آیه 1 و 2 سوره معارج : الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏29، ص 114

سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ‏ فمن هذا السائل؟
و لماذا سأل العذاب؟ و هل نزل عليه ما سأل؟

تقول كثير من روايات الفريقين إن السائل هو النضر بن الحارث الفهري‏ «1»:
«انه لما شاع قصة الغدير في البلاد أتى ابن الفهري رسول اللّه (ص) فقال:

يا محمد! أمرتنا عن اللّه بشهادة ان لا إله إلا اللّه و ان محمدا رسول اللّه (ص) و بالصلاة و الصوم و الحج و الزكاة فقبلنا منك، ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا و قلت: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فهذا شي‏ء منك أم من اللّه؟ فقال رسول اللّه (ص) و الذي لا إله إلا هو ان هذا من اللّه، فولى ابن الفهري يريد راحلته و هو يقول:

اللهم ان كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل الى راحلته حتى رماه اللّه بحجر فسقط على هامته و خرج من دبره فقتله. و حينئذ نزلت الآية سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ‏ [ (و في شرح الأخبار) نزلت: أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ‏ «2»].

أقول: مكية السورتين قد تنافي الروايتين اللهم الا ان تكونا نازلتين بعد الغدير مسجلتين في سورتيهما النازلتين قبل الغدير و كم له من نظير!.
______________________________
(1). الدر المنثور (3: 181): أخرجه ابن جرير و ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير، و ابن جرير عن عطاء، و في: (6: 263) اخرج الفرياني و عبد بن حميد و النسائي و ابن أبي حاتم و الحاكم و صححه و ابن مردويه عن ابن عباس و ابن المنذر عن زيد بن اسلم و ابن جريح، و ابن أبي حاتم عن السدي، و في بعض الروايات انه الحارث بن علقمة، و في بعض:
نعمان بن الحارث.

(2) ذكره ابو عبيد و الثعلبي و النقاش و سفيان بن عيينة و الرازي و القزويني و النيسابوري من إخواننا، في تفاسيرهم، و أصحابنا كذلك اجمع.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏29، ص 115

و القرآن يذكر السائل هنا و السائلين: وَ إِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ. وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (8: 32) وَ قالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (38: 16) أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ‏ (26: 204).

و قد يكون السائل في المعارج غير السائلين في سواها كيانا و سببا، و قد يكون منهم، و لكنه عجل قطّه: نصيبه بسؤاله، قبل يوم الحساب، و الباقون أجلوا ليوم الحساب، عله لكون الرسول أمانا ما دام فيهم أو يستغفرون، أو لأنهم استغفروا، و انما أصيب واحد منهم ذكرى لهم لعلهم يحذرون.

و على السؤال لم يكن ليختص بهامة الغدير، فقبلها هامات أتم و أعم، كالأصول الإسلامية التي كانوا ينكرونها، إذا فالروايات المفسرة لها بقصة الغدير هي من باب الجري و التطبيق، أو أنها من ضمن ما سألوا له العذاب، كما تظافرت به الروايات.

ثم السائل هنا- الذي أبهم عن اسمه- انما سأل العذاب الواقع تحديا على الحق و على وقوع العذاب، توهينا للرسالة و المرسل، فلقد كانت الحقائق الإسلامية عسيرة الإدراك و التصديق على من عاشوا الخرافات و الأساطير و الهرطقات، و قد لقيت منهم معارضة نفسية عميقة، فكانوا يتسمعونها بكل دهشة و استغراب، و ينكرونها أشد الإنكار، متحدين الرسول بألوان التحديات و لو تعرضوا للخطر، كهذا السائل الغبي!:

سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ‏: إنه سأل ما لم يكن بحاجة الى سئوال لأنه واقع للكافرين و السائل منهم.
بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ‏: واقع للكافرين ليس له دافع من اللّه،

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏29، ص 116

للكافرين فقط ليس له دافع، و اما غيرهم فلهم دوافع عنه من توبة و غفران و شفاعة و اضرابها من دوافع العذاب.

نسخه شناسی 

درباره مولف

کتاب شناسی

منابع: 

صادقى تهرانى، محمد ، الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن‏، ج‏29، انتشارات فرهنگ اسلامى‏، قم‏، 1365 ش‏، چاپ دوم‏، صص 114 - 116