آیه 55، سوره مائده : الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن ، ج‏9 ، ص  43

إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (55) ______________________________
قال: يرد علي يوم القيامة رهط من اصحابي فيجلون عن الحوض فأقول يا رب اصحابي فيقال: انك لا علم لك بما أحدثوا بعدك انهم ارتدوا على ادبارهم القهقرى.

أقول: علّ «لا علم لك» سؤال تقرير انه كان يعلم و يقول هذا ليبرز الحق بلسان الحق.
و في تفسير البرهان 1: 478 محمد بن إبراهيم النعماني بسند متصل عن سليمان بن هارون العجلي قال سمعت أبا عبد اللَّه (ع) يقول: ان صاحب هذا الأمر محفوظ له لو ذهب الناس جميعا أتى اللَّه بأصحابه و هم الذين قال اللَّه عزّ و جل: «فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ» و هم الذين قال اللَّه: «فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ ..».

و فيه عن تفسير العياشي عن سليمان بن هارون قال‏ قلت له ان بعض هؤلاء العجلة يزعمون ان سيف رسول اللَّه (ص) عند عبد اللَّه بن الحسن فقال و اللَّه ما رأى هؤلاء و لا أبوه بواحدة عن عينيه إلّا أن يكون أراه أبوه عند الحسين (ع) و ان صاحب هذا الأمر محفوظ له فلا تذهبن يمينا و لا شمالا فان الأمر واضح و اللَّه و لو ان اهل السماء و الأرض اجتمعوا على ان يحولوا هذا عن موضعه الذي وضعه اللَّه فيه استطاعوا و لو ان الناس كفروا جميعا حتى لا يبقى أحد لجاء اللَّه لهذا الأمر بأهل يكونون من أهله ثم قال: أما تسمع اللَّه يقول: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ..»

و قال في آية أخرى: «فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ» ثم قال: ان هذه الجماعة هم أهل هذه الآية.

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏9، ص 44

هذه الآية هي من عداد الآيات البينات التي يستدل بها على الولاية الرسالية للإمام علي أمير المؤمنين (ع) بعد الرسول (ص) فإن خلافته المعصومة و ولايته استمرارية للرسالة القدسية المحمدية (ص).
و نحن في هذا الفرقان لسنا لنفسر الآيات بالصبغة المذهبية الخاصة تحميلا على القرآن ما لا يتحمله،

إنما نستنبط من القرآن بصورة مجردة ما يعنيه، وافق مذهبنا أم خالفه في أي حقل من حقول المعرفة القرآنية.

هنا «إنما» تحصر الولاية المعنية من «وليكم» و المخاطبون هم كل المرسل إليهم في هذه الرسالة السامية، فولاية اللَّه معلومة أنها طليق الولاية تكوينية و تشريعية و شرعية أماهيه، و ولاية الرسول هي الولاية الطليقة الشرعية حسب ما تحدده آيات ولايته (ص) ك «النَّبِيُّ أَوْلى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ..» (33: 6) و «أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» (4: 59) و ما أشبه، فليست له ولاية تكوينية و لا تشريعية لاختصاصهما بساحة الربوبية القدسية.

و أما «الَّذِينَ آمَنُوا» فتراهم كل المؤمنين المأمورين- فيمن أمروا- بهذه الولاية؟ و كيف يوالي المؤمن نفسه إلّا حبا لنفسه هو طبيعة الحال لحد محبور، و لا يحتاج إلى امر و تحريض، بل الأوامر تترى على حدّ يحدد تلك المحبة بما ليس من المحظور، إضافة إلى أن مواصفة أهل الولاية هنا ب «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ» لا تختص هذه الولاية المنحصرة بهؤلاء الموصوفين، فالمؤمن الأعرف الأتقى ممن يؤتي الزكاة راكعا إن لم تتفق له هذه الزكاة فزكى ساجدا أم قائما أم في غير صلاة، هو خارج عن هذه الولاية المنحصرة التي تضاهي ولاية الرسول (ص) أو تساويها!.

من هنا نتبين صراحا أن ليست لهذه المواصفات موضوعية تأهل منحصرة لهذه الولاية، فلتكن من العناوين المشيرة إلى شخص خاص أو أشخاص‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏9، ص 45

خصوص هم من أهل هذه الولاية الخاصة لا- فقط- لصلاتهم و زكاتهم حالة الركوع، بل لصلاحية أخرى كصلاح الرسول (ص) لم يكشف عنها النقاب هنا صراحا، و قد نعرف أنها صلاحية تتلو الرسالة لحد يتحمل صاحبها ولاية الرسالة.

إن الولاية العامة بين المؤمنين بالنسبة لبعضهم البعض تحملها أمثال:
«الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ» (8: 71) و هي ولاية المحبة و المناصرة، و من قضاياهما الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و الولاية الشرعية بينها- و هي لمدراء الشريعة- ليست ولاية مطلقة.

أما الولاية الخاصة و هي الشرعية المطلقة فهي محصورة في الرسول (ص) بعد اللَّه، ثم الذين يحملون رسالة العصمة بعد رسول اللَّه (ص) و هم الخلفاء المعصومون عليهم السلام.

فلننظر في ذلك العنوان المشير في آيتنا أنه إلى من يشير، بعد ما نعرف أن المشار إليه هو من المخصوصين بولاية العصمة، غير المنطبقة على أحد من الأمة الإسلامية بعد الرسول (ص) إلّا المتفق بينهم على أنه لم يخطأ و لن.

إنه حسب متواتر الحديث عن الرسول (ص) و أئمة أهل بيته عليهم السلام هو الإمام علي عليه السلام و الأئمة من ولده المعصومين عليهم السلام في التأويل‏ «1».
______________________________
(1). نور الثقلين 1: 643 في أصول الكافي بسند متصل عن أبي عبد اللَّه (ع) في هذه الآية قال: إنما يعني أولى بكم و أحق بكم و بأموركم من أنفسكم و أموالكم اللَّه و رسوله و الذين آمنوا يعني عليا و أولاده الأئمة عليهم السلام الى يوم القيامة ثم وصفهم اللَّه عزّ و جلّ فقال الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون و كان‏

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏9، ص 46

و هو شخصه في التنزيل‏ «2».
______________________________
أمير المؤمنين في صلاة الظهر و قد صلى ركعتين و هو راكع و عليه حلة قيمتها الف دينار و كان النبي (ص) أعطاه إياها و كان النجاشي أهداها له في رسائل فقال:

السلام عليك يا ولي اللَّه و أولى بالمؤمنين من أنفسهم تصدق على مسكين فطرح الحلة اليه و آوى بيده أن احملها فأنزل اللَّه عزّ و جلّ فيه هذه الآية و صيره نعمة أولاده بنعمته و كل من بلغ من أولاده مبلغ الامامة يكون بهذه النعمة مثله فيتصدقون و هم راكعون و السائل الذي سأل امير المؤمنين (ع) من الملائكة و الذين يسألون الأئمة من أولاده يكونون من الملائكة.

و فيه 646 عن زرارة عن أبي جعفر عليهما السلام‏ في الآية يعني الأئمة منا،
أقول: و قد تواترت الرواية عنهم عليهم السلام أن المعني من‏ «الَّذِينَ آمَنُوا» هم الأئمة عليهم السلام كلهم.
(2) الدر المنثور 3: 293- اخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال: تصدق علي (ع) بخاتمه و هو راكع فقال النبي (ص) للسائل من أعطاك هذا الخاتم؟
قال: ذاك الراكع فأنزل اللَّه‏ «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ..»

و أخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن جرير و أبو الشيخ و ابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: نزلت في علي بن أبي طالب (ع)،

و اخرج الطبراني في الأوسط و ابن مردويه عن عمار بن ياسر قال‏ وقف بعلي سائل و هو راكع في صلاة تطوع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فأتى رسول اللَّه (ص) فأعلمه ذلك فنزلت على النبي (ص) هذه الآية فقرأها رسول اللَّه (ص) على أصحابه ثم قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه» و أخرجه أبو الشيخ و ابن مردويه عن علي بن أبي طالب (ع) و فيه مثله عن سلمة بن كهيل و مجاهد،

و فيه أخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال‏ أتى عبد اللَّه بن سلام و رهط معه من اهل الكتاب نبي اللَّه (ص) عند الظهر فقالوا يا رسول اللَّه (ص) ان بيوتنا قاصية لا نجد من يجالسنا و يخالطنا دون هذا المسجد و ان قومنا لما رأونا قد صدقنا اللَّه و رسوله و تركنا دينهم أظهروا العداوة و أقسموا أن لا يخالطونا و لا يؤاكلونا فشق ذلك علينا فبينا هم يشكون ذلك الى رسول اللَّه (ص) إذ نزلت هذه الآية على رسول اللَّه (ص)

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏9، ص 47

______________________________
«إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ..» و نودي بالصلاة صلاة الظهر و خرج رسول اللَّه (ص) فقال:
أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم، قال: من؟ قال: ذاك الرجل القائم، قال:

على أي حال أعطاكه؟ قال: و هو راكع، قال: و ذاك علي بن أبي طالب فكبر رسول اللَّه (ص) عند ذلك و هو يقول: «وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ»

و فيه أخرج الطبراني و ابن مردويه و ابو نعيم عن أبي رافع قال: دخلت على رسول اللَّه (ص) و هو نائم يوحى إليه فإذا حية في جانب البيت فكرهت أن أبيت عليها فأوقظ النبي (ص) و خفت أن يكون يوحى إليه فاضطجعت بين الحية و بين النبي (ص) لئن كان منها سوء كان في دونه فمكث ساعة فاستيقظ النبي (ص) و هو يقول: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ..» الحمد للَّه الذي أتم لعلي نعمه و هيّأ لعلي بفضل اللَّه إياه.

ذلك و قد اخرج المرجع الديني السيد شهاب الدين المرعشي النجفي في ملحقات إحقاق الحق ج 2: 399: 408 نزول هذه الآية في الإمام علي (ع) عن واحد و ثلاثين مصدرا قائلا ان هذه ما حضرتنا من المصادر و هنالك شي‏ء كثير مما ليس عندنا، و المصادر المذكورة كالتالية:

رواه جامع الأصول 9: 478 عن الجامع بين الصحاح الست للشيخ أبي الحسن رزين بن معاوية بن عمار العيدري الأندلسي السرقسطي، و محب الدين الطبري في ذخائر العقبى 88 و الآلوسي في روح المعاني 6: 149 قائلا: و غالب الأخباريين على انها نزلت في علي كرم اللَّه وجهه، و الشوكاني في فتح القدير 3:

50 و ابن حيان في البحر المحيط 3: 513 و الواحدي النيسابوري في أسباب النزول 148 و السيوطي في لباب النقول 90 و ابن الجوزي في التذكرة 18 و الثعلبي مسندا الى أبي ذر الغفاري‏ خرج رسول اللَّه (ص) و علي قائم يصلي و معه خاتم، و في المسجد سائل فقال رسول اللَّه (ص) هل أعطاك أحد شيئا؟ فقال: نعم ذلك المصلي هذا الخاتم و هو راكع فكبر رسول اللَّه (ص) و نزل جبرائيل (ع) يتلو هذه الآية
فقال حسان بن ثابت:

من ذا بخاتمه تصدق راكعا و أسرها في نفسه اسرارا
من كان بات على فراش محمد و محمد أسرى يوم الغارا

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏9، ص 48

فليست هذه الولاية- المختصة بعد الرسول (ص) بالذين آمنوا هنا- تشمل كل المؤمنين، و لا كل هؤلاء الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون، فقد يروى أن عمر بن الخطاب قال: «و الله لقد تصدقت بأربعين خاتما و أنا راكع لينزل في ما نزل في علي بن أبي طالب فما نزل» «1».
______________________________

من كان في القرآن سمي مؤمنا  في تسع آيات تلين غزارا  و الشبلنجي في نور الأبصار 105 و في كتاب المباهلة نقلا عن كتاب كفاية الطالب للكنجي الشافعي 106 و 122 نزول الآية في علي (ع) و من قوله فيه: هكذا ذكره حافظ العراقين في مناقبه و تابعه الخوارزمي و رواه الحافظ محدث الشام بطريقين و البيضاوي في أنوار التنزيل 120 و الطبري في التفسير 6: 165 و الخطيب البغدادي في تفسيره 1: 475 و النسفي المطبوع بهامش تفسير الخازن 1: 484 و القندوزي الحنفي في ينابيع المودة 1: 114 و الزمخشري في الكشاف 1: 347 قائلا:

فان قلت كيف صح ان يكون لعلي رضي اللَّه عنه و اللفظ لفظ جماعة؟ قلت: جي‏ء به على لفظ الجمع و ان كان السبب فيه رجلا واحدا ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه و لينبه ان سجية المؤمنين يجب ان تكون على مثل هذه الغاية من الحرص على البر و الإحسان و تفقد الفقراء حتى إن لزمهم امر لا يقبل التأخير و هم في الصلاة لم يؤخروه الى الفراغ منها،

و ابن حجر العسقلاني في الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف 56 و فخر الدين الرازي في تفسيره 12: 26 و منهم السيد رشيد رضا في المنار 6: 442 و نظام الدين النيسابوري الأعرج في تفسيره بهامش تفسير الطبري 6: 145 و إسماعيل بن كثير في تفسيره الشهير 2: 71 و ابن بطريق في العمدة 59 و أبو بكر الرازي في احكام القرآن 3: 543 و القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 6: 221 و الشيخ اسعد بن ابراهيم بن الحسني الأربلي في الأربعين حديثا و الترمذي في مناقب المرتضوي.

أقول: هذا طرف من أقوال إخواننا من محدثين و مفسرين و سائر المؤلفين، و اما من طرق أصحابنا فكثير كثير نشير الى طرف منها يسير في طيات البحث عن الآية.
(1).
نور الثقلين 1: 647 في امالي الصدوق عن أبي جعفر عليهما السلام في سرد-

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏9، ص 49

ذلك! و لا تقبل هذه الولاية الخاصة من معاني الولاية العامة إلّا الأولوية، حيث المحبة و المناصرة هما ولاية عامة بين المؤمنين ككل.

و لماذا هنا «الَّذِينَ آمَنُوا» بصيغة عامة و القصد إلى شخص خاص أم أشخاص خصوص؟ حيث القصد جمع خاص هم في القمة العليا من الإيمان و هم ولاة الأمر المعصومون الاثنى عشر بعد النبي (ص)، و لأن الحاضر منهم لم يكن إلّا علي (ع) معدا للولاية بعده (ص) لذلك أشير إليه بذلك العنوان المشير:

«الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ» و لكي يعرف منهم أوّلهم بذلك النص الجلي و الحث العلي، كما و أن إيتاء الزكاة حال الركوع دليل باهر لا حول عنه على مدى سماحته و حنانه للفقراء لحد لا ينساهم في معراج ربه، نفسية علية عظيمة تجمع بين كامل الاتجاه إلى اللَّه و كافل الرعاية لعباد اللَّه، و هي مقام جمع الجمع الخاص بالخصوص من عباد اللَّه، حيث يجمع في حضنه كافة المعصومين الرساليين.
ذلك، و كما أنه ترغيب لرعاية السائلين و إجابتهم في كافة الأحوال حتى الصلاة التي لا مدخل فيها لغير اللَّه.

فالداخلون في هذه الولاية المثلثة- الموحدة في أصلها، المتعددة في فصلها- أولئك هم حزب اللَّه الغالبون‏ «وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ» فلأن‏ «وَ هُمْ راكِعُونَ» كعنوان مشير دلت على المعنيين من هذه الولاية الخاصة، فلا تتكرر هنا، اكتفاء ب «الَّذِينَ آمَنُوا»
______________________________
القصة الى أن قال: فكبر النبي (ص) و كبر اهل المسجد فقال النبي (ص) علي بن أبي طالب (ع) وليكم بعدي، قالوا: رضينا باللَّه ربا و بالإسلام دينا و بمحمد نبيا و بعلي بن أبي طالب (ع) ولينا فأنزل اللَّه عزّ و جلّ: «وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ»
فروي عن عمر بن الخطاب ...

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن، ج‏9، ص 50

تدليلا على أن حملة هذه الولاية بعد الرسول (ص) هم جمع أشير إلى أولهم و لمّا يأت الآخرون.
فالقول إن وقوع الآية بعد آية النهي عن ولاية اليهود و النصارى قد تحوّل تلك الولاية إلى عامتها بين عامة المؤمنين، معاكسة للولاية المحظورة بالولاية المحبورة، إنه مردود أوّلا بأن السياق- إن كان- ليس ليعارض النص المقيّد للولاية هنا بغير النصرة و المحبة، و أن وقوع هذه بعد تلك في ترتيب التأليف لا يدل على أنها واقعة بعدها- كذلك- في ترتيب التنزيل.

ذلك، و الولاية المنهي عنها في السابقة تعم سائر الولاية إلى ولاية السلطة، بل هي المقصودة العليا من سلبية الولاية، فإن ولاية الحب هنا منفية بقضية الإيمان، و ولاية النصرة هي عوان بينهما.

هذا، و حتى إن كانت هذه الآية نازلة بعد الناهية عن ولاية الكفار، فقد أريد بهذه الولاية خصوص السلطة و الأولوية الحفيظة على كيان المؤمنين كيلا يتفلتوا إلى الكفار في أية ولاية، حيث السلطة المعصومة المستمرة منذ الرسول (ص) إلى ما بعد ارتحاله هي العاصمة عن أمثال هذه الفلتات المدمرة المزمجرة الهدامة لصرح الإيمان فرديا و جماعيا.

نسخه شناسی

درباره مولف

کتاب شناسی

منابع: 

صادقى تهرانى، محمد، الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن‏، قم‏، انتشارات فرهنگ اسلامى‏، 1365 ش‏، چاپ دوم‏، ج‏9 ، صص 43 - 50