آیه 1 و 2 سوره معارج : تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان
تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان، ج6 ، ص 355
من قرأ سَأَلَ بالهمزة ففيه وجهان: الأول عن ابن عباس أن النضر بن الحرث قال اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً [الأنفال: 32] الآية فأنزل اللّه تعالى سَأَلَ سائِلٌ أي دعا داع و لهذا عدي بالباء. يقال: دعاه بكذا إذا استدعاه و طلبه.
و قال ابن الأنباري: الباء للتأكيد و التقدير: سأل سائل عذابا لا دافع له البتة. إما في الآخرة و إما في الدنيا كيوم بدر. الثاني قال الحسن و قتادة: هو رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم استعجل بعذاب الكافرين، أو سأل عن عذاب. و الباء بمعنى «عن». قال ابن الأنباري: أو عنى و اهتم بعذاب أنه على من ينزل و بمن يقع، فبين اللّه تعالى أن هذا واقع بهم فلا دافع له.
و الذي يدل على صحة هذا الوجه قوله في آخر الآية فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا و من قرأ بغير همز فله و جهان أيضا: الأول أنه مخفف «سأل» و هي لغة قريش و المعاني كما مرت، و الآخر أن يكون من السيلان و يعضده قراءة ابن عباس «سال سيل» و هو مصدر في معنى سائل كالفوز بمعنى الفائز. و المعنى اندفع عليهم و أدى عذاب فذهب بهم و أهلكهم أما سائِلٌ
تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان، ج6، ص 356
فلا يجوز فيه إلا الهمز وفاقا لأنه إن كان من سأل المهموز فظاهر، و إن كان من غير المهموز انقلبت الياء همزة كما في بائع. و قوله لِلْكافِرينَ صفة أخرى للعذاب أي بعذاب واقع، لا محالة كائن للكافرين، أو متعلق بواقع أي نازل لأجلهم،
أو كلام مستأنف جواب للسائل الذي سأل: إن العذاب على من ينزل أي هو للكافرين. و الظاهر أن قوله مِنَ اللَّهِ يتعلق ب دافِعٌ أي لا دافع له من جهة اللّه لأنه قضاء مبرم. و جوز أن يتصل بواقع أي نازل من عند ذِي الْمَعارِجِ المصاعد. روى الكلبي عن ابن عباس أنها السموات لأن الملائكة يعرجون فيها.
و قال قتادة: ذي الفواضل و النعم بحسب الأرواح و مراتب الاستحقاق و الاستعداد. و قيل: هي الجنة لأنها درجات. و قال في التفسير الكبير. و هي مراتب أرواح الملكية المختلفة بالشدة و الضعف و بسببها يصل آثار فيض اللّه إلى العالم السفلي عادة، أو غير عادة فتلك الأرواح كالمصاعد لمراتب الحاجات التي ترفع إليها، و كالمنازل لآثار الرحمة من ذلك العالم إلينا.
نيشابورى نظام الدين حسن بن محمد ، تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان، ج6، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلميه، بيروت، 1416 ق، چاپ اول، صص 355 - 356