آیه 1 و 2 سوره معارج : المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز، ج5 ، ص 364
رأ جمهور السبعة: «سأل» بهمزة مخففة، قالوا و المعنى: دعا داع، و الإشارة إلى من قال من قريش:
اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ [الأنفال: 32].
و روي أن قائل ذلك النضر بن الحارث، و إلى من قال: رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا [ص: 16]، و نحو هذا،
و قال بعضهم المعنى: بحث باحث، و استفهم مستفهم، قالوا و الإشارة إلى قول قريش: متى هذا الوعد؟ و ما جرى مجراه قاله الحسن و قتادة، فأما من قال استفهم مستفهم فالباء توصل توصيل عن، كأنه قال عن عذاب، و هذا كقول علقمة بن عبدة: [الطويل]
فإن تسألوني بالنساء فإنني بصير بأدواء النساء طبيب و قرأ نافع بن عامر: «سال سائل» ساكنة الألف، و اختلفت القراءة بها، فقال بعضهم: هي «سأل» المهموزة، إلا أن الهمزة سهلت كما قال لا هناك المرتع و نحو ذلك. و قال بعض هي لغة من يقول سلت أسأل، و يتساولون، و هي بلغة مشهورة حكاها سيبويه، فتجيء الألف منقلبة من الواو التي هي عين كقال و حاق، و أما قول الشاعر [حسان بن ثابت]: [البسيط]
سالت هذيل رسول اللّه فاحشة ضلّت هذيل بما سالت و لم تصب فإن سيبويه قال: هو على لغة تسهيل الهمزة. و قال غيره: هو على لغة من قال: سلت، و قال بعضهم في الآية: هو من سال يسيل: إذا جرى و ليست من معنى السؤال، قال زيد بن ثابت: في جهنم واد يسمى سايلا، و الاخبار هاهنا عنه.
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز، ج5، ص 365
قال القاضي أبو محمد: و يحتمل إن لم يصح أمر الوادي أن يكون الإخبار عن نفوذ القدر بذلك العذاب قد استعير له لفظ السيل لما عهد من نفوذ السيل و تصميمه، و قرأ ابن عباس: «سال سيل» بسكون الياء، و قرأ أبي بن كعب و ابن مسعود: «سال سال» مثل قال قال، ألقيت الياء من الخط تخفيفا، و المراد «سائل».
و سؤال الكفار عن العذاب حسب قراءة الجماعة إنما كان على أنه كذب. فوصفه اللّه تعالى بأنه واقِعٍ وعيدا لهم. و قوله تعالى: لِلْكافِرينَ. قال بعض النحويين: اللام توصل المعنى توصيل «على». و روي أنه في مصحف أبي بن كعب: «على الكافرين»، و قال قتادة و الحسن المعنى: كأن قائلا قال لمن هذا العذاب الواقع؟ فقيل لِلْكافِرينَ.
ابن عطيه اندلسى عبدالحق بن غالب، المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز ، ج5 ، تحقيق: عبدالسلام عبدالشافى محمد، دارالكتب العلميه، بيروت، 1422 ق، چاپ اول، صص 364 - 365