آیه 1 و 2 سوره معارج : تفسير روح البيان

تفسير روح البيان،  ج‏10 ، ص   153   

تفسير سورة المعارج‏
اربع و أربعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم‏
سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ‏ من السؤال بمعنى الدعاء و الطلب يقال دعا بكذا استدعاه و طلبه و منه قوله تعالى يدعون فيها بكل فاكهة اى يطلبون فى الجنة كل فاكهة و المعنى دعا داع بعذاب واقع نازل لا محالة سوآء طلبه او لم يطلبه اى استدعاه و طلبه و من التوسعات الشائعة فى لسان العرب حمل النظير على النظير و حمل النقيض على النقيض فتعدية سأل بالباء من قبيل التعدية بحمل النظير على النظير

فانه نظير دعا و هو يتعدى بالباء لا من قبيل التعدية بالتضمين بأن ضمن سأل معنى دعا فعدى تعديته كما زعمه صاحب الكشاف لان فائدة التضمين على ما صرح به ذلك الفاضل فى تفسير سورة النحل إعطاء مجموع المعنيين و لا فائدة فى لجمع بين معنى سأل و دعا لان أحدهما يغنى عن الاخر

و المراد بهذا السائل على ما روى عن ابن عباس رضى اللّه عنهما و اختاره الجمهور هو النضر بن الحارث من بنى عبد الدار حيث قال إنكارا و استهزاء اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم

و صيغة الماضي و هو واقع دون سيوقع للدلالة على تحقق وقوعه اما فى الدنيا و هو عذاب يوم بدر فان النضر قتل يومئذ صبرا و اما فى الآخرة و هو عذاب النار و عن معاوية انه قال لرجل من اهل سبأ ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة قال أجهل من قومى قومك قالوا لرسول اللّه عليه السلام حين دعاهم الى الحق ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء

و لم يقولوا ان كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له و قيل السائل هو الرسول عليه السلام استعجل بعذابهم و سأل أن يأخذهم اللّه أخذا شديدا و يجعله سنين كسنى يوسف و ان قوله تعالى سأل سائل حكاية لسؤالهم المعهود على طريقة قوله تعالى يسألونك عن الساعة و قوله تعالى متى هذا الوعد و نحوهما إذ هو المعهود باوقوع على الكافرين لا ما دعا به النضر فالسؤال بمعناه‏

تفسير روح البيان، ج‏10، ص 154

و هو التفتيش و الاستفسار لان الكفرة كانوا يسألون النبي عليه السلام و أصحابه إنكارا و استهزاء عن وقوعه و على من ينزل و متى ينزل و الباء يمعنى عن كما فى قوله تعالى فاسأل به خبيرا اى فاسأل عنه لان الحروف العوامل يقوم بعضها مقام بعض باتفاق العلماء و

عن الامام الواحدي ان الباء فى بعذاب زائدة للتأكيد كما فى قوله تعالى و هزى إليك بجذع النخلة اى عذابا واقعا كقولك سألته الشي‏ء و سألته عن الشي‏ء لِلْكافِرينَ‏ اى عليهم فاللام بمعنى على كما فى قوله تعالى و ان اسأتم فلها ان فعليها او بهم فاللام بمعنى الباء على كما فى قوله تعالى و ان اسأتم فلها اى فعليها او بهم فاللام بمعنى الباء على ما ذهب بعضهم فى قوله تعالى

و ما أمروا الا ليعبدوا اللّه اى بأن يعبدوا اللّه او على معناه اى نازل لاجل كفرهم و متعلقه على التقادير الثلاثة هو واقع قال بعض العارفين بهذا وصف اهل الأمل و الظن الكاذب الذين يظنون انهم يتركون فى قبائح أعمالهم و هم لا يعذبون‏ لَيْسَ لَهُ‏ اى لذلك العذاب‏ دافِعٌ مِنَ اللَّه‏

نسخه شناسی 

درباره مولف

کتاب شناسی 

منابع: 

حقى بروسوى اسماعيل‏، تفسير روح البيان‏، ج‏10 ، دارالفكر، بيروت‏، چاپ اول‏، ص 153