كتاب التحقيق

كتاب التحقيق/ج13/ص127

وصى‏
مقا- وصى: أصل يدلّ على وصل شي‏ء بشي‏ء. و وصيت الشي‏ء:
وصلته. و يقال: وطئنا أرضا واصية، أى إنّ نبتها متّصل قد امتلأت منه. و وصيت الليلة باليوم: وصلتها، و ذلك في عمل تعمله. و الوصيّة من هذا القياس، كأنّه كلام يوصى، أى يوصل. يقال: وصّيته توصية، و أوصيته.
مصبا- وصيت الشي‏ء بالشي‏ء أصيه من باب وعد: وصلته، و وصّيت‏
                        التحقيق، ج‏13، ص: 128
الى فلان توصية و أوصيت اليه إيصاء، و الاسم الوصاية بالكسر، و الفتح لغة و هو وصىّ فعيل بمعنى مفعول، و الجمع الأوصياء، و أوصيت اليه بمال: جعلته له، و أوصيته بولده استعطفته عليه، و أوصيته بالصلاة: أمرته بها. و لفظ الوصيّة مشترك بين التذكير و الاستعطاف و بين الأمر، فيتعيّن حمله على الأمر، و يقوم مقامه كلّ لفظ فيه معنى الأمر. و تواصى القوم: أوصى بعضهم بعضا. و استوصيت به خيرا.
العين 7/ 177- وصّيته توصية، في المبالغة و الكثرة. و الوصيّة بعد الموت:
فالعالى من كلام العرب أوصى، و يجوز وصى. و الوصيّة: ما أوصيت به. و الوصاية:
فعل الوصىّ، و قد قيل: الوصىّ الوصاية.
صحا- أوصيت له بشي‏ء و أوصيت اليه: إذا جعلته وصيّك، و الاسم الوصاية. و أوصيته و وصيّته إيصاء و توصية: بمعنى. و الاسم الوصاة. و في الحديث- استوصوا بالنساء. خيرا فانّهن عندكم عوان. و وصيّت الشي‏ء بكذا، إذا وصلته به. و قد وصت الأرض، إذا اتّصل نباتها، و ربّما قالوا تواصى النبت.
لسا- أوصى الرجل و وصّاه: عهد اليه. و أوصيت له بشي‏ء، و أوصيت اليه: جعلته وصيّك، و أوصيته و وصّيته إيصاء و توصية، بمعنى. و الوصىّ: الّذى يوصى، و الّذى يوصى له.
و التحقيق‏
أنّ الأصل الواحد في المادّة: هو عهد بإيصال أمر. و من مصاديقه: توصية و تمليك بمال بعد الموت. توصية الى شخص في إجراء أمر و العمل به. إيصاء و استعطاف على أولاد. إيصاء له بصلوة و عبادة. جعل شخص وصيّا.
و الوصىّ: فعيل بمعنى من يكون متّصفا بالتعهّد و الإيصال، و هذا المعنى يصدق على الموصى الّذى يعهد، و على الموصى اليه الّذى يقبل إجراء العهد و بيده يتحقّق الإيصال.
و الوصيّة: عبارة عن برنامج العهد و الإيصال و هو ما اوصى به.
                        التحقيق، ج‏13، ص: 129
و أمّا اطلاق الوصيّة على النباتات الملتفّة المتواصلة، أو على جرائد النخل الّتى يحزم بها: فبعنوان انطباق مفهوم عهد و إيصال فيهما.
ثمّ إنّ المادّة تختلف خصوصيّات معناها باختلاف الصيغ و استعمالها بالحروف الرابطة- (الى، الباء، اللام). و بدون واسطة حرف.
فالإيصاء من الإفعال: يلاحظ فيه النظر الى جهة الصدور و انتساب الفعل الى الفاعل، كما في- أوصى ربّك.
و التوصية من التفعيل: يلاحظ فيه النظر الى جهة الوقوع و نسبة الفعل الى المفعول به، كما في- وصّيكم به.
و إذا كان النظر الى جهة الاستمرار و التداوم: فيعبّر بصيغة التفاعل، كما في:
. تَواصَوْا بِالْحَقِّ ...،. تَواصَوْا بِالصَّبْرِ.*. وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ- 2/ 132. شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً- 42/ 13. وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً- 29/ 8 فالنظر فيها الى جهة التعلّق و الوقوع الى مفعول التوصية، و هو البنون، و النبىّ نوح، و الإنسان.
و حرف الباء يدلّ على تعيين مورد التوصيّة.
. وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ- 19/ 31. يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ- 4/ 11. مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ*- 4/ 11. فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً- 2/ 182 فالنظر فيها الى جهة صدور الحكم من الموصي في هذه الموارد.
. مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى‏ بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ- 4/ 12 يراد البرنامج للتعهّد و الإيصال.