آیه 79 سوره بقره: تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج2، ص: 61
فَوَيْلٌ، أي: تحسر و هلك.
مصدر. لا فعل له.
لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ، أي: المحرّف.
بِأَيْدِيهِمْ: تأكيد.
ثُمَّ يَقُولُونَ: هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا، أي: يحصلوا غرضا من أغراض الدّنيا. فإنّه قليل بالنّسبة إلى عقابهم.
فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ من المحرّف.
وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) من الرّشى.
[و في كتاب الاحتجاج، للطّبرسيّ- رحمه اللّه- بإسناده إلى أبي محمّد العسكريّ- عليه السّلام- في قوله تعالى وَ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ: إن الأمّيّ، منسوب إلى أمّه، أي: كما هو خرج من بطن أمّه لا يقرأ و لا يكتب. لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ المنزل من السّماء، و لا المتكلّم به. و لا يميّزون بينهما، إِلَّا أَمانِيَ، أي: إلّا أن يقرأ عليهم.
و يقال لهم: إنّ هذا كتاب اللّه و كلامه. لا يعرفون إن قرئ من الكتاب، خلاف ما هم فيه. وَ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ، أي: ما يقرأ عليهم رؤساؤهم، من تكذيب محمّد- صلّى اللّه عليه و آله- في نبوّته و إمامة عليّ، سيّد عترته. و هم يقلّدونهم. مع أنّه محرّم عليهم تقليدهم فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا.
قال- عليه السّلام: قال اللّه تعالى: هذا القوم من اليهود، كتبوا صفة، زعموا أنّها صفة محمّد- صلّى اللّه عليه و آله. و هي خلاف صفته. و قالوا للمستضعفين منهم: هذه صفة النّبيّ المبعوث في آخر الزّمان، أنّه طويل عظيم البدن و البطن، أهدف، أصهب الشّعر.
و محمّد- صلّى اللّه عليه و آله- بخلافه. و هو يجيء بعد هذا الزّمان، بخمسمائة سنة. و إنّما أرادوا بذلك، لتبقى لهم على ضعفائهم رئاستهم. و تدوم لهم إصاباتهم. و يكفوا أنفسهم مؤنة خدمة رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و خدمة عليّ- عليه السّلام- و أهل خاصّته.
فقال اللّه- عزّ و جلّ: فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ. وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ» من هذه الصّفات المحرّمات المخالفات، لصفة محمّد- صلّى اللّه عليه و آله- و عليّ- عليه السّلام- الشّدة لهم من العذاب، في أسوء بقاع جهنم. و ويل لهم الشّدّة من العذاب، ثانية مضافة
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج2، ص: 62
إلى الأولى، ممّا يكسبونه من الأموال الّتي يأخذونها إذا ثبتوا أعوانهم على الكفر بمحمّد- صلّى اللّه عليه و آله- و الجحد لوصيّه و أخيه عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- وليّ اللّه.
و الحديث طويل. أخذت منه ما به كفاية. و تركت الباقي، خوف الإطالة.
و في مجمع البيان : و روى الخدريّ، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله: أنّه واد في جهنم. يهوي فيه الكافر، أربعين خريفا، قبل أن يبلغ قعره.
و فيه : و قيل كتابتهم بأيديهم، أنّهم عمدوا إلى التّوراة. و حرّفوا صفة النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- ليوقعوا الشّك بذلك للمستضعفين من اليهود.
و هو المرويّ عن أبي جعفر الباقر- عليه السّلام.]
وَ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً محصورة قليلة.
روي أنّ بعضهم قالوا: نُعذّب بعدد أيّام عبادة العجل، أربعين يوما. و بعضهم قالوا: مدّة الدّنيا سبعة آلاف سنة. و إنّما نعذّب مكان كل ألف سنة، يوما .
قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً: وعدا.
فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ؟:
جواب شرط محذوف، أي: إن اتّخذتم عند اللّه عهدا. فلن يخلف اللّه عهده.
و قيل: لا تقدير في مثله. و لكن ضمن الاستفهام معنى الشّرط، فأجيب بالفاء.