آیه 1 و2 سوره معارج : التبيان فى تفسير القرآن

التبيان فى تفسير القرآن،  ج‏10 ، ص 111  

قرأ اهل المدينة و أهل الشام (سال) بغير همز و هو يحتمل أمرين:
أحدهما- ان يكون من السيل تقول: سال يسيل سيلا فهو سائل، و سايل واد في جهنم، كما قال‏ (أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و الفلق جب في جهنم. و اجمعوا على همزة (سائل) لأنه و لو كان من (سال) بغير همز، فالياء تبدل همزة إذا وقعت بعد الالف مثل البائع و السائر من (باع، و سار).

و الثاني- بمعنى سأل بالهمزة، لأنها لغة يقولون سلت أسال، و هما يتسالان‏

التبيان فى تفسير القرآن، ج‏10، ص 113

قال الشاعر:

سالت هذيل رسول اللَّه فاحشة ضلت هذيل بما سالت و لم تصب‏ «1»

فهي لغة أخرى، و ليست مخففة من الهمزة الباقون بالهمز من السؤال الذي هو الطلب. و قرأ الكسائي وحده (يعرج) بالياء، لان تأنيث الملائكة ليس بحقيقي، الباقون- بالتاء. و قرأ ابن كثير- في رواية البزي- و عاصم في رواية البرجمي عن أبي بكر (و لا يسأل) بضم الياء. الباقون بفتح الياء اسندوا السؤال إلى الحميم.

حكى اللَّه تعالى انه‏ (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) قال الفراء: الداعي بالعذاب هو النضر بن كلدة أسر يوم بدر و قتل صبراً، هو و عقبة بن أبي معيط. و قال:

تقديره سأل سائل بعذاب (واقع للكافرين) قال ابن: خالويه قال النحويون:
إن الباء بمعنى (عن) و تقديره: سأل سائل عن عذاب واقع و انشد:

دع المعمر لا تسأل بمصرعه‏ و اسأل بمصقله البكري ما فعلا «2»

أي لا تسأل عن مصرعه، و هذا الذي سأل العذاب الواقع إنما تجاسر عليه لما كذب بالحق ليوهم أنه ليس فيه ضرر، و لم يعلم انه لازم له من اللَّه. و قال مجاهد:

سؤاله في قوله‏ (اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) «3» و قال الحسن: سأل المشركون، فقالوا: لمن هذا العذاب الذي يذكره محمد؟ فجاء جوابهم بأنه‏ (لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) و قيل: معناه دعا داع بعذاب للكافرين، و ذلك الداعي هو النبي صلى اللَّه عليه و آله، و اللام في قوله (للكافرين) قيل في‏
______________________________
(1) تفسير القرطبي 18/ 280
(2) قائله الأخطل اللسان (صقل)
(3) سورة 8 الانفال آية 32

التبيان فى تفسير القرآن، ج‏10، ص 114

معناها قولان:

أحدهما- إنها بمعنى (على) و تقديره سأل سائل بعذاب واقع على الكافرين، ذهب اليه الضحاك.

و الثاني- إنها بمعنى (عن) أي ليس له دافع عن الكافرين، و إنما ذكر وعيد الكافر- هاهنا- مع ذكره في غير هذا الموضع، لأن فيه معنى الجواب لمن سأل العذاب الواقع، فقيل له: ليس لعذاب الكافرين دافع، فاعمل على هذا، و تقدم نظيره و تأخر، و الدافع هو الصارف للشي‏ء عن غيره باعتماد يزيله، عنه دفعه عن كذا يدفعه دفعاً، فهو دافع و ذاك مدفوع.

نسخه شناسی 

درباره مولف

کتاب شناسی

منابع: 

طوسى، محمد بن حسن‏، التبيان فى تفسير القرآن‏، ج‏10، تحقيق: احمد قصيرعاملى‏، دار احياء التراث العربى، بيروت‏، چاپ اول‏، صص 111 - 114