال عزّ من قائل إن كتمت ذلك كنت كأنك لم تؤدّ من الرسالة شيئا قط لأن كتمان بعضها ككتمانها كلها سواء بسواء فبلغها و لا تخف أحدا وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ أي يحفظك و يمنعهم عنك و يحميك. و هذا وعد لك بالحفظ و الكلاءة منه تعالى فلا عذر مقبولا بعد عصمتك من الناس الأمر الذي شجعه
فصعد المنبر و أخذ بيد عليّ عليه السلام و رفعها حتى بان بياض إبطيهما ثم قال: أيها الناس، أ لست أولى منكم بأنفسكم قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه،
إلى أخر الخطبة المشهورة التي ألقاها على مسامع عشرات الألوف في غدير خم، يوم رجوعه من حجة الوداع التي لم يمض بعدها سوى سبعين
الجديد فى تفسير القرآن المجيد، ج2، ص 498
يوما ثم لحق (ص) بالرفيق الأعلى، فعمّت الأرض الوحشة بعد غروب قمرها المضيء الذي كشف للناس صراط الحياة المستقيم، و طريق الجنّة و النعيم إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ أي لا يمكّنهم من رسوله الكريم و لا يستطيعون أن ينزلوا به مكروها من جرّاء ذلك البلاغ الذي عبّر سبحانه عن المتنكرين له بلفظ: الكافرين، و إن كانوا قد أظهروا الإسلام.
و الذي يلفت النظر إلى أهمية ذلك البلاغ أنه حصل في آخر حياة النبيّ (ص) الحافلة بالجهاد للدعوة، و عن ثلاث و عشرين سنة قضاها (ص) في الدعوة و التبليغ، فما معنى أن يقول اللّه تعالى له: و إن لم تفعل فما بلّغت رسالته؟ .. أليس هذا أكبر دليل على أن الأمر جليل صدر عن جليلّ، و جعل الولاية عدل القرآن و جعل الإمامة امتدادا للنبوّة و الرسالة؟! ..
سبزوارى نجفى محمد بن حبيب الله، الجديد فى تفسير القرآن المجيد، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1406 ق، چاپ اول، ج2، صص 497 - 498