آیه 67، سوره مائده : تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين،  ج‏1 ، ص  651   

290- في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد و محمد بن الحسين جميعا عن محمد بن اسمعيل بن بزيع عن منصور بن يونس عن ابى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام قال، سمعت أبا جعفر عليه السلام‏ و ذكر حديثا طويلا و فيه يقول عليه السلام:

ثم نزلت الولاية و انما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة نزل الله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي» و كان كمال الدين بولاية على بن أبي طالب عليه السلام، فقال عند ذلك رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، أمتي حديثو عهد الى الجاهلية و متى أخبرتهم بهذا في ابن عمى يقول قائل و يقول قائل؟ فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني فأتتنى‏

تفسير نور الثقلين، ج‏1، ص 652

عزيمة من الله بتلة «1» أوعدني ان لم أبلغ أن يعذبني، فنزلت: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ‏ فأخذ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بيد على عليه السلام فقال:

يا ايها الناس انه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي الا و قد عمره الله ثم دعاه فأجابه فأوشك ان أدعى فأجيب و انا مسئول و أنتم مسئولون فما ذا أنتم قائلون؟ فقالوا نشهد انك قد بلغت و نصحت و أديت ما عليك فج

زاك الله أفضل جزاء المرسلين فقال: اللهم اشهد ثلاث مرات، ثم قال: يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب قال ابو جعفر عليه السلام كان و الله أمين الله على خلقه و غيبه و دينه الذي ارتضاه لنفسه.

291- على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة و الفضيل بن يسار و بكير بن أعين و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية و ابى الجارود جميعا عن أبى جعفر عليه السلام قال‏ امر الله عز و جل رسوله بولاية على و انزل عليه: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ» و فرض ولاية اولى الأمر فلم يدروا ما هي،

فامر الله محمدا صلى الله عليه و آله و سلم أن يفسر لهم الولاية كما فسر لهم الصلوة و الزكاة و الصوم و الحج، فلما أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و تخوف ان يرتدوا عن دينهم و ان يكذبوه،

فضاق صدره و راجع ربه عز و جل فأوحى الله عز و جل اليه: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» و صدع بأمر الله تعالى ذكره فقام بولاية على عليه السلام يوم غدير خم فنادى. الصلوة جامعة و امر الناس ان يبلغ الشاهد الغايب.

قال عمر بن أذينة قال جميعا غير ابى الجارود قال ابو جعفر عليه السلام. و كانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الاخرى و كانت الولاية آخر الفرائض فأنزل الله عز و جل: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي» قال ابو جعفر: يقول الله عز و جل: لا انزل عليكم بعدها فريضة قد أكملت لكم الفرايض.
292- محمد بن الحسين و غيره عن سهل عن محمد بن عيسى و محمد بن يحيى و محمد
______________________________
(1) البتلة من التبتل بمعنى الانقطاع و التقطع و ذكر البتلة بعد العزيمة للتأكيد.

تفسير نور الثقلين، ج‏1، ص 653

ابن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن اسمعيل بن جابر و عبد الكريم بن عمر و عن عبد الحميد ابن ابى الديلم عن أبى عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام‏ فلما رجع رسول الله صلى الله عليه و آله من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال:

«يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ» فنادى الناس فاجتمعوا و امر بسمرات فقم شوكهن‏ «1» ثم قال صلى الله عليه و آله:

يا ايها الناس من وليكم و أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله و رسوله فقال: من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه ثلث مرات، فوقعت حسكة النفاق‏ «2» في قلوب القوم و قالوا: و ما انزل الله جل ذكره هذا على محمد قط و ما يريد الا أن يرفع بضبع ابن عمه.
«3»

293- في عيون الاخبار حدثنا الحكم ابو على الحسين بن احمد البيهقي قال حدثني محمد بن يحيى الصولي قال. حدثني سهل بن القاسم النوشجاني قال‏. قال رجل للرضا يا ابن رسول الله (ع) انه يروى عن عروة بن الزبير انه قال توفى النبي (ص) و هو في تقية فقال اما بعد قوله تعالى. «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» فانه أزال كل تقية بضمان الله عز و جل: و بين امر الله و لكن قريش فعلت ما اشتهت بعده و اما قبل نزول هذه الاية فلعلة.

294- في مجمع البيان‏ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ‏ روى ان النبي صلى الله عليه و آله لما نزلت هذه الاية قال لحراس من أصحابه يحرسونه سعد و حذيفة. ألحقوا بملاحقكم فان الله تعالى عصمنى من الناس.

295- في تهذيب الأحكام في الدعاء بعد صلوة الغدير المسند الى الصادق عليه السلام‏ ربنا اننا سمعنا بالمنادي و صدقنا المنادي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم نادى بنداء عنك بالذي أمرته به أن يبلغ ما أنزلت اليه من ولاية ولى أمرك فحذرته و أنذرته ان لم يبلغ ان تسخط عليه و انه ان بلغ رسالاتك عصمته من الناس فنادى مبلغا وحيك و رسالاتك الا من كنت مولاه‏
______________________________
(1) السمرة: شجر ذو شوك. و قم البيت: كنسه.
(2) الحسكة: العداوة و الحقد.
(3) الضبع: العضد.

تفسير نور الثقلين، ج‏1، ص 654

فعلى مولاه و من كنت وليه فعلى و ليله و من كنت نبيه فعلى أميره.

296- في أمالي الصدوق (ره) و باسناده الى النبي صلى الله عليه و آله و سلم حديث طويل يقول فيه لعلى عليه السلام. و لقد انزل الله عز و جل الى‏ «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ» يعنى في ولايتك يا على‏ «وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ» و لو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي.

297- و باسناده الى ابن عباس حديث طويل و فيه‏ فأنزل الله تبارك و تعالى:
«يا أَيُّهَا الرَّسُولُ: بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» فقال رسول الله صلى الله عليه و آله تهديد و بعد و بعيد لأمضين أمر الله فان يتهموني و يكذبوني فهو أهون على من ان يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا و الاخرة، قال: و سلم جبرئيل على على بامرة المؤمنين،

فقال على عليه السلام، يا رسول الله أسمع الكلام و لا أحس الرؤية فقال: يا على هذا جبرئيل أتانى من قبل ربي بتصديق ما وعدتم ثم امر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم رجلا فرجلا من أصحابه حتى سلموا عليه بامرة المؤمنين ثم قال: يا بلال ناد في الناس ان لا يبقى غدا أحد الا عليك الا خرج الى غدير خم، فلما كان من الغد خرج رسول الله صلى الله عليه و آله بجماعة أصحابه فحمد الله و اثنى عليه ثم قال: يا ايها الناس ان الله تبارك و تعالى أرسلنى إليكم برسالة و انى ضقت به ذرعا مخافة أن يتهموني و يكذبوني حتى أنزل الله على وعيدا بعد وعيد، فكان تكذيبكم إياي أيسر على من عقوبة الله إياي «الحديث».

298- في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده الى محمد بن على الباقر عليهما السلام حديث طويل و فيه يقول عليه السلام: فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلثة أميال أتاه جبرئيل عليه السلام على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر و الانتهاء و العصمة من الناس، فقال؟ يا محمد ان الله عز و جل يقرئك السلام و يقول: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ‏ في على‏ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» و كان اوائلهم قريبا من الجحفة، فأمره ان يرد من تقدم منهم و يحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان ليقيم عليا للناس و يبلغهم ما انزل الله في على عليه السلام، و أخبره بان الله‏

تفسير نور الثقلين، ج‏1، ص 655

عز و جل قد عصمه من الناس فامر رسوله عند ما جاءت العصمة مناديا ينادى في الناس:
الصلوة جامعة الى قوله صلى الله عليه و آله، و أؤدي ما أوحى الى حذرا من ان لا افعل فتحل لي منه قارعة «1» لا يدفعها عنى أحد و ان عظمت حيلة لا اله الا هو لأنه قد أعلمني انى لم أبلغ ما انزل الى فما بلغت رسالته، و قد ضمن لي تبارك و تعالى العصمة، و هو الله الكافي الكريم، فأوحى الله: بسم الله الرحمن الرحيم‏ «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ» يعنى في الخلافة لعلى بن ابى طالب عليه السلام‏ «وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ».

299- في تفسير على بن إبراهيم‏ «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ» قال: نزلت هذه الآية في على‏ «وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» قال نزلت هذه الآية في منصرف رسول الله صلى الله عليه و آله من حجة الوداع،

و حج رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حجة الوداع لتمام عشر حجج من مقدم المدينة، و كان من قوله بمنى ان حمد الله و اثنى عليه ثم قال: ايها الناس اسمعوا قولي و اعقلوه عنى فانى لا أدري لعلى ألقاكم بعد عامي هذا. ثم قال: هل تعلمون أى يوم أعظم حرمة؟ قال الناس: هذا اليوم، قال، فأى شهر؟ قال الناس، هذا. قال: و اى بلد أعظم حرمة؟

قالوا: بلدنا هذا، فان دماءكم و أموالكم و اعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا الى يوم تلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، الأهل بلغت ايها الناس؟ قالوا نعم، قال: اللهم اشهد، ثم قال، ألا و كل مأثرة «2» أو بدع كانت في الجاهلية أو دم أو مال فهو تحت قدمي هاتين ليس أحد أكرم من أحد الا بالتقوى، الأهل بلغت؟ قالوا، نعم، قال، اللهم اشهد، ثم قال، الا وكل ربا في الجاهلية فهو موضوع، و أول موضوع منه ربا العباس بن عبد المطلب ألا و كل دم كانت في الجاهلية فهو موضوع و أول موضوع منه دم ربيعة الأهل بلغت؟

قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد، ثم قال، الا و ان الشيطان قد يئس ان يعبد بأرضكم هذه و لكنه راض بما تحتقرون من أعمالكم، الا و انه إذا أطيع فقد عبد، الا ايها الناس ان المسلم أخ المسلم حقا و لا يحل لامرء مسلم دم امرئ مسلم‏
______________________________
(1) القارعة: الداهية الشديدة.
(2) المأثرة: المكرمة المتوارثة.

تفسير نور الثقلين، ج‏1، ص 656

و ما له الا ما أعطاه بطيبة نفس منه، و انى أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله، فاذا قالوها فقد عصموا منى دماءهم و أموالهم الا بحقها و حسابهم على الله، الأهل بلغت ايها الناس؟ قالوا، نعم قال اللهم اشهد، ثم قال، ايها الناس احفظوا قولي تنتفعوا به بعدي و افهموه تنتعشوا الا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا، فان أنتم فعلتم ذلك و لتفعلن لتجدوني في كتبية بين جبرئيل و ميكائيل اضرب وجوهكم بالسيف،

ثم التفت عن يمينه فسكت ساعة ثم قال. إنشاء الله أو على بن أبي طالب، ثم قال: الا و انى قد تركت فيكم أمرين ان أخذتم بهما لن تضلوا، كتاب الله و عترتي أهل بيتي، فانه قد نبأني اللطيف الخيبر انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، الا فمن اعتصم بهما فقد نجى و من خالفهما فقد هلك الأهل بلغت؟

قالوا، نعم، قال اللهم اشهد، ثم قال. الا و انه سيرد على الحوض منكم رجال فيدفعون عنى فأقول رب أصحابى، فيقال. يا محمد انهم قد أحدثوا بعدك و غيروا سنتك فأقول. سحقا سحقا، فلما كان آخر يوم من أيام التشريق أنزل الله. «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ» فقال رسول الله صلى الله عليه و آله. نعيت الى نفسي ثم نادى. الصلوة جامعة في مسجد الخيف،

فاجتمع الناس فحمد الله و أثنى عليه ثم قال. نصر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها و بلغها من لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه، و رب حامل فقه الى من هو أفقه منه، ثلث لا يغل عليهن قلب امرء مسلم إخلاص العمل لله، و النصيحة لائمة المسلمين و لزوم جماعتهم،

فان دعوته محيطة من ورائهم المؤمنون اخوة تتكافى دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم و هم يد على من سواهم. ايها الناس انى تارك فيكم الثقلين قالوا. يا رسول الله و ما الثقلان؟

فقال. كتاب الله و عترتي أهل بيتي، فانه قد نبأني اللطيف الخبير انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض كإصبعي هاتين و جمع بين سبابتيه. و لا أقول كهاتين سبابته و الوسطى فتفضل هذه على هذه، فاجتمع قوم من أصحابه و قالوا: يريد محمد ان يجعل الامامة في أهل بيته، فخرج منهم اربعة نفر الى مكة و دخلوا الكعبة و تعاهدوا و تعاقدوا و كتبوا فيما بينهم كتابا ان أمات الله محمدا أو قتله ان لا يردوا هذا الأمر في أهل بيته أبدا، فانزل الله على نبيه في ذلك‏ «أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ‏

تفسير نور الثقلين، ج‏1، ص 657

أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى‏ وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ‏ فخرج رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من مكة يريد المدينة حتى نزل منزلا يقال له غدير خم، نزل و قد علم الناس مناسكهم و أو عز إليهم وصية، إذ نزل عليه هذه الاية: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم تهدد و وعيد، فحمد الله و اثنى عليه ثم قال ايها الناس هل تعلمون من وليكم؟

فقالوا: نعم الله و رسوله، ثم قال ألستم تعلمون انى اولى بكم منكم من أنفسكم، فقالوا بلى، قال: اللهم اشهد فأعاد ذلك عليهم ثلثا كل ذلك يقول مثل قوله الاول، و يقول الناس كذلك، و يقول: اللهم اشهد ثم أخذ بيد أمير المؤمنين عليه السلام فرفعها حتى بدا للناس بياض إبطيهما ثم قال: الا من كنت مولاه فهذا على مولاه، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله، و أحب من أحبه ثم رفع رأسه الى السماء فقال اللهم اشهد عليهم و انا من الشاهدين،

فاستفهمه عمر من بين أصحابه فقال: يا رسول الله هذا من الله و من رسوله؟ فقال نعم من الله و من رسوله انه أمير المؤمنين و امام المتقين و قائد الغر المحجلين، يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة و أعدائه النار فقال أصحابه الذين ارتدوا بعده قد قال محمد في مسجد الخيف ما قال،

و قال هاهنا ما قال، و ان رجع الى المدينة يأخذنا بالبيعة، فاجتمع أربعة عشر نفرا و تؤامروا على قتل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قعدوا له في العقبة و هي عقبة حرشي بين الجحفة و الأبواء، فقعدوا سبعة عن يمين العقبة و سبعة عن يسارها لينفروا ناقة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فلما جن الليل تقدم رسول الله صلى الله عليه و آله في تلك الليلة العسكر فأقبل ينعس على ناقته فلما دنا من العقبة ناداه جبرئيل يا محمد ان فلانا و فلانا و فلانا قد قعدوا لك، فنظر رسول الله صلى الله عليه و آله فقال، من هذا خلفي؟ فقال حذيفة بن اليمان انا حذيفة بن اليمان يا رسول الله،

قال سمعت ما سمعت قال بلى، قال فاكتم، ثم دنا رسول الله صلى الله عليه و آله منهم فناداهم بأسمائهم فلما سمعوا نداء رسول الله صلى الله عليه و آله مروا و دخلوا في غمار الناس‏ «1» و قد كانوا عقلوا رواحلهم، فتركوها و لحق الناس برسول، الله صلى الله عليه و آله و طلبوهم و انتهى رسول الله صلى الله عليه و آله الى رواحلهم فعرفها
______________________________
(1) غمار الناس: جماعتهم.

تفسير نور الثقلين، ج‏1، ص 658

فلما نزل قال ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة ان أمات الله محمدا أو قتله ان لا يردوا هذا الأمر في أهل بيته أبدا، فجاؤا الى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فحلفوا انهم لم يقولوا من ذلك شيئا و لم يردوه و لم يهموا بشي‏ء في رسول الله صلى الله عليه و آله فأنزل الله‏ «يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا» ان لا يردوا هذا الأمر في أهل بيت رسول الله‏ «وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا» من قتل رسول الله صلى الله عليه و آله‏ وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَ إِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ فرجع رسول الله صلى الله عليه و آله الى المدينة و بقي بها المحرم و نصف من صفر لا يشتكي شيئا ثم ابتدأ به الوجع الذي توفى فيه صلى الله عليه و آله.

300- فحدثني أبى عن مسلم بن خالد عن محمد بن جابر عن أبى مسعود قال قال لي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم‏ لما رجع من حجة الوداع: يا ابن مسعود قد قرب الأجل و نعيت الى نفسي، فمن لك بعدي؟ فأقبلت أعد عليه رجلا رجلا فبكى صلى الله عليه و آله و سلم ثم قال ثكلتك الثواكل فأين أنت عن على بن أبي طالب لم تقدمه على الخلق أجمعين؟ يا ابن مسعود انه إذا كان يوم القيامة رفعت لهذه الامة أعلام فأول الاعلام لواء الأعظم مع على بن أبي طالب و الناس جميعا تحت لوائى ينادى مناد هذا الفضل يا ابن أبي طالب.

301- حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن ابن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام قال‏ لما امر الله نبيه صلى الله عليه و آله أن ينصب أمير المؤمنين عليه السلام في قوله‏ «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ» في على بغدير خم فقال من كنت مولاه فعلى مولاه فجاءت الأبالسة الى إبليس الأكبر و حثوا التراب على رؤسهم فقال إبليس ما لكم؟ فقالوا ان هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شي‏ء الى يوم القيامة، فقال لهم إبليس كلا ان الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني، فأنزل الله على نبيه. «وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ» الاية

نسخه شناسی

درباره مولف

کتاب شناسی

منابع: 

عروسى حويزى عبد على بن جمعه‏، تفسير نور الثقلين‏، تحقيق: سيد هاشم رسولى محلاتى‏، قم‏، انتشارات اسماعيليان‏، 1415 ق‏، چاپ چهارم‏، ج‏1 ، ص 651 - 658