آیه 67، سوره مائده : مجمع البيان فى تفسير القرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن،  ج‏3 ، ص  344   

المعنى‏
ثم أمر سبحانه نبيه بالتبليغ و وعده العصمة و النصرة فقال‏ «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ» و هذا نداء تشريف و تعظيم‏ «بَلِّغْ» أي أوصل إليهم‏ «ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ» أكثر المفسرون فيه الأقاويل فقيل إن الله تعالى بعث النبي ص برسالة ضاق بها ذرعا و كان يهاب قريشا فأزال الله بهذه الآية تلك الهيبة عن الحسن و قيل يريد به إزالة التوهم من أن النبي ص كتم شيئا من الوحي للتقية عن عائشة و قيل غير ذلك و

روى العياشي في تفسيره بإسناده عن ابن عمير عن ابن أذينة عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس و جابر بن عبد الله قالا أمر الله محمدا ص أن ينصب عليا (ع) للناس فيخبرهم بولايته فتخوف رسول الله ص أن يقولوا حابى ابن عمه و أن يطعنوا في ذلك عليه فأوحى الله إليه هذه الآية فقام بولايته يوم غدير خم‏

و هذا الخبر بعينه قد حدثناه السيد أبو الحمد عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني بإسناده عن ابن أبي عمير في كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفصيل و التأويل و فيه أيضا بالإسناد المرفوع إلى‏
حيان بن علي الغنوي عن أبي صالح عن ابن عباس قال‏ نزلت هذه الآية في علي (ع) فأخذ رسول الله ص بيده (ع) فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه‏

و قد أورد هذا الخبر بعينه‏ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي في تفسيره بإسناده مرفوعا إلى ابن عباس قال‏ نزلت هذه الآية في علي (ع) أمر النبي ص أن يبلغ فيه فأخذ رسول الله ص بيد علي (ع) فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه‏

و قد اشتهرت الروايات‏
عن أبي جعفر و أبي عبد الله (ع) أن الله أوحى إلى نبيه ص أن يستخلف عليا (ع) فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعا له على القيام بما أمره الله بأدائه‏
و المعنى أن تركت تبليغ ما أنزل إليك و كتمته كنت كأنك لم تبلغ شيئا من رسالات ربك في استحقاق العقوبة و قال ابن عباس معناه إن كتمت آية مما أنزل إليك فما بلغت رسالته أي لم تكن ممتثلا بجميع الأمر «وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» أي يمنعك من أن ينالوك بسوء «إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ» قيل فيه قولان (أحدهما) أن معنى الهداية هنا أنه‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏3، ص 345

سبحانه لا يهديهم بالمعونة و التوفيق و الألطاف إلى الكفر بل إنما يهديهم إلى الإيمان لأن من هداه إلى غرضه فقد أعانه على بلوغه عن علي بن عيسى قال و لا يجوز أن يكون المراد لا يهديهم إلى الإيمان لأنه تعالى هداهم إلى الإيمان بأن دلهم عليه و رغبهم فيه و حذرهم من خلافه (و الآخر) أن المراد لا يهديهم إلى الجنة و الثواب عن الجبائي و في هذه الآية دلالة على صدق النبي ص و صحة نبوته من وجهين (أحدهما) أنه وقع مخبره على ما أخبر به فيه و في نظائره فدل ذلك على أنه من عند عالم الغيوب و السرائر (و الثاني) أنه لا يقدم على الإخبار بذلك إلا و هو يأمن أن يكون مخبره على ما أخبر به لأنه لا داعي له إلى ذلك إلا الصدق

و روي‏ أن النبي ص لما نزلت هذه الآية قال لحراس من أصحابه كانوا يحرسونه منهم سعد و حذيفة ألحقوا بملاحقكم فإن الله تعالى عصمني من الناس.

نسخه شناسی

درباره مولف

کتاب شناسی

منابع: 

طبرسى، فضل بن حسن‏، مجمع البيان فى تفسير القرآن‏، تحقيق: محمد جواد بلاغى‏، تهران‏، انتشارات ناصر خسرو، 1372 ش‏، چاپ سوم‏، ج‏3 ، صص 344 - 345