آیه 55، سوره مائده : البرهان فى تفسير القرآن

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2 ، ص   315 

قوله تعالى:
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ [55]
3162/ «1»- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن‏
______________________________
(1)- الكافي 1: 354/ 77.
(1) الأنعام 6: 89.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص 316

الحسن بن محمد الهاشمي، قال: حدثني أبي، عن أحمد بن عيسى، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليه السلام)، في قوله عز و جل: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها «1».

قال: «لما نزلت‏ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏ اجتمع نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض: ما تقولون في هذه الآية؟ فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها، و إن آمنا فهذا ذل، حين يسلط علينا ابن أبي طالب.

فقالوا: قد علمنا أن محمدا صادق فيما يقول، و لكن نتولاه، و لن نطيع عليا فيما أمرنا- قال- فنزلت هذه الآية:

يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها يعني يعرفون ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، و أكثرهم الكافرون بالولاية».

3163/ «2»- و عنه: عن بعض‏ «2» أصحابنا، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الوهاب بن بشير، عن موسى بن قادم، عن سليمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏ «3».

قال: «إن الله تعالى أعظم و أجل و أعز و أمنع من أن يظلم، و لكنه خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، و ولايتنا ولايته، حيث يقول: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني الأئمة منا. ثم قال في موضع آخر: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏» ثم ذكر مثله.

3164/ «3»- و عنه: بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) قولنا «4» في الأوصياء أن طاعتهم مفروضة، قال: فقال: «نعم، هم الذين قال الله تعالى:

أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ‏ «5»، و هم الذين قال الله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا».

3165/ «4»- و عنه: عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محمد الهاشمي، عن أبيه، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا.
______________________________
(2)- الكافي 1: 113/ 11.
(3)- الكافي 1: 143/ 7.
(4)- الكافي 1: 228/ 3.
(1) النّحل 16: 83.
(2) في «ط»: عن عدّة من.
(3) البقرة 2: 57.
(4) في «س»: قوله لنا.
(5) النّساء 4: 59.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص 317

قال: «إنما يعني أولى بكم، أي أحق بكم و بأموركم و أنفسكم و أموالكم‏ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني عليا و أولاده الأئمة (عليهم السلام) إلى يوم القيامة. ثم وصفهم الله عز و جل فقال: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏، و كان أمير المؤمنين (عليه السلام) في صلاة الظهر، و قد صلى ركعتين،

و هو راكع، و عليه حلة قيمتها ألف دينار، و كان النبي (صلى الله عليه و آله) كساه إياها، و كان النجاشي أهداها له، فجاء سائل فقال: السلام عليك يا ولي الله، و أولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدق على مسكين. فطرح الحلة إليه و أومأ بيده إليه أن احملها.

فأنزل الله عز و جل فيه هذه الآية، و صير نعمة أولاده بنعمته، فكل من بلغ من أولاده مبلغ الإمامة يكون بهذه النعمة «1» مثله، فيتصدقون و هم راكعون، و السائل الذي سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) من الملائكة، و الذين يسألون الأئمة من أولاده يكونون من الملائكة».

3166/ «5»- و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، و الفضيل ابن يسار، و بكير بن أعين، و محمد بن مسلم، و يزيد بن معاوية، و أبي الجارود، جميعا، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «أمر الله عز و جل رسوله بولاية علي (عليه السلام) و أنزل عليه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏ و فرض ولاية أولي الأمر، فلم يدروا ما هي، فأمر الله محمدا (صلى الله عليه و آله) أن يفسر لهم الولاية،

كما فسر لهم الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج، فلما أتاه ذلك من الله، ضاق بذلك صدر رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و تخوف أن يرتدوا عن دينهم، و أن يكذبوه، فضاق صدره، و راجع ربه عز و جل، فأوحى الله عز و جل إليه: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ‏ «2» فصدع بأمر الله تعالى ذكره، فقام بولاية علي (عليه السلام) يوم غدير خم، فنادى:
الصلاة جامعة. و أمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب».

قال عمر بن أذينة: قالوا جميعا غير أبي الجارود، و قال أبو جعفر (عليه السلام): «و كانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الاخرى، و كانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي‏ «3»». قال أبو جعفر (عليه السلام): «يقول الله عز و جل: لا انزل عليكم بعد هذه الفريضة، قد أكملت لكم الفرائض».

3167/ «6»- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن حاتم (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي، قال: حدثنا كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز و جل: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الآية.
______________________________
(5)- الكافي 1: 229/ 4.
(6)- الأمالي: 107/ 4.
(1) في المصدر: الصفة.
(2) المائدة 5: 67.
(3) المائدة 5: 3.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص 318

قال: «إن رهطا من اليهود أسلموا، منهم: عبد الله بن سلام، و أسد، و ثعلبة «1»، و ابن يامين، و ابن صوريا، فأتوا النبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا نبي الله، إن موسى (عليه السلام) أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيك يا رسول الله؟ و من ولينا من بعدك؟ فنزلت هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏ ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): قوموا فقاموا و أتوا المسجد، فإذا سائل خارج،

فقال: يا سائل، أما أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم، هذا الخاتم. قال: من أعطاكه؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي. قال: على أي حال أعطاك؟ قال: كان راكعا. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله) و كبر أهل المسجد، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): علي بن أبي طالب وليكم بعدي. قالوا: رضينا بالله ربا، و بالإسلام دينا، و بمحمد نبيا، و بعلي بن أبي طالب وليا. فأنزل الله عز و جل: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ‏ «2»».

و روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: و الله لقد تصدقت بأربعين خاتما، و أنا راكع، لينزل في ما نزل في علي ابن أبي طالب فما نزل.

3168/ «7»- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صفوان، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس و عنده قوم من اليهود، فيهم عبد الله بن سلام، إذ نزلت عليه هذه الآية، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المسجد، فاستقبله سائل، فقال: هل أعطاك أحد شيئا؟
قال: نعم، ذلك المصلي. فجاء رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فإذا هو علي (عليه السلام)».

3169/ «8»- الشيخ المفيد في (الاختصاص): عن أحمد بن محمد بن عيسى، [عن محمد بن خالد البرقي‏] «3»، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الأوصياء طاعتهم مفترضة؟
فقال: «هم الذين قال الله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ‏ «4»، و هم الذين قال الله:
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏».

3170/ «9»- الشيخ في (أماليه)، قال: حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثني الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا العباس بن عبد الله العنبري، عن عبد الرحمن بن الأسود الكندي اليشكري، عن عون‏
______________________________
(7)- تفسير القمّي 1: 170.
(8)- الاختصاص: 277.
(9)- الأمالي 1: 58.
(1) هما: أسد بن عبيد، و ثعلبة بن سعية. انظر سيرة ابن هشام 2: 206. و في «س» و «ط»: و أسد بن ثعلبة.
(2) المائدة 5: 56.
(3) أثبتناه من المصدر، و كذا في معجم رجال الحديث 14: 48.
(4) النّساء 4: 59.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص 319

ابن عبيد الله، عن أبيه، عن جده أبي رافع، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما و هو نائم، و حية في جانب البيت، فكرهت أن أقتلها فأوقظ النبي (صلى الله عليه و آله)، و ظننت أنه يوحى إليه، فاضطجعت بينه و بين الحية، فقلت: إن كان منها سوء كان إلي دونه. فمكثت هنيئة، فاستيقظ النبي (صلى الله عليه و آله) و هو يقول‏ «1»: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا حتى أتى على آخر الآية. ثم قال: «الحمد لله الذي أتم لعلي نعمته، و هنيئا له بفضل الله الذي آتاه». ثم قال لي: «ما لك ها هنا؟» فأخبرته بخبر الحية، فقال لي: «اقتلها» ففعلت.

ثم قال: «يا أبا رافع، كيف أنت و قوم يقاتلون عليا و هو على الحق و هم على الباطل، جهادهم حق لله عز اسمه، فمن لم يستطع فبقلبه، ليس ورائه شي‏ء». فقلت: يا رسول الله، أدع الله لي إن أدركتهم أن يقويني على قتالهم. قال: فدعا النبي (صلى الله عليه و آله) و قال: «إن لكل نبي أمينا، و إن أميني أبو رافع».

قال: فلما بايع الناس عليا بعد عثمان، و سار طلحة و الزبير، ذكرت قول النبي (صلى الله عليه و آله)، فبعت داري بالمدينة، و أرضا لي بخيبر، و خرجت بنفسي و ولدي مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، لأستشهد بين يديه، فلم أزل معه حتى عاد من البصرة، و خرجت معه إلى صفين، فقاتلت بين يديه بها، و بالنهروان أيضا، و لم أزل معه حتى استشهد (عليه السلام)، فرجعت إلى المدينة و ليس لي بها دار، و لا أرض، فأعطاني الحسن بن علي (عليهما السلام) أرضا بينبع، و قسم لي شطر دار أمير المؤمنين (عليه السلام)، فنزلتها و عيالي.

3171/ «10»- أبو علي الطبرسي، قال: حدثنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني القايني، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني‏ «2» (رحمه الله)، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم الفقيه الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الشعراني، قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزين الباشاني‏ «3»، قال: حدثنا المظفر ابن الحسين الأنصاري، قال: حدثنا السندي بن علي الوراق، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن قيس ابن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي،

قال: بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم، يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إذ أقبل رجل متعمم بعمامة، فجعل ابن عباس لا يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله)، إلا قال الرجل: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فقال ابن عباس: سألتك بالله، من أنت؟ فكشف العمامة عن وجهه، و قال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي: أن جندب بن جنادة البدري، أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) بهاتين و إلا صمتا، و رأيته بهاتين و إلا عميتا يقول: «علي قائد البررة، و قاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله». أما إني صليت مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في‏
______________________________
(10)- مجمع البيان 3: 324، شواهد التنزيل 1: 177/ 235، فرائد السمطين 1: 191/ 151، الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 124.
(1) في المصدر: يقرأ.
(2) في «س» و «ط»: أبو إسحاق الحسكاني، و الصواب ما في المتن من المصدر و تذكرة الحفاظ 3: 1200، و سير أعلام النبلاء 18: 268.
(3) في المصدر: البياشاني، و في شواهد التنزيل: القاشاني، و هو أحمد بن محمّد بن علي بن رزين الباشاني الهروي، ثقة، توفّي سنة (321 ه).
و الباشاني: نسبة إلى باشان، و هي قرية من قرى هراة. راجع معجم البلدان 1: 322. سير أعلم النبلاء 14: 523.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص 320

المسجد فلم يعطه أحد شيئا، فرفع السائل يده إلى السماء، و قال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله، فلم يعطني أحد شيئا. و كان علي (عليه السلام) راكعا فأومأ بخنصره اليمنى إليه، و كان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، و ذلك بعين رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما فرغ النبي (صلى الله عليه و آله) من صلاته رفع رأسه إلى السماء و قال: اللهم إن أخي موسى سألك فقال: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي* وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي‏ «1»

فأنزلت عليه قرآنا ناطقا سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما «2» اللهم، و أنا محمد نبيك، و صفيك، اللهم فاشرح لي صدري، و يسر لي أمري، و اجعل لي وزيرا من أهلي، عليا، اشدد به ظهري».

قال أبو ذر: فو الله ما استتم رسول الله (صلى الله عليه و آله) الكلمة حتى نزل عليه جبرئيل من عند الله فقال: يا محمد، اقرأ. قال: «و ما أقرأ؟» قال: اقرأ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الآية.
ثم قال الطبرسي: روى هذا الحديث‏ «3» أبو إسحاق الثعلبي في (تفسيره) بهذا الإسناد بعينه.

3172/ «11»- و عنه، قال: و روى أبو بكر الرازي في كتاب (أحكام القرآن) على ما حكاه المغربي عنه، و الطبري، و الرماني‏ أنها نزلت في علي (عليه السلام) حين تصدق بخاتمه و هو راكع. و هو قول مجاهد و السدي، و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) و جميع علماء أهل البيت.
و قال: قال الكلبي: نزلت في عبد الله بن سلام و أصحابه لما أسلموا و قطعت اليهود موالاتهم، فنزلت الآية.
و في رواية عطاء: قال عبد الله بن سلام: يا رسول الله، أنا رأيت عليا تصدق بخاتمه و هو راكع، فنحن نتولاه.

3173/ «12»- و عنه، قال: و قد رواه لنا السيد أبو الحمد، عن أبي القاسم الحسكاني بالإسناد المتصل المرفوع إلى أبي صالح، عن ابن عباس، قال: أقبل عبد الله بن سلام و معه نفر من قومه ممن قد آمنوا بالنبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، إن منازلنا بعيدة، و ليس لنا مجلس، و لا متحدث دون هذا المجلس، و إن قومنا لما رأونا آمنا بالله و رسوله و صدقناه رفضونا، و آلوا على أنفسهم بأن لا يجالسونا، و لا يناكحونا، و لا يكلمونا، فشق ذلك علينا؟

فقال لهم النبي (صلى الله عليه و آله): إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ‏ الآية.

ثم إن النبي (صلى الله عليه و آله) خرج إلى المسجد، و الناس بين قائم و راكع، فبصر بسائل، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «هل أعطاك أحد شيئا؟» فقال: نعم، خاتما من فضة. فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «من أعطاكه؟» قال: «ذلك القائم. و أومأ بيده إلى علي (عليه السلام). فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «على أية حال أعطاك؟» قال: أعطاني و هو
______________________________
(11)- مجمع البيان 3: 325، أحكام القرآن 4: 102.
(12)- مجمع البيان 3: 325، مناقب الخوارزمي: 186، شواهد التنزيل 1: 181/ 237، فرائد السمطين 1: 189/ 150.
(1) طه 20: 25- 32.
(2) القصص 28: 35.
(3) في المصدر: الخبر.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص 321

راكع. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله)، ثم قرأ: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ‏ «1».

فأنشأ «2» حسان بن ثابت يقول في ذلك شعرا:

أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي‏ و كل بطي‏ء في الهدى و مسارع‏
أ يذهب مدحيك المحبر «3» ضائعا و ما المدح في جنب الإله بضائع‏
فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا زكاة فدتك النفس يا خير راكع‏
فأنزل فيك الله خير ولاية و ثبتها مثنى كتاب الشرائع‏

3174/ «13»- و قال الطبرسي: و في حديث إبراهيم بن الحكم بن ظهير، أن عبد الله بن سلام أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) مع رهط من قومه، يشكون إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ما لقوا من قومهم، فبينما هم يشكون إذ نزلت هذه الآية، و أذن بلال، فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى المسجد، و إذا مسكين يسأل، فقال (صلى الله عليه و آله):

«ماذا أعطيت؟» قال: خاتما من فضة. فقال: «من أعطاكه؟» قال: ذلك القائم. فإذا هو علي (عليه السلام). قال: «على أي حال أعطاكه؟» قال: أعطاني و هو راكع. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله) و قال: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ‏ «4» الآية.

3175/ «14»- العياشي: عن الحسن بن زيد «5»، عن أبيه زيد بن الحسن، عن جده (عليه السلام)، قال: سمعت عمار ابن ياسر يقول: وقف لعلي بن أبي طالب سائل و هو راكع في صلاة تطوع، فنزع خاتمه، فأعطاه السائل، فأتى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأعلمه بذلك، فنزلت على النبي (صلى الله عليه و آله) هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏ إلى آخر الآية، فقرأها رسول الله (صلى الله عليه و آله) علينا. ثم قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه».

3176/ «15»- عن ابن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أعرض عليك ديني الذي أدين الله به، قال:
«هاته».

قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، و أشهد أن محمدا رسول الله، و أقر بما جاء به من عند الله. قال: ثم وصفت له الأئمة حتى انتهيت إلى أبي جعفر (عليه السلام)، قلت: و أقول فيك‏ «6» ما أقول فيهم. فقال: «أنهاك أن تذهب باسمي في الناس».
______________________________
(13)- مجمع البيان 3: 325، النور المشتعل: 67/ 7 «قطعة منه».
(14)- تفسير العيّاشي 1: 327/ 137، شواهد التنزيل 1: 173/ 231، فرائد السمطين 1: 194/ 153، الدر المنثور 3: 105.
(15)- تفسير العيّاشي 1: 327/ 138.
(1) المائدة 5: 56.
(2) في «ط»: فأنشد.
(3) حبّر الشعر و الكلام: حسنّه و زيّنه. «أقرب الموارد 1: 155».
(4) المائدة 5: 56.
(5) في المصدر: عن خالد بن يزيد، عن المعمر بن المكّي، عن إسحاق بن عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن الحسين (عليه السّلام)، عن الحسن بن زيد.
(6) في المصدر: و اقرّ بك.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص 322

قال أبان: قال ابن أبي يعفور: قلت له مع الكلام الأول: و أزعم أنهم الذين قال الله في القرآن: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ‏ «1» فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الآية الاخرى فاقرأ».
قال: قلت له: جعلت فداك، أي آية؟

قال: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏، قال:
فقال: «رحمك الله». قال: قلت: تقول: رحمك الله على هذا الأمر؟ قال: فقال: «رحمك الله على هذا الأمر».

3177/ «16»- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) جالس في بيته، و عنده نفر من اليهود- أو قال: خمسة من اليهود- فيهم عبد الله بن سلام، فنزلت هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏ «2» فتركهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) في منزله، و خرج إلى المسجد، فإذا بسائل قال له رسول الله (صلى الله عليه و آله): أصدق عليك أحد بشي‏ء؟ قال: نعم، هو ذاك المصلي. فإذا هو علي (عليه السلام)».

3178/ «17»- عن المفضل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «أنه لما نزلت هذه الآية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا شق ذلك على النبي (صلى الله عليه و آله) و خشي أن تكذبه‏ «3» قريش فأنزل الله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ‏ «4» الآية، فقام بذلك يوم غدير خم».

3179/ «18»- عن أبي جميلة، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: «إن الله أوحى إلي أن أحب أربعة: عليا، و أبا ذر، و سلمان، و المقداد».
فقلت: ألا فما كان من كثرة الناس، أما كان أحد يعرف هذا الأمر؟ فقال: «بلى، ثلاثة».
قلت: هذه الآيات التي أنزلت: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا و قوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ‏ «5» أما كان أحد يسأل فيمن‏ «6» نزلت؟ فقال: «من ثم أتاهم، لم يكونوا يسألون».

3180/ «19»- عن الفضيل‏ «7»، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا.
______________________________
(16)- تفسير العيّاشي 1: 328/ 139.
(17)- تفسير العيّاشي 1: 328/ 140.
(18)- تفسير العيّاشي 1: 328/ 141.
(19)- تفسير العيّاشي 1: 328/ 142.
(1) النّساء 4: 59.
(2) في «س» و «ط» زيادة: بهذا الفتى.
(3) في «ط»: يكذّبون.
(4) المائدة 5: 67.
(5) النّساء 4: 59.
(6) في المصدر: فيم.
(7) في المصدر: المفضّل، و كلاهما روى عن أبي جعفر (عليه السّلام)، انظر معجم رجال الحديث 13: 321 و 18: 281.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص 323

قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».
3181/ «20»- الطبرسي في (الاحتجاج) قال: و ما أجاب به أبو الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر و التفويض أن قال: «اجتمعت الامة قاطبة، لا اختلاف بينهم في ذلك، أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون، و على تصديق ما أنزل الله مهتدون، لقول النبي (صلى الله عليه و آله):

لا تجتمع امتي على ضلالة. فأخبر (عليه السلام) «1» أن ما اجتمعت عليه الامة، و لم يخالف بعضها بعضا، هو الحق، فهذا معنى الحديث، لا ما تأوله الجاهلون، و لا ما قاله المعاندون، من إبطال حكم الكتاب، و اتباع أحكام‏ «2» الأحاديث المزورة، و الروايات المزخرفة، و اتباع الأهواء المردية المهلكة، التي تخالف نص الكتاب، و تحقيق الآيات الواضحات النيرات، و نحن نسأل الله أن يوفقنا للصواب، و يهدينا إلى الرشاد».

ثم قال (عليه السلام): «فإذا شهد الكتاب بتصديق‏ «3» خبر و تحقيقه، فأنكرته طائفة من الامة و عارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة، فصارت بإنكارها و دفعها الكتاب كفارا ضلالا، و أصح خبر، ما عرف تحقيقه من الكتاب، مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله (صلى الله عليه و آله) حيث قال: إني مستخلف فيكم خليفتين:

كتاب الله و عترتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. و اللفظة الاخرى عنه، في هذا المعنى بعينه، قوله (صلى الله عليه و آله): إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله و عترتي أهل بيتي، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ما إن‏ «4» تمسكتم بهما لن تضلوا.

فلما وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله، مثل قوله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏ ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه تصدق بخاتمه و هو راكع، فشكر الله ذلك له، و أنزل الآية فيه.

ثم وجدنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه. و قوله (صلى الله عليه و آله): علي يقضي ديني، و ينجز موعدي، و هو خليفتي عليكم بعدي.

و قوله (صلى الله عليه و آله) حيث استخلفه على المدينة، فقال: يا رسول الله، أ تخلفني على النساء و الصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.

فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار، و تحقيق هذه الشواهد، فيلزم الامة الإقرار بها، إذا كانت هذه الأخبار وافقت القرآن، و وافق القرآن هذه الأخبار، فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله، و وجدنا كتاب الله موافقا لهذه الأخبار و عليها دليلا، كان الاقتداء بهذه الأخبار فرضا، لا يتعداه إلا أهل العناد و الفساد».
______________________________
(20)- الاحتجاج: 450.
(1) في «ط»: فأخبرهم.
(2) في المصدر: حكم.
(3) في «س»: بصدق.
(4) في «س» و «ط»: أما إنّكم إن.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص 324

3182/ «21»- الطبرسي في (الاحتجاج) أيضا، في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) [في احتجاجه على زنديق‏]: «فقال المنافقون لرسول الله (صلى الله عليه و آله): هل بقي لربك علينا بعد الذي فرض علينا شي‏ء آخر يفترضه فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ «1» يعني الولاية.

و أنزل الله: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏ و ليس بين الامة خلاف أنه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد و هو راكع، غير رجل واحد، و لو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط من ذكره، و هذا ما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب، ليجهل معناها المحرفون، فيبلغ إليك و إلى أمثالك، و عند ذلك قال الله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «2»».

3183/ «22»- و من طريق المخالفين: ما رواه موفق بن أحمد في كتاب (المناقب)، قال: أخبرنا الإمام الأجل شمس الأئمة سراج الدين أبو الفرج محمد بن أحمد المكي (أدام الله سموه)، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو محمد إسماعيل‏ «3» بن علي بن إسماعيل، قال: [حدثني‏] السيد الأجل، الإمام المرشد بالله أبو الحسين يحيى بن الموفق بالله، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن علي المؤدب، المعروف بالمكفوف، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن أبي هريرة، قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الوهاب،

قال: حدثنا محمد بن الأسود، عن محمد بن مروان‏ «4»، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: أقبل عبد الله بن سلام و معه نفر من قومه ممن قد آمنوا بالنبي (صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا رسول الله، إن منازلنا بعيدة، و ليس لنا مجلس و لا متحدث دون هذا المجلس، و إن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله و رسوله، و صدقناه، رفضونا، و آلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا [و لا يؤاكلونا]، و لا يناكحونا، و لا يكلمونا، و قد شق ذلك علينا؟ فقال لهم النبي (صلى الله عليه و آله): إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏.

ثم إن النبي (صلى الله عليه و آله) خرج إلى المسجد، و الناس بين قائم و راكع، و بصر بسائل، فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «هل أعطاك أحد شيئا؟» قال: نعم، خاتما من ذهب. فقال له النبي (صلى الله عليه و آله): «من أعطاكه؟»
______________________________
(21)- الاحتجاج: 255.
(22)- المناقب: 186.
(1) سبأ 34: 46.
(2) المائدة 5: 3.
(3) في «س» و «ط»: أبو محمّد بن إسماعيل، و الصواب ما في المتن، انظر ترجمته في تاريخ بغداد 6: 304، معجم الأدباء 7: 19، سير أعلام النبلاء 15: 522.
(4) في المصدر: مروان بن محمّد، و الصواب ما في المتن. و هو: محمّد بن مروان بن عبد اللّه بن إسماعيل السدّي الكوفي، و يعرف بصاحب محمّد بن السائب الكلبي. تجد ترجمته في الجرح و التعديل 8: 86، تهذيب التهذيب 9: 436، تقريب التهذيب 2: 206.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص 325

قال: ذلك القائم. و أومأ بيده إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «على أي حال أعطاك؟» قال: أعطاني و هو راكع. فكبر النبي (صلى الله عليه و آله) ثم قرأ وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ‏ «1» فأنشأ حسان بن ثابت يقول:
أبا حسن تفديك نفسي و مهجتي إلى آخر الأبيات، و لقد تقدمت‏ «2».

3184/ «23»- و عنه، قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي‏ «3»، قال: أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة الزاهد إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرني والدي أبو بكر «4» أحمد بن الحسين البيهقي، حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله الصفار، حدثنا أبو يحيى عبد الرحمن بن محمد بن سلم‏ «5» الرازي الأصبهاني، حدثنا يحيى بن الضريس‏ «6»، حدثنا عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، قال:

[حدثني أبي، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب، قال:] «نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه و آله) إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ‏ فخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) و دخل المسجد، و الناس يصلون ما بين راكع و ساجد، و إذا سائل، فقال له رسول الله (صلى الله عليه و آله):

يا سائل، أعطاك أحد شيئا؟ قال: لا، إلا هذا الراكع، أعطاني خاتما». [و أشار إلى علي (عليه السلام)، فكبر النبي (صلى الله عليه و آله)، و قال: «الحمد لله الذي أنزل الآيات البينات في أبي الحسن و الحسين»] «7».
3185/ «24»- قال الشيخ الفاضل محمد بن علي بن شهر آشوب في قوله تعالى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الآية،
______________________________
(23)- المناقب للخوارزمي: 187، شواهد التنزيل 1: 175/ 233، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من تاريخ دمشق لابن عساكر 2: 409/ 915، الدر المنثور 3: 105.
(24)- المناقب 3: 2، أسباب النزول: 113، روضة الواعظين: 92، العمدة: 119 عن الثعلبي، تفسير الرازي 12: 26.
(1) المائدة 5: 56.
(2) تقدم في الحديث (12) من تفسير هذه الآية.
(3) في «س» و «ط»: القاضي، و الظاهر أن الصواب ما في المتن، لوروده بهذا الضبط كثيرا في نفس المصدر، انظر: 29 و 67 و 71 و 111 و غيرها.
(4) في «س» و «ط»: حدثنا والدي، حدثنا بكر، و فيه تصحيف و سقط، و الصواب ما في المتن. راجع في ترجمة الوالد و الولد: سير أعلام النبلاء 18: 163 و 19: 313.
(5) في «س» و «ط»: أبو عيسى عبد الله بن سلمة، و في المصدر: أبو يحيى عبد الله بن سلمة، و كلاهما تصحيف، و الصواب ما أثبتناه، كما في معرفة علوم الحديث: 102 و أخبار أصفهان 2: 112 و سير أعلام النبلاء 13: 530.
(6) في «س»: يحيى بن حريس، و في المصدر: يحيى بن حريش، و كلاهما تصحيف، و هو قاضي الري أبو زكريا يحيى بن الضريس بن يسار البجلي، توفي سنة (203). تجد ترجمته في الجرح و التعديل 9: 158، سير أعلام النبلاء 9: 499، تهذيب التهذيب 11: 232.
(7) في «ط»: و أومأ بيده إلى علي.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص 326

قال: اجتمعت الامة أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) لما تصدق بخاتمه و هو راكع، و لا خلاف بين المفسرين في ذلك. ذكره الثعلبي، و الماوردي، و القشيري، و القزويني، [و الرازي‏]، و النيسابوري، و الفلكي، و الطوسي، و الطبري‏ «1»، و أبو مسلم الأصفهاني‏ «2» في تفاسيرهم عن السدي، و مجاهد، و الحسن، و الأعمش، و عتبة بن أبي حكيم، و غالب بن عبد الله، و قيس بن الربيع، و عباية بن ربعي، و عبد الله بن عباس، و أبي ذر الغفاري. و ذكره ابن البيع في (معرفة اصول الحديث) عن عيسى بن عبد الله بن عمر «3» بن علي بن أبي طالب، و الواحدي في (أسباب نزول القرآن) عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، و السمعاني في (فضائل الصحابة) عن حميد الطويل، عن أنس، و سليمان بن أحمد في (معجمه الأوسط) عن عمار، و أبو بكر البيهقي في (المصنف) «4». و محمد الفتال في (التنوير) و في (الروضة) عن عبد الله بن سلام، و إبراهيم الثقفي، عن محمد بن الحنفية، و عبيد الله بن أبي رافع، و عبد الله بن عباس، و أبي صالح، و الشعبي، و مجاهد، و عن زرارة بن أعين، عن محمد بن علي الباقر (عليه السلام) في روايات مختلفة الألفاظ، متفقة المعاني‏ «5»،

و النطنزي في (الخصائص) عن ابن عباس. و (الإبانة) عن الفلكي‏ «6»، عن جابر الأنصاري، و ناصح التميمي، و ابن عباس و الكلبي [و في (أسباب النزول) عن الواحدي‏]: أن عبد الله بن سلام أقبل و معه نفر من قومه، و شكوا بعد المنزل عن المسجد و قالوا: إن قومنا لما رأونا مسلمين‏ «7» رفضونا [و لا يكلمونا] و لا يجالسونا.

و تقدم الحديث‏ «8»، و ذكر محمد بن علي بن شهر آشوب ذلك، و زاد عليه رواة تركنا ذكرهم مخافة الإطالة.

فائدة
3186/ «1»- روى عمار بن موسى الساباطي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين (عليه السلام) وزن أربعة مثاقيل، حلقته من فضة، و فصه خمسة مثاقيل، و هو من ياقوتة حمراء، و ثمنه خراج الشام، و خراج الشام ثلاث مائة حمل من فضة، و أربعة أحمال من ذهب.
______________________________
(1)- ... غاية المرام: 109.
(1) في «س» و «ط»: الطبرسي.
(2) (و أبو مسلم الأصفهاني) ليس في المصدر.
(3) في «س»: عيسى بن عبد اللّه بن عبد اللّه، و الصواب ما في المتن، راجع معجم رجال الحديث 13: 197 و الحديث (23)
(4) في «س» و «ط»: النيف.
(5) (في روايات ... المعاني) جاءت هذه الجملة في المصدر بعد قوله (الكلبي) الآتي.
(6) في «س» و «ط»: و الفلكي في الإبانة، و الظاهر أنّ الصواب ما في المتن، و لعلّ الفلكي هو أبو الفضل عليّ بن الحسين بن أحمد المعروف بالفلكي، من معاصري ابن بطّة صاحب (الإبانة). انظر سير أعلام النبلاء 17: 502.
(7) في المصدر: أسلمنا.
(8) تقدّم في الحديث (22) من تفسير هذه الآية.

البرهان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 327

و كان الخاتم لمروان بن طوق، قتله أمير المؤمنين (عليه السلام) و أخذ الخاتم من إصبعه، و أتى به إلى النبي (صلى الله عليه و آله) من جملة الغنائم، و أمره النبي (صلى الله عليه و آله) أن يأخذ الخاتم، فأخذ الخاتم، فأقبل و هو في إصبعه، و تصدق به على السائل في أثناء ركوعه، في أثناء صلاته خلف النبي (صلى الله عليه و آله)».

3187/ «2»- و ذكر الغزالي في كتاب (سر العالمين): أن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين (عليه السلام) كان خاتم سليمان بن داود.

3188/ «3»- و قال الشيخ الطوسي: إن التصدق بالخاتم كان ليوم الرابع و العشرين من ذي الحجة، و ذكر ذلك صاحب كتاب (مسار الشيعة) و ذكر أنه أيضا يوم المباهلة «1».

نسخه شناسی

درباره مولف

کتاب شناسی

منابع: 

بحرانى، هاشم بن سليمان‏، البرهان فى تفسير القرآن‏، تحقيق: قسم الدراسات الاسلامية موسسة البعثة- قم‏، تهران‏، بنياد بعثت‏، 1416 ق‏، چاپ اول‏، ج‏2 ، صص 315 - 327