آیه 1 و 2 سوره معارج : زبدة التفاسير
زبدة التفاسير، ج7 ، ص 176
و لمّا ختم سورة الحاقّة بوعيد الكفّار، افتتح هذه السورة بمثل ذلك، فقال:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ضمّن «سأل» معنى: دعا، فعدّي تعديته، كأنّه قيل: دعا داع بعذاب واقع على نفسه. من قولك: دعا بكذا إذا استدعاه و طلبه. و منه قوله تعالى: يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ «1».
و عن ابن عبّاس: السائل النضر بن الحارث، فإنّه قال: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ «2». و قيل: أبو جهل: فإنّه قال: فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ «3» سأله استهزاء. و قيل: هو الرسول، استعجل بعذابهم.
و قرأ نافع و ابن عامر: سال. و هو إمّا من السؤال على لغة قريش. يقولون:
سلت تسال، و هما يتسالان. أو يكون من السيلان. و المعنى: اندفع عليهم وادي عذاب فذهب بهم و أهلكهم. و مضيّ الفعل لتحقّق وقوعه، إمّا في الدنيا، و هو قتل بدر، أو في الآخرة، و هو عذاب النار.
و عن قتادة: سأل سائل عن عذاب اللّه على من ينزل و بمن يقع؟ فنزلت.
______________________________
(1) الدخان: 55.
(2) الأنفال: 32.
(3) الشعراء: 187.
زبدة التفاسير، ج7، ص 177
و على هذا، «سأل» مضمّن معنى: عنى و اهتمّ.
و قال السيّد أبو الحمد: حدّثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني، قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الشيرازي، قال: حدّثنا أبو بكر الجرجرائي، قال: حدّثنا أبو أحمد البصري، قال: حدّثنا محمّد بن سهل، قال: حدّثنا زيد بن إسماعيل مولى الأنصار، قال:
حدّثنا محمد بن أيّوب الواسطي، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمّد الصادق، عن آبائه صلوات اللّه عليهم، قال: «لمّا نصب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا عليه السّلام يوم غدير خم و قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، طار ذلك في البلاد، فقدم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم النعمان بن الحرث الفهري، فقال: أمرتنا عن اللّه أن نشهد أن لا إله إلّا اللّه و أنّك رسول اللّه، و أمرتنا بالجهاد و الحجّ و الصلاة و الصوم و الزكاة، فقبلناها. ثمّ لم ترض حتّى نصبت هذا الغلام فقلت: من كنت مولاه فعليّ مولاه. فهذا شيء منك، أو أمر من عند اللّه؟
قال: و اللّه الّذي لا إله إلّا هو إنّ هذا من اللّه.
فولّى نعمان بن الحرث و هو يقول: اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء. فرماه اللّه بحجر على رأسه فقتله. فأنزل اللّه تعالى:
«سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ»» «1».
لِلْكافِرينَ صفة اخرى ل «عذاب»، أي: بعذاب واقع كائن للكافرين. أو متعلّق بالفعل، أي: دعا للكافرين بعذاب واقع. أو صلة ل «لواقع» أي: بعذاب نازل لأجلهم. و على قول قتادة: كلام مبتدأ جواب للسائل، أي: هو للكافرين. لَيْسَ لَهُ دافِعٌ يردّه.
كاشانى ملا فتح الله، زبدة التفاسير ، ج 7، تحقيق: بنياد معارف اسلامى، بنياد معارف اسلامى، قم، 1423 ق، چاپ اول، صص 176 - 177